صدى الشعب – كتبت عبيدة يوسف عبده
يُعتبر الوعي من أعظم هبات العقل البشري، فهو القدرة على فهم الذات والآخرين، واتخاذ قرارات مبنية على المعرفة والخبرة، وتقييم النتائج المحتملة لأفعالنا. لكن مع كل هذه المزايا، يأتي الوعي بثمن، فالوعي مكلف، ليس بالضرورة بالمال، بل بالجهد النفسي والعاطفي والاجتماعي.
الوعي يتطلب تحمل المسؤولية. فالإنسان الواعي يدرك تأثير أفعاله على نفسه ومحيطه، وهذا يعني أنه لا يستطيع الهروب من تبعات قراراته، سواء كانت نجاحات أو إخفاقات، وهذا الإدراك يخلق أحياناً ضغطاً نفسياً كبيراً، فالخيارات الواعية ليست دائماً سهلة أو مريحة.
والتفكير الواعي قد يؤدي إلى صراع داخلي دائم ، فالإنسان الذي يفكر بعمق في حياته ومستقبله، يجد نفسه أمام أسئلة وجودية مستمرة: هل أعيش حياة ذات معنى؟ هل أختار الطريق الصحيح؟ هذا النوع من التأمل يمكن أن يكون مرهقًا عقلياً و إنسانياً، لأنه يتطلب مواجهة الحقيقة بلا تهرب أو إنكار.
و الوعي الاجتماعي يتطلب تضحيات، فالشخص الواعي قد يرفض الانخراط في تصرفات غير سوية أو مجاملة غير صادقة، مما قد يجعله مختلفاً عن الآخرين أو أقل قبولاً في بعض الأحيان، إن الوقوف على المبادئ وتحمل تبعاتها يتطلب شجاعة وثباتاً، وهما ثمن آخر للوعي.
رغم كل هذا، يبقى الوعي مكلفاً لكنه ثروة لا تُقدر بثمن. فهو يمنح الإنسان القدرة على العيش بحكمة، واتخاذ قرارات رشيدة، وفهم الحياة بشكل أعمق، بل وتحقيق سعادة حقيقية مستدامة. إذاً، الوعي ثمنه الجهد والمعاناة أحيانًا، لكنه الطريق نحو الحرية الحقيقية والنضج الكامل.
