صدى الشعب _أسيل جمال الطراونة
تؤثر التربية الإيجابية بشكل كبير على نمو الأطفال النفسي والاجتماعي حيث تساعدهم على تطوير الثقة بالنفس والقدرة على حل المشكلات والتعامل مع التحديات بطريقة صحية. كما تعزز لديهم الشعور بالأمان والانتماء، مما ينعكس إيجابيا على أدائهم الدراسي وعلاقاتهم الاجتماعية .
وقالت استشارية العلاج النفسي والسلوكي الدكتورة أمل الكردي لـ “صدى الشعب” إنه وعندما يتم تربية الأطفال بأسلوب داعم يصبحون أكثر قدرة على التحكم في عواطفهم واتخاذ قرارات صائبة، وبناء علاقات قوية مع الآخرين، لذلك فإن تبني أساليب التربية الإيجابية لا يؤثر فقط على الطفل في مرحلته العمرية الحالية بل يعتد تأثيره إلى حياته المستقبلية، مما يجعله فردا متوازنا وسعيدا.
وأضافت ، أن التغيرات السلوكية لدى الأطفال، سواء في الأكل، أو التفاعل ت مع المحيط، أو التواصل مع الأهل. قد تكون مؤشرات على وجود مشكلة أي نفسية أو اضطراب مستقبلي، مؤكدة على أهمية التربية الإيجابية في تعزيز الصحة النفسية للأطفال والكبار، ولكن دون الوقوع في فخ الإيجابية المفرطة التي أصبحت مجرد ترند اجتماعی وحول التغيرات السلوكية كمؤشر للمشكلات النفسية.
كما أوضحت الدكتورة الكردي أن أي تغيير ملحوظ في سلوك الطفل، مثل انسحابه من المحيط الاجتماعي، أو تغير عاداته الغذائية، أو حتى تغير طريقة تواصله مع الأهل، قد يكون دليلا على مشكلة نفسية تحتاج إلى متابعة وحيث أن رصد هذه المؤشرات مبكراً والتعامل معها بشكل صحيح يساهم في الوقاية من اضطرابات أكبر قد تؤثر على الطفل مستقبلاً.
وأشارت الدكتورة الكردي إلى أن التربية الإيجابية تلعب دورا مهما في بناء شخصية متوازنة للأطفال حيث تسهم في تعزيز ثقتهم بأنفسهم وتحسين علاقتهم بالمجتمع، لكنها تحذر من الإيجابية المفرطة، التي أصبحت منتشرة مؤخرا كمجرد “موضة”.
مؤكدةً على ضرورة الاعتدال في التربية فالتربية الإيجابية لا تعني التساهل المطلق بل التوازن بين الثواب والعقاب، مع التأكيد على الحب والاحترام في التعامل مع الأبناء .
وبينت الدكتورة الكردي، أن التربية الإيجابية لا تعني تلبية كل رغبات الطفل أو مسايرة معايير المجتمع، بل تعني تنشئة الطفل وفق أسس صحيحة قائمة على الحب والاحترام والتشجيع على التنافس البناء وليس المقارنات السلبية، فالمقارنة بين الطفل وأقرانه قد تؤدي إلى إحباطه وتقليل ثقته بنفسه ،بينما التنافس الإيجابي يعزز من تطوير مهاراته وقدراته .
وأكدت الدكتورة الكردي، أن تأثير التربية الإيجابية يمتد مع الطفل في جميع مراحل حياته، بدءاً من الطفولة مروراً بالمراهقة، وحتى مرحلة الشباب.
مشيرة أن أسلوب التربية يحدد سلوكيات الطفل المستقبلية ومدى قدرته على مواجهة تحديات الحياة بثقة واتزان كما تستشهد بتعاليم الدين الإسلامي التي تدعو إلى التيسير والتبشير، والتي تعد من أهم مبادئ التربية الإيجابية .
وأشارت الدكتورة الكردي إلى أن التربية الإيجابية ليست مجرد اتباع الموضة أو ترند بل هي أسلوب حياة يحتاج إلى وعي واعتدال، فعندما يتم تطبيقها بشكل متوازن فإنها تسهم في بناء جيل صحي نفسياً وقادر على مواجهة الحياة بثقة ومسؤولية، وعليه يتضح أن التربية الإيجابية ليست مجرد أسلوب تربوي، بل هي استثمار في مستقبل الأطفال والمجتمع ككل.
وبحسب الدكتور الكردي فإنه وعندما يتلقي الأطفال دعماً عاطفياً وتوجيهاً قائما على الاحترام والتفاهم فإنهم ينشؤون بثقة وقوة تمكنهم من مواجهة التحديات بطريقة صحية وبناءة ، ولذلك، فإن دور الأهل والمربين لا يقتصر على تقديم الحب والرعاية، بل يتعداه إلى توفير بيئة تساعد الأطفال على اكتشاف قدراتهم وتعزيز مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية، ومع استمرار الجهود في نشر الوعي حول أهمية التربية الإيجابية، يمكننا بناء أجيال أكثر استقراراً وسعادة قادرة على إحداث تغيير إيجابي في المجتمع .