صدى الشعب – كتبت: رغد تركي
من عروس الشّمال انطلقت رحلة الكاتب والصحفي والمثقف الأردني حازم موسى الخالدي، رحلةٌ كانت ستتجه إلى خارج حدود الأردن لدراسة تخصص الصحافة والإعلام بسبب عدم وجود كليّاتٍ للإعلام في الأردن آنذاك، و لكنَّ الأقدار شاءت أن يبقى الخالدي في الأردن ملتحقاً بأولى دفعات الصّحافة والإعلام في جامعة اليرموك التي كانت قد افتتحت كليتها حديثا.
ولد في مدينة إربد عام 1962 ، وأنهى دراسته الابتدائيّة و الاعداديّة و الثانوية فيها، ثم حصل على بكالوريوس في تخصص الصحافة و الإعلام عام 1984، وأراد الخالدي إكمال دراسة تخصص الصحافة و الإعلام، و لكنه اتّجه إلى دراسة الفلسفة في الجامعة الأردنيّة عام 1990 حاصلاً على دبلوم عالي فيها.
قبل تخرجه كان الخالدي يتابع الصحفيين عن بعد بِحُكم دراسته في مدينة إربد، ووجود غالبية الصحفيين آنذاك في مدينة العاصمة عمّان، لكنه بعد تخرجه واستقراره في العاصمة اقترب من كبار الصحفيين بمختلف اتجاهاتهم الفكرية، فتأثّر بالعديد منهم ابرزهم الصحفي عرفات حجازي الذي كان نقيباً للصحفيين آنذاك والكاتب الصحفي ابراهيم ابو ناب.
وتاثر الخالدي بألوان الصحافة اللبنانيّة كثيراً والتي كانت في اوجها آنذاك بسبب المناخ الديمقراطي الذي كان يتوفر في لبنان، فكان مُتابعاً جيدا لمجلات الصّياد، الحوادث، والوطن العربي، سيما وان هذه المجلات كانت تتميّز بالتحليلات العميقة و التقارير الصحفيّة الموسّعة، في الوقت الذي كانت توزّع فيه في الأردن في ذات الوقت الذي تصدر به في لبنان.
مجلة الأقصى.. المحطة الأولى التي حطّت بها رحال الخالدي اولا؛ إذ أنه عَمِلَ بها قبل تخرجه وهو ايضا ما يزال مكلّفا بخدمة العلم العسكرية، ثم عَمِلَ في أحد المكاتبٍ الصحفية فكان يُراسل جريدة الرأي العام الكويتيّة و جريدة الشّرق الأوسط، و فيما بعد عمل كمراسلٍ لجريدة الأنباء الكويتية و صحيفة صوت الشّعب.
واتجه الخالدي فترة من الوقت للعمل في الاعلام الصحي، اذ عمل على اعداد وتنفيذ حملات اعلامية بشمولية حققت العديد من النجاحات، وخاصة انها كانت تهدف الى التوعية والتثقيف بالدرجة الاولى ..ومن ثم التحق بوكالة الانباء الى جانب عمله في صحيفة العرب اليوم اليومية، لينتقل بعدها الى العمل في صحيفة الغد عام 2007.
لكن المحطة الأكثر تميزا في رحلة الخالدي كما يقول هي عمله في وكالة الأنباء الأردنيّة (بترا) ، فهي محطةٌ أثّرت وبشكلٍ كبير في حياته، ففي البدايات كان يُغطّي القطاع الصّحي مما جعلهُ يتعرف على هموم و احتياجات النّاس و يقترب منهم.
ولعلّ القصّة الإنسانيّة الأكثر تأثيراً في نفس الخالدي حصلت خلال تغطيته لهذا القطاع، عندما تحدّث عن معاناة شخص تعرض لحادثٍ أفقده أصابع يده خلال التّدريب بعمله، و عندما نُقل إلى المستشفى تم رفض إدخاله لاعتباره حادث قضائي، فبقي ينزف ست ساعات أمام المستشفى دون السّماح بدخوله، و حينما رأى أصدقاؤه ضرورة نقله إلى مستشفى خاص توفي في الطّريق ..وجراء هذه الحادثة وإثارة القصة صدر قرار من مجلس الوزراء بذلك الوقت بعلاج أي حالة طارئة في المستشفيات الحكومية مهما كان وضعها.
كان للخالدي شرف تغطية العديد من المناسبات المفصلية والهامة، أبرزها مرافقته لحملة التبرع بأقلام الرصاص لكسر الحصار الظالم على العراق عام 2001، ثم مرافقة أول طائرة تخرق الحصار الجوي على العراق، وكذلك الإطلاع على الدمار الذي لحق بالضاحية الجنوبية في بيروت أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان 2008.
ويفتخر الخالدي أكثر بكشفه للعديد من القضايا التي أثارت الرأي العام في حينها، وأهمها نقل مادة السمنة بصهاريج النضح، ومشكلة المصاعد المعطلة في مستشفى البشير، وتبعها زيارات ملكية للمستشفى وتوجيهات بإصلاحها، إلى جانب العديد من المواضيع التي تقترب من حياة الناس.
ترأّس الخالدي قسم التحقيقات الصّحفيّة في وكالة الأنباء الأردنية، كما ترأّس أول قسما ثّقافيا تم تأسيسه في الوكالة، اذ يرى الخالدي أن الثقافة أساس البناء الحضاري لأي دولة، خاصةً أن لهُ ميولاً ثقافيّة منذُ صغره، حيث انتج مجلات مُصغّرة في مرحلة الدراسة و خصص كل مجلة للحديث عن مجال معيّن.
اجتهد في المهرجانات التي اقيمت في الاردن، ومنها مهرجان جرش ومهرجان الفحيص ومهرجانات المسرح بمختلف فئاتها.
خطَّ قلم الخالدي مئات المقالات التي تتحدث عن جوانب الحياة المختلفة، مثل: مقالة “مهانة وكبرياء” التي تحدّث بها عن الوضع السّوري، مقالة “درسان متشابهان في التّضليل الإعلامي الأمريكي” التي تحدّث بها عن الحرب على العراق و الحرب على فيتنام ، مقالة “صحافة المياومة”، “جمعة مباركة”، “نكبة ٧٢”، “سنة سعيدة بدون كورونا”، و مقالة “أَحِنُّ إلى كعك أمي” وهي أقرب المقالات إلى الخالدي لأنها تذكّره بالماضي و الحياة الاجتماعيّة و التّرابط الأسري قديماً.
لم تقتصر أعمال الكاتب والصّحفي حازم الخالدي على الصّحافة فحسب، بل له العديد من الأعمال الأدبيّة، مثل : قصّة “الحوريّة و الجرجور” و هي قصّة للأطفال، “حطب كانون” و هي مسرحيّة للأطفال، “لحظة انهيار” و هو نص مسرحي عُرض على المركز الثّقافي الملكي و أخرجه أحمد الفارس، بالإضافة إلى كتاب “رحلة بين عواصم الثّقافة العربيّة : الطّريق إلى القدس” ، و كتاب “الفضائيات العربيّة و قضايانا المصيريّة”، و يعمل الخالدي حالياً على نشر كتاب عن الأخطاء الشّائعة في الكتابة الصحفيّة .
إحدى المحطّات البارزة في حياة الصحفي الخالدي هي انضمامه إلى مجلس نقابة الصّحفيين الأردنيين عام ٢٠١١ ، و ترأسه لمنتدى الإعلام الثّقافي في النقابة ،وأيضا نجاحه في دورة ثانية لانتخابات نقابة الصحفيين وانتخابه امينا للسر في النقابة، بالإضافة إلى كونه مُستشاراً إعلاميّاً للهيئة الأردنيّة الأوروبيّة العليا ، و مدير لمديرية الأخبار المتخصصة ثم مستشار لمديرها.
عمل الخالدي كمدرّب مُعتَمد في وكالة الأنباء الأردنيّة في مجالاتٍ عدّة، مثل : الإخراج الصحفي، كتابة الأخبار الصحفيّة، و كتابة التقارير و التّحقيقات و القصص الصحفيّة، كما شارك في العديد من الدورات التدريبيّة في المجال الإعلامي داخل الأردن و خارجه، وما يزال لغاية الآن يمتهن مهنة التدريب الاعلامي.
كما غطّى مئات المؤتمرات الصحفيّة و الندوات و ورشات العمل في مختلف المجالات في كل من : (الأردن، لبنان، العراق. الإمارات، مصر، تركيا، فرنسا)، وحصل على تكريم وزارة الصحة ووزارة الثقافة والعديد من المؤسسات الثّقافيّة و الجمعيات الاجتماعية.
بعد سنواتٍ طويلة من مزاولة مهنة الصحافة تعلّم الخالدي دروسا كثيرة، مثل : الدّقة ، الموضوعيّة ، عدم الانحياز لطرف دون آخر.
و يرى الخالدي أن التّمسّك بالقيم و الأخلاق أهم أساسيّات مهنة الصحافة، و يوصي من درّبهم من الصحفيين الناشئين و طلبة الصحافة و الإعلام المُقبلين على التّخرج بضرورة التّحلي بالقيم و الأخلاق الحميدة والبعد كل البعد عن استغلال المهنة في التكسب، من أجل تحقيق النجاح في هذه المهنة.
ورغم الطور في الصحافة الالكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي، فان الخالدي يعتبر الصحافة الورقية أساس المهنية ومهما حصل من تطور فانها لن تموت ومطلوب من الصحفيين ان يدافعوا عن مهنيتهم، وقد جاءت الصحافة الإلكترونية مُكملة لها ضمن السياق الطبيعي لتطور الاعلام.