الذكاء الاصطناعي..مخاطر بيولوجية تتطلب تقنيات دفاعية
أبو دواس : “الذكاء الاصطناعي” يستطيع تطوير فيروسات خبيثة تعطل البنية التحتية لأي دولة
الزعبي يدعو لنظام عالمي لفحص جميع توليفات “الجينات الاصطناعية”
المركز الوطني للأمن السيبراني : (1582) حادثة سيبرانية استهدفت مجموعة من الوزارات والمؤسسات الحكومية
حدادين : ” الذكاء الاصطناعي ” يستطيع تصنيع 40 الف سلاح بيولوجي خلال 6 ساعات
خبير اقتصادي : تصنيع الأسلحة عن طريق “الذكاء الاصطناعي ” يشل الاقتصاد في العالم
مخاوف من تأثيراته على تطوير أسلحة بيولوجية مدمرة.
صدى الشعب _فايز الشاقلدي
مع تقدم العلم والتكنولوجيا في العالم و توسع استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، ظهرت مخاوف جدية من قبل مواطنيين والاشخاص الأمنيين بشأن تأثيراته على الأمن العالمي ، وخاصة في مجال الأسلحة البيولوجية. بينما تسهم هذه التكنولوجيا في تسهيل العديد من الجوانب الحياتية، فإنها تحمل في طياتها تهديدات محتملة تتعلق بالأمن البيولوجي خصوصا بعد ظهور نتائج وعمليات تم استخدامها مؤخرا في الحرب “الاسرائيلية ” ضد لبنان كتفجيرات أجهزة “البيجر ” أستخدام الذكاء الأصطناعي في تحديد منطقة الاستهداف .
الذكاء الأصطناعي جزء لا يتجزأ من التطورات العلمية الحديثة، ورغم الفوائد الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في مجالات متنوعة مثل الطب، التعليم، والصناعة، فإن قدراته الهائلة تحمل أيضًا مخاطر جسيمة، خاصة في مجالات الأمن الحيوي وتصنيع الأسلحة البيولوجية .
- أجهزة البيجر نموذج على تسخير التكنولوجيا لأغراض مدمرة حادثة شهدها لبنان مؤخرًا، استُخدمت أجهزة اتصال مثل «بيجر» و«ووكي توكي» كمفجرات موقوتة، حيث انفجرت ثلاثة آلاف جهاز بشكل متزامن بعد تلقيها رسالة مشفرة، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى. هذه الحادثة تُظهر كيف يمكن استخدام التكنولوجيا المتقدمة بطرق غير تقليدية ومدمرة، وهو ما يعزز المخاوف من إمكانيات تسخير الذكاء الاصطناعي لتطوير أسلحة بيولوجية أو كيميائية بطرق معقدة وغير متوقعة.
ومن هذا المنطلق أفاد الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني عميد كلية العلوم وتكنولوجيا المعلومات في جامعة اربد الاهلية الدكتور معتصم أبو دواس ,أنه من الممكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تسريع عمليات البحث والتطوير المتعلقة بصنع الأسلحة البيولوجية .
وكشف أبو دواس أن الذكاء الاصطناعي له القدرة على تحليل البيانات الجينية أو البيولوجية وتحديد الخصائص المطلوبة لتصنيع كائنات دقيقة مميتة .
وأورد الخبير , أن التحليل الرقمي وحده لا يكفي لتصنيع مثل هذه الأسلحة البيولوجية التي قد تهدد أمن واستقرار أي دولة ,معللا انها تتطلب تدخلات بشرية وتقنيات متخصصة عالية المستوى .
كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز جهود تطوير الأسلحة البيولوجية ؟
وقال الدكتور أبو دواس , يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم بتطوير الأسلحة من خلال عدة طرق كتحسين الطائرات بدون طيار الموجهة بالذكاء الاصطناعي , وتطوير خوارزميات تسمح بتوجيه وتحديد أهداف بدقة أعلى من البشر , منوها أن هذا التقدم سيسهم في تسريع انتاج الأسلحة وزيادة دقتها وارتفاع كفاءتها في الحروب .
ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي , في تطوير فيروسات معلوماتية أو برمجيات خبيثة تعطل وتحطم البنية التحتية للدول المستهدفة , بحسب الخبير ابو دواس .
وعن المخاطر تضيف الخبيرة والمتخصصة بالتربية الاعلامية والمعلوماتية الدكتورة ريم الزعبي , أن مواجهة هذا التهديد المتزايد من تطور التكنولوجيا يكمن من خلال اتباع عدد من التدابير المتمثلة بتعزيز التركيزعلى المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي، ولا سيما النماذج اللغوية الكبيرة؛ لأن هذه النماذج لا تقتصر على تسهيل الوصول إلى المعلومات الضارة، بل قد تساهم في تطوير تقنيات بيولوجية خطيرة بطرق غير متوقعة، لذلك يجب وضع إستراتيجيات شاملة للحد من هذه المخاطر.
وتوضح الزعبي , على وجوب اعادة تقييم المخاطر المرتبطة بالنماذج اللغوية الكبيرة، وتطوير أدوات للكشف عن الاستخدامات الضارة للذكاء الاصطناعي ,كما يجب أن يكون هناك نظام عالمي لفحص جميع طلبات توليف الجينات، بغض النظر عن حجم الشركة أو موقعها الجغرافي.
وفيما يتعلق اذ كان للأمن السيبراني قدرة على الوقاية من تطور واختراق الأسلحة المصنعة عن طريق “الذكاء الاصطناعي ” , أفادت الزعبي , أن هاذا يعتمد على مدى تمتع هذا العلم بالمرونة أي بـ (Cyber Resilience)، وهي القدرة على التعافي من الصدمة بطريقة مثلى، إما بالعودة إلى حالته الأصلية أو بالانتقال إلى حالة معدلة جديدة.
وتفترض المرونة السيبرانية أنّ الاضطرابات الطفيفة أو حتى الكبرى أمر لا مفر منه، وأن الأمن المطلق لا يمكن الحصول عليه , ويمكن اعتبار المرونة السيبرانية بمثابة “الخطة ب” في حالة حدوث خطأ ما.
وأوضحت أن تعزيز المرونة السيبرانية يأتي عن طريق زيادة التعاون العالمي بين أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص، وتعزيز الاستجابة الجماعية للجرائم الإلكترونية، والتصدي المشترك للتحديات الأمنية الرئيسية.
الزعبي : التحكم بأنظمة “الذكاء الاصطناعي ” أشخاص لديهم ميول بتطوير “أسلحة مدمرة “
وكشفت الزعبي , أن التخوفات السائدة من تطور التكنولوجيا والأنظمة الذكية تأتت من نتيجة حتمية لما يحدث حولنا من تسونامي في التطور التكنولوجي، لا سيما وأن أول قاعدة بيانات عالمية متعلقة بمخاطر الذكاء الاصطناعي لهذا العام بينت ان هناك ما لا يقل عن 700 خطر مرتبط بالذكاء الاصطناعي، بدءًا من الأعطال الفنية ومروراً بنقاط ضعف الأمن السيبراني وانتهاءً بالمخاوف الأخلاقية والتأثيرات الاجتماعية. حيث توجد هناك إمكانية دوما لتغذية الأنظمة الذكية بـبيانات مشوهة أو معلومات غير صحيحة، أو اختراقها من قبل بعض الجهات التي قد تستخدم قدرات الذكاء الاصطناعي في غير موضعها. واذا تحكم بأنظمة الذكاء الاصطناعي اشخاص لديهم اهتمام بتطوير “أسلحة مدمرة”، فقد تتحول تلك الأنظمة لوسيلة (تدمر كل شيء) في ظل امتلاكها لقدرات غير محدودة.
وعلى مستوى الاردن، أظهر التقرير الاخير للمركز الوطني للأمن السيبراني، تعامل المركز خلال الربع الثاني من عام 2024، مع (1582) حادثة سيبرانية استهدفت مجموعة من الوزارات والمؤسسات الحكومية بالإضافة إلى عدد من المؤسسات الحيوية. وقد لوحظ وفقا للتقرير انخفاض في عدد الحوادث المكشوفة بنسبة 23% مقارنة بالربع الأول من العام، وهو ما قد يُعزى إلى زيادة التزام المؤسسات بتطبيق السياسات والتدابير الأمنية. ورغم هذا الانخفاض مقارنة بالربع الاول، يبقى الاتجاه العام للحوادث السيبرانية مرتفعًا مقارنة بالسنوات السابقة، مما يجعل مستوى التخوف من تطور اشكال الهجوم السيبراني واستخدامات الذكاء الاصطناعي المدمرة ، أمرا مثيرا للقلق.
- تطبيق “شات جي بي تي ” لديه قدرة للكشف عن فيروسات ضارة
وفيما يتعلق بتطبيقات الذكاء الاصطناعي كشف طالب الامن السيبراني في جامعة اليرموك محمد ابو عمر بأن أدوات مثل “شات جي بي تي” قد تسهم في الكشف عن فيروسات ضارة وبكتيريا بشكل أكثر فعالية مما كان ممكنًا باستخدام أدوات البحث التقليدية. وبتزايد تكامل علم الأحياء الاصطناعي مع الذكاء الاصطناعي، أصبح من الممكن استخدام هذه التكنولوجيا في تطوير أسلحة بيولوجية، مما يثير القلق بين الحكومات .
وحذر أبو عمر،من أن الذكاء الاصطناعي قد يُمكّن الأفراد من إنشاء مسببات أمراض جديدة وأشد خطورة , موضحا أن : “اليوم لا يمكننا الدفاع ضد هذه الأشياء”، مما يعكس القلق المتزايد حول الأثر المحتمل للتكنولوجيا على الأمن البيولوجي.
وبالرجوع لمصادر وتقارير أجنبية صادرة عن جامعة مونتريال في طوكيو, أوضح أن التقاطع بين الذكاء الاصطناعي والبيولوجيا يمثل تحديًا جديدًا وخطيرًا للأمن البيولوجي العالمي، ويتطلب ذلك العمل على تقوية الدفاعات البيولوجية وتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي آمنة.
ولتقليل مخاطر سوء استخدام التكنولوجيا الحيوية، يجب تعزيز الرقابة على سلسلة توريد المواد الجينية، وخاصة عملية (توليف الجينات)، وهي عملية اصطناعية لإنشاء تسلسلات جينية جديدة من الصفر، أو تعديل تسلسلات جينية موجودة، ويعني ذلك إنشاء جينات حسب الطلب , وفقا للتقرير المترجم .
وتُعدّ عملية توليف الجينات بمنزلة سلاح ذو حدين، فهي قادرة على تحقيق إنجازات مدمرة وتصنيع أسلحة هائلة تحمل في طياتها مخاطر جسيمة.
وبفضل تطور تقنيات التوليف الجيني، أصبح من الممكن تصنيع فيروسات وبكتيريا معدلة وراثيًا بخصائص جديدة وخطيرة. ويزيد هذا الأمر من خطر وقوع هجمات بيولوجية، سواء كانت من قبل دول أو جماعات إرهابية، وللتقليل من هذه المخاطر، يجب أن تكون هناك رقابة صارمة على سلسلة توريد المواد الجينية.
ومع ذلك، فإن العديد من الشركات التي تقدم خدمات توليف الجينات لا تُفحص طلباتها بنحو كافٍ، مما يجعل من السهل الحصول على المواد اللازمة لتصنيع عوامل بيولوجية خطيرة، بالإضافة إلى ذلك، فإن تطور أدوات الذكاء الاصطناعي يزيد من تعقيد المشكلة، حيث يمكن لهذه الأدوات أن تساعد الأفراد غير المؤهلين على فهم المعلومات العلمية المعقدة المتعلقة بالتوليف الجيني واستخدامها لأغراض ضارة .
- “الذكاء الاصطناعي ” وتأثيره على الأقتصاد ..
شكل التحول الرقمي وتطور تطبيقات “الذكاء الاصطناعي ” الضخم تحديات وفرصاً جديدة، حيث يبدو واضحاً أن للذكاء الاصطناعي تأثيراً مباشراً على الإنتاجية الاقتصادية خصوصا ان كانت من جانب تصنيع الاسلحة البيولوجية .
الخبير الاقتصادي المهندس مهند عباس حدادين , سلط الضوء على جانب من تأثيرات الذكاء الاصطناعي في حال تم اعتماده في تصنيع الأسلحة البيولوجية ، مركزاً على جانبين (سلبية وايجابية ) .
أما الجانب الايجابي فكشف حدادين , أن الذكاء الاصطناعي يعمل على تفكيك الخصائص المعينة التي تستخدم في تصنيع الأسلحة البيولوجية من خلال تقليل الانبعاثات الناتجة عن الاسلحة التقليدية من أوبئة وجراثيم يكون المواطن أو الدولة عرضه لها .
وقال حدادين , أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على التوصل وتصنيع أدوية ورفع مناعة المواطن من خلال حقنات يدرسها الذكاء الاصطناعي نتيجة تحليل هذه المركبات البيولوجية وايجاد أدوية لها .
أما على الصعيد الاقتصادي , فقد يشكل الذكاء الاصطناعي في حال تم استخدامه لتصنيع أسلحة بيولوجية الى شلل كامل في الحركة الاقتصادية العالمية , معللا أن مصانع تصنيع الاسلحة في الدول المنتجة ستوقف العاملين وتقوم بتسريهم .
وبلغة الأرقام , كشف حدادين ,أن الذكاء الاصطناعي قادر على تصنيع 40 ألف سلاح بيولوجي خلال 6 ساعات .
وختم الخبير حديثه , أن عدم السيطرة على مصانع تصنيع الاسلحة البيولوجية عبر الذكاء الاصطناعي سيكون هناك كارثة في العالم بالوقت القريب .
خلاصة اقتصادية ..
الطفرة الهائلة التي تحققها أسهم شركات الذكاء الاصطناعي، ورصد مجموعة من التحليلات لخبراء سوق الأسلحة بشأن توقعاتهم للمستويات التي يمكن أن تصل إليها المؤشرات الأميركية والاقتصاد الأميركي عموماً جراء هذه الطفرة، ومن ثم تداعيات ذلك على الاقتصاد العالمي . .
الخبراء أجمعوا على أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعطي دفعة كبيرة للاقتصاد لسنوات في حال تم استخدامه في الطريق الايجابي السليم، وأن المستثمرين قد يكونوا على أبواب موجة صعود كبيرة في سوق الأسهم , لكن ان تم استخدامه لغايات التدمير والحروب وسيطرة دولة على أخرى فسيكون الاقتصاد على هاوية الانهيار والدمار .
ضوابط للحد من المخاطر…
يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة كبيرة للتقدم العلمي، ولكن يجب التعامل معه بحذر شديد. فبدون وضع ضوابط مناسبة، يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة على الأمن البيولوجي العالمي. لذلك يجب الاستثمار في البحث والتطوير في مجال الأمن البيولوجي، وتشجيع التعاون الدولي، كما يجب على المجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات عاجلة لتنظيم تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي، وضمان عدم استخدامه لأغراض ضارة .
بدورهم اتفق الخبراء على أنه من المهم أيضًا تعزيز الرقابة على سلسلة توريد المواد الجينية والتأكد من أن طلبات توليف الجينات تخضع لفحص دقيق. فالتطور في تقنيات التوليف الجيني يجعل من الممكن تصنيع فيروسات وبكتيريا معدلة وراثيًا بخصائص جديدة وخطيرة، ما يعزز من مخاطر هجمات بيولوجية إذا لم يتم تنظيم هذه العمليات بشكل صارم
وأجمع الخبراء على تعزيز التعاون الدولي وتحديث التشريعات لتنظيم تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات البيولوجيا , كما يجب على الحكومات والشركات تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي دفاعية للكشف عن أي تهديدات جديدة وتتبعها.