صدى الشعب – كتبت رغد تركي
” الدغري “، “اعيدوا لنا قصورنا “، ” أنين العسكر “، ” في بيتنا فأر “، “جوز الست “، “حارس العمارة “، ” القرين “، ” الكنة والشرشف”، “الريموت”، “الفندق “، “حكوا “، “حل القير”، “الله يسامحك يا أبوي” ، “نذير شؤوم”، التكريم الملكي .. الغاضبون أكثر من الراضين “مقالات في الصميم عرضت كاتبتها الى التهديد ، تارة التهديد بالفصل من عملها في الاعلام الرسمي ، بعد ان اغضب مقال “الدغري” رئيس الوزراء آنذاك ، الذي ارسل وزير الدولة لشؤون الإعلان مهدد ومتوعدا، وتارة تعرضها للتهديد العشائري بعد ان اغضب مقال “اعيدوا لنا قصورنا” رئيس جهاز المخابرات آنذاك، وتارة التضييق عليها بمنع نشر مقالاتها من المواقع الالكترونية، ليعتذر موقع تلو الاخر عن نشر مقالاتها، خاصة بعد ان اوجع أصحاب القرار ” أنين العسكر “..
نعم، انها الكاتبة الصحفية ( سُهـير فهد جرادات )، صاحبة المقالات الأكثر جدلا من حيث جراءتها في الطرح ، واسلوبها المميز اللاذع وفي بعض الأحيان الساخر ، وفي بعض المرات يعتمد على الاسلوب القصصي الرمزي ، والكثير من المرات “الوجاهي الموجع ” ، وفي النهاية مقالاتٌها ترسّخت في ذهنِ الشّعب الأردني ؛ كيف لا ! و هي كُتِبَت بواسطة قلمٍ وُصِفَ بالمُبدع ، البليغ ، الصّريح البديع .
إنّ أبرز مميزات شخصية الصحفية جرادات، ابنةُ مدينة إربد، الجُرأة و حب الخير، و لعلّها ورثت الجرأة من والدها ذو الطبع العسكري معالي اللواء الركن فهد جرادات، الذي أثرى لديها حب المهنة و الإخلاص لها، و كان يخبرها دائماً أن من اختار طريقهُ بمحبة يجب ألا يتراجع عنه .
أما ميزة محبة الخير فهي صفة طاغية في شخصيتها، و هي صفة اكتسبتها من والدتها التي كانت تحب مساعدة الآخرين، و لم يكن فضل والدتها أنها اكسبتها هذه الصفة فحسب، بل كانت أقوى داعم لها في مسيرتها الصحفيّة .
بدأت (سُهـير) رحلة تحقيق حلمها قبل تخرجها، و المحطة الأولى التي انطلقت منها هي صحيفة صوت الشّعب التي كانت آنذاك تستقطب أهم الصحفيين، و كان للصحفي طارق مصاروة رحمه الله أثر كبير على رحلتها الصحفية .
و بعد تخرجها واصلت الصحفية جرادات ، رحلة تحقيق حلمها فاستمرت بالعمل في صحيفة صوت الشعب ، ثم عملت في مجلة الحصاد السّياسي ، ثم في مجلة الأفق الاقتصادي ، كما عملت مندوبة لصحيفة الشرق الأوسط التي تصدر في لندن ، و لكن المحطّة الأكثر تأثيراً في رحلتها الصحفية هي عملها في وكالة الأنباء الأردنية ، التي اكسبتها خبرةً كبيرة و جعلتها صحفية واثقة من نفسها و من قدراتها .
و لعل أفضل فترة في حياتها الصحفيّة هي الفترة الممتدّة من ٢٠٠٨ – ٢٠١٨ ، و هي فترة تضمّنت الكثير من الأحداث و القضايا الصحفيّة ، و في هذه الفترة عملت داخل الأردن و خارجه حيث كانت عضو في مركز دراسات و أبحاث المرأة في تونس ، كما عملت كصحفية تقوم بتغطية النشاطات التي يقوم بها الأمير طلال بن عبد العزيز من خلال مبادراته في معظم دول العالم، و حَظِيَت بثقة زملائها الذين انتخبوها لتُمثلهم في مجلس نقابتهم، و مثّلت الصحفيين الأردنيين في الاتّحاد الدولي للصحفيين و مقره بروكسل بعد نيلها ثقة أكثر من مئة دولة انتخبوها عضواً احتياطيّاً في اللجنة التنفيذيّة .
جرادات تمتلك حلماً آخر ، و هو تقديم الخير و المعروف للآخرين .. و تعمل على تحقيق هذا الحلم من خلال مهنتها ؛ فهي مديرة و مدربة في مركز جدل للتدريب الاعلامي ، حيث تنقل خبراتها و نصائحها الصحفية للمتدربين ، كما أنها درّبت في العديد من الدول العربيّة الشقيقة مثل : ( الكويت، دبي، قطر، سلطنة عُمان، فلسطين، تونس، المغرب) .
بعد خبراتها الطويلة في العمل الصحفي مندوبة ومحررة ومختصة في كتابة التحقيقات الاستقصائية، اتجهت لكتابة المقال الصحفي،ورأت أن كلمة الحق التي يكتبها الصحفي في المقال تُعتبر خير يَصُّب في مصلحة الوطن و المواطن، و بمثابة أقل خدمة يُترجم من خلالها وطنيتهُ وانتمائه .
و تُحب جرادات أن ترى من دربتهم في مواقعٍ صحفيةٍ جيدة ، و تفرح كثيراً عندما تُدرّب الأشخاص و تنقل لهم خبرتها و تجربتها في مهنة الصّعاب ..
و على الرغم من صعوبة مهنة الصحافة و الإعلام إلا أنها لم تفكر يوماً في تركها، و لو عاد بها الزّمن سوف تختارها مرّة أخرى .
نالت الصحفية( سُهـير فهد جرادات )، العديد من الجوائز خلال مسيرتها الصحفيّة ، التي تنظر لها على أساسٍ معنوي و ليس مادي ، فهي تشعر بالفرح أنّ هناك جهة معيّنة قدّرت جهودها، و من أبرز الجوائز التي حازتها جائزة الحسين للإبداع الصحفي مرّة لأفضل قصة اخباريّة تحت عنوان “عَلِمَ بهول إصابته في وجهه من عيون المرعوبين من منظره” و هي قصّة عن شاب أُصيب في تفجيرات فنادق عمّان ، و مرّة لأفضل مقالٍ صحفي تحت عنوان “إنهم لا يصدقونك القول”، وهو مقال وجهت به رسالة الى سيد البلاد حول البطانة الفاسدة التي تحيط به ، ولا يصدقونه القول .
التّحقيقات الاستقصائية أقرب الفنون إلى جرادات، لأن التّحقيقات تجمع ما بين التحدي و الجرأة، و تحاول تغيير ظروف الأشخاص إلى الأفضل، لذا فإن التّحقيقات تُناسب شخصيّتها الجريئة و الصريحة و المُحبّة للخير .
و ترى الصحفية المُبدعة أنَّ هناك علاقة تبادليّة بين شخصية الصحفي و بين مهنته، فهي تعلمت من مهنة الصّحافة ألا تقبل الظلم ، و أن تدافع عن حقوق الآخرين و تتبنى قضايا صحفية تمس أشخاصاً أخرين و لا تمسّها هي شخصياً ، و أنه يجب ألا يفصل الصّحفي نفسه عن المجتمع و مشاكله .