صدى الشعب _ أسيـل جمـال الطـراونـة
قالت المدربة الفلكية دلال خالد اللالا من الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك إن فصل الصيف يُعد من أفضل المواسم لممارسة الرصد الفلكي سواء للهواة أو المختصين، نظرًا لما يتميز به من ظروف طبيعية وفلكية مثالية تجعل السماء مليئة بالعجائب التي تستحق التأمل والاستكشاف.
وأضافت أن من أبرز الأسباب التي تجعل من صيف كل عام فرصة ذهبية لمراقبة النجوم والمجرات هو وضوح نهر المجرة درب التبانة (Milky Way)، خاصةً في سماء الريف أو المناطق الصحراوية الخالية من التلوث الضوئي فخلال شهري يونيو ويوليو تكون الأرض في وضع مثالي لرؤية قلب المجرة، وهي المنطقة الأكثر إشعاعًا وكثافة بالنجوم والسدم، والتي تقع في كوكبتي القوس والعقرب.
و أوضحت أن هذه المنطقة تعرف بثروتها من الأجرام السماوية العميقة مثل السدم والعناقيد النجمية، مشيرةً إلى أن الليالي الدافئة والصافية خلال الصيف تُعد أكثر راحة للراصدين مقارنة بفصول أخرى كفصل الشتاء، الذي عادةً ما يشهد برودة شديدة أو أمطارًا قد تعيق الرؤية.
إضافة إلى ذلك، فإن بعض المناطق الصحراوية مثل وادي رم في الأردن توفر بيئة مثالية بسماء صافية ومظلمة، تسمح برؤية آلاف النجوم بكل وضوح، ما يجعلها وجهة مفضلة لعشاق الرصد الفلكي.
ومن جهة أخرى، يُعد ” مثلث الصيف” بتشكيلاته النجمية المميزة من أشهر ما يظهر في سماء هذا الفصل، ويتكون من ثلاثة نجوم بارزة النسر الواقع في كوكبة القيثارة، النسر الطائر في كوكبة العقاب، وذنب الدجاجة في كوكبة الدجاجة.
وتُعد هذه التشكيلة مرجعًا مهمًا لتحديد الاتجاهات السماوية، كما تساعد على التنقل بين الكوكبات النجمية في السماء
وأشارت اللالا إلى أن تنوع الأجرام السماوية في السماء الصيفية يُضفي بعدًا إضافيًا على جمال الرصد، إذ يمكن باستخدام التلسكوبات أو المناظير رؤية أجرام لا تُرى بالعين المجردة، مثل سديم البحيرة (M8)، سديم العُقاب (M16)، سديم أوميغا (M17)، العنقود الكروي M22، وعنقود البطّة البرية (M11) وجميع هذه الأجرام تقع قرب مسار مجرة درب التبانة، ما يزيد من جاذبية هذا الفصل للمراقبة.
وأكدت أن فصل الصيف ليس مجرد وقت للراحة والسفر، بل هو أيضًا موسم ذهبي للتواصل مع الكون ، لذلك نشهد في الأردن والدول العربية ازديادًا في الفعاليات الفلكية، من أمسيات رصد جماعية إلى مخيمات تعليمية موجهة للصغار والكبار.
وفي هذا السياق، تقوم الجهات الفلكية بتنظيم أنشطة تهدف إلى نشر الثقافة الفلكية وتدريب الهواة على استخدام المعدات والتعرف على السماء
ومن أبرز الأمثلة على ذلك: المخيمات الفلكية في صحراء وادي رم، والسياحة الفلكية في مدينة البترا الوردية.
واختتمت حديثها بالقول سواء امتلكنا تلسكوبًا متطورًا أم لا، فإن التأمل بالعين المجردة يبقى أساس الرصد الفلكي ، فالسماء الصيفية تمنحنا فرصة لا تُقدر بثمن لرؤية درب التبانة، والتعرف على التشكيلات النجمية، وخوض تجربة علمية وروحية فريدة من نوعها.
