صدى الشعب – المفرق – سامي القاضي
في تناقض صارخ بين الإعلان الرسمي لانطلاق أولى الرحلات السياحية للخط الحديدي الحجازي الأردني من العاصمة عمّان إلى محافظة المفرق الأسبوع الماضي، وبين الواقع المؤلم لمرافق المؤسسة في المحافظة، تتكشف معالم إهمال جسيم لمشروع حيوي كان من الممكن أن ينعش السياحة المحلية ويخدم المجتمع المحلي.
ففي عام 2023، أعلنت مؤسسة الخط الحجازي عن الانتهاء من تأهيل حديقة الخط الحجازي في محافظة المفرق، التي أُنشئت عام ٢٠١٧ بمكرمة ملكية على مساحة 17 دونمًا داخل حرم سكة الحديد، وبتكلفة تجاوزت نصف مليون دينار.
إلا أن الحديقة، التي كان يُفترض أن تشكّل متنفسًا للأهالي ونقطة جذب سياحي، تحوّلت إلى رمز للإهمال وسوء الإدارة، دون أي استخدام فعلي منذ إنشائها.
افتتاح “على الورق فقط”
ويؤكد سكان محافظة المفرق أن الحديقة لم تُفتتح بشكل رسمي حتى الآن، ولم تشهد أي تحسينات تُذكر على أرض الواقع، بل تفاقم وضعها بسبب غياب الرقابة، في ظل اتهامات بتبديد المال العام وغياب المحاسبة.
وفي جولة ميدانية، رُصدت مشاهد صادمة لحجم التدهور، إذ تحوّل الموقع من فضاء عائلي إلى مكبٍّ للنفايات وبؤرةٍ للتخريب، مع انتشار الزجاج المحطم والمواسير المقطوعة، وألعاب أطفال مدمَّرة، ومبانٍ مهدومة، وأعمدة إنارة مكسورة، إلى جانب سرقة أجزاء كبيرة من المنشآت، وتضرر الأشجار جراء العبث المتواصل.
غضب شعبي واسع
الغضب الشعبي تصاعد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعبّر سكان محليون عن استيائهم الشديد مما وصفوه بـ”جريمة إهمال”، مؤكدين أن الحديقة تحوّلت إلى خطر صحي وبيئي يُهدد المجتمع.
وقال أحد المواطنين: “الحديقة لم تُفتتح رسميًا منذ إنشائها، والمسؤولون يتجاهلون معاناتنا، المشهد يُدمي القلب، والأطفال محرومون من مساحة آمنة للّعب.”
فيما طالب آخر بمحاسبة صارمة، قائلًا، “اللي سمح بهالوضع لازم يندك بالسجن… إهمالهم خرّب أحلام الناس.”
بوابة مفتوحة للسرقة والتخريب
وأشار المواطنون إلى أن غياب الحراسة أو أي شكل من أشكال الرقابة الأمنية، ساهم بشكل مباشر في تفاقم الأزمة، حيث باتت الحديقة مرتعًا للتخريب والسرقة، خاصة سرقة الكابلات الكهربائية ومعدّات الألعاب، وسط غياب تام لأي إجراءات وقائية من الجهة المشرفة على المشروع، رغم كثرة البلاغات حول الوضع القائم.
وأكدوا أن الحديقة باتت في الليل ملاذًا للمتسللين وتجمعات مشبوهة، في ظل صعوبة تدخل الأهالي أو التصدي للمخالفين.
مطالب بالمساءلة وإنقاذ المشروع
واعتبر الأهالي أن ما يحدث لا يمثل مجرد إهمال بيئي، بل يعكس غيابًا واضحًا للإرادة السياسية في حماية المال العام وضمان حقوق المجتمع في بيئة نظيفة وآمنة، متسائلين عن جدوى خطط الترويج السياحي التي تتبناها الحكومة في ظل تجاهلها لتأمين الحد الأدنى من السلامة والبنية الأساسية في مرافقها.
ليبقى السؤال مفتوحًا: من المسؤول عن إبقاء حديقة عامة يمر بالقرب منها “القطار السياحي” ليروج عن مدينتي أم الجمال ورحاب السياحية، وكيف تناقش الحكومة خططًا لجذب السياحة بينما تُهمل منشآتها الحيوية؟ سؤال ينتظر إجابة فعلية “لا وعودًا على الورق.”





















