صدى الشعب _ أسيـل جمـال الطـراونـة
قالت المستشارة النفسية والتربوية حنين البطوش أن الصحة النفسية للطفل تعني تمتعه بحالة عاطفية وسلوكية واجتماعية جيدة، تمكنه من مواجهة تحديات الحياة اليومية بفعالية، وبناء علاقات صحية، والتعلم والنمو بشكل سليم، والشعور الإيجابي تجاه ذاته، وإدارة مشاعره بطريقة مناسبة
وأضافت البطوش في حديثها لـ “صدى الشعب ” أن الطفل السليم نفسيًا يمكن تمييزه من خلال مجموعة من الصفات مثل السعادة والبهجة، والقدرة على تكوين صداقات والحفاظ عليها، ايضًا المشاركة الفعالة والتعاون مع الآخرين، والتركيز والانتباه، بالإضافة للمرونة في التعامل مع التغيرات، والتعبير الواضح عن مشاعره، والثقة بالنفس، والنوم المنتظم، وتوازن الشهية، ايضًا التفاعل الاجتماعي المتوازن، ومستوى النشاط المناسب لعمره.
كما تضيف أن الطفل الذي يتمتع بصحة نفسية جيدة لا يعني أنه لا يشعر بالحزن أو الغضب، بل يعرف كيف يتعامل مع هذه المشاعر بمساعدة بيئة داعمة وآمنة.
و أشارت إلى أن الصحة النفسية للطفل تتأثر بعوامل متعددة تتداخل في مختلف مراحل نموه، منها الاستعداد الوراثي والبيولوجي، وجودة العلاقات المبكرة مع الوالدين ومقدمي الرعاية، بالإضافة لإلى استقرار البيئة الأسرية من حيث التواصل والدعم العاطفي والوضع الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب أساليب التربية، والتجارب الصعبة التي يمر بها الطفل، وتأثير الأقران الذي يزداد مع التقدم في العمر، بالإضافة إلى العلاقات المدرسية والمناخ العام في المدرسة، وأخيرًا المجتمع والثقافة وما يوفرانه من دعم اجتماعي وقيم وأدوار لوسائل الإعلام.
وأوضحت بإن هناك علامات مبكرة قد تدل على أن الطفل يعاني من مشكلات نفسية، منها الانعزال المفاجئ، أو فرط النشاط غير المعتاد، أو السلوك العدواني، أو نوبات الغضب المتكررة، بالإضافة إلى تقلبات المزاج كالحزن أو القلق المستمر، أو فقدان الاهتمام بما كان يسعده.
وبينت بإن هذه العلامات مشكلات في النوم أو الأكل، وشكاوى جسدية مثل الصداع وآلام المعدة، وصعوبات التركيز، وتراجع الأداء الدراسي، وتجنب الأصدقاء والأنشطة الاجتماعية، والتعبير عن أفكار سلبية تجاه الذات، وعودة التبول اللاإرادي، والحديث المتكرر عن الموت أو الأذى. وتؤكد على أهمية عدم إهمال هذه الإشارات وطلب المساعدة المختصة عند الحاجة.
وأكدت البطوش على أهمية دور الأهل في تهيئة بيئة نفسية آمنة داخل المنزل، من خلال إظهار الحب والدعم غير المشروط، والتواصل الفعّال بالاستماع والتفهم، ووضع حدود واضحة للسلوك، وتوفير بيئة مستقرة، وتعزيز الاستقلالية، وقضاء وقت ممتع مع الطفل، وتعليمه حل المشكلات والتعبير عن مشاعره بطريقة صحية، مع ضرورة أن يكون الأهل نموذجًا إيجابيًا في التعامل مع الضغوط.
وشددت على أن طريقة تواصل الأهل مع أطفالهم تلعب دورًا حاسمًا في بناء الثقة بالنفس والاستقرار العاطفي، إذ يسهم الاستماع الفعّال والتواصل الإيجابي في تحفيز الطفل وتعزيز شعوره بالأمان.
كما أن تجنب النقد والمقارنات السلبية يحافظ على صورته الذاتية، واستخدام لغة تركز على الحلول وفتح الحوار حول المشاعر يخلق بيئة صحية للتعبير.
وعن كيفية التعامل مع نوبات الغضب أو الحزن تنصح البطوش الأهل بالصبر والتفهم، والهدوء أثناء النوبة الانفعالية، والاعتراف بمشاعر الطفل، مع تقديم الدعم والوجود بقربه ، وبعد أن يهدأ، يمكن تعليمه أساليب صحية للتعامل مع مشاعره، وتحديد أسباب الانفعالات إن وُجدت، مع ضرورة وضع حدود واضحة للسلوك غير المقبول حتى خلال هذه النوبات.
وحذرت البطوش من آثار العقاب التقليدي مثل الضرب أو الإهانة أو الصراخ، لما تسببه من مشاعر خوف وقلق وانعدام الأمان، وتدني الثقة بالنفس، واحتمالية تطور السلوكيات السلبية لدى الطفل، مثل التمرد أو العنف أو الانسحاب الاجتماعي.
وتدعو إلى بدائل تربوية قائمة على الحوار والتفاهم، مثل شرح العواقب، وتطبيق الوقت المستقطع، وتعليم مهارات حل المشكلات، واستخدام التعزيز الإيجابي، والقدوة الحسنة.
وتلفت إلى أهمية المدرسة والمعلمين في دعم الصحة النفسية للطفل من خلال خلق بيئة آمنة ومحفزة، تبني علاقات إيجابية بين الطالب والمعلم، وتعزز شعور الانتماء.
كما وأكدت على أهمية دمج مهارات الحياة الاجتماعية والعاطفية في الأنشطة الصفية، والتعرف المبكر على علامات الضيق، والتعاون مع الأهل، وتوفير الإرشاد النفسي، ومكافحة التنمر بفعالية، وتشجيع نقاط القوة لدى الطلاب.
وتحذر البطوش من خطورة المقارنة المستمرة مع الأقران، لما لها من أثر سلبي على نفسية الطفل، إذ تقلل من ثقته بنفسه، وتزيد مشاعر الغيرة والإحباط.
وتدعو إلى التركيز على التقدم الفردي للطفل، وتقدير الجهود، والاعتراف بالاختلافات بين الأطفال، وتشجيع التعاون بدلاً من التنافس السلبي، وتعزيز ثقته بنفسه.
واختتمت البطوش بالإشارة إلى آثار التنمر، الذي قد يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس، والقلق، والاكتئاب، والانسحاب الاجتماعي، وتراجع الأداء الدراسي، وحتى مشكلات صحية جسدية بلا سبب عضوي. وتدعو الأهل إلى الانتباه لأي تغيرات في سلوك طفلهم مرتبطة بالمدرسة، وفتح حوار معه بطريقة هادئة وداعمة، والتعاون مع المدرسة، والاستعانة بأخصائي نفسي عند الحاجة، لضمان تجاوز الطفل لأي تجربة مؤلمة بشكل سليم وآمن.