2025-12-05 | 1:29 مساءً
صحيفة صدى الشعب
  • الرئيسية
  • محليات
  • عربي دولي
  • جامعات
  • اقتصاد
  • الرياضة
  • تكنولوجيا
  • أخبار الفن
  • صحة و جمال
  • وظائف
  • تلفزيون صدى الشعب
  • عدد اليوم
    • الصفحات الكاملة لصحيفة صدى الشعب PDF
No Result
View All Result
صدى الشعب
Home بورتريه

جمال حديثة الخريشا … ترجل الفارس وبقيت سيرته تاجًا على ذاكرة الوطن

السبت, 22 نوفمبر 2025, 20:45

صدى الشعب – راكان خالد الخريشا
لا يمكن أن يبدأ الحديث عن جمال حديثة الخريشا بعبارة جامدة مثل “عن عمر يناهز”، فالعمر عند الرجال الكبار لا يُقاس بالرقم ولا تحده حدود الزمن، بل بما يتركه صاحبه من أثر وابو حديثة، رحمه الله، كان واحدا من أولئك الذين لا تحصيهم السنوات، بل تحصيهم المواقف، وتزنهم البلاد بميزان المروءة والنبل والوقوف على الحق، هو أبن البادية التي تنجب الرجال واقفين، وتربي أبناءها على الشرف والكرامة، لا على تاريخ الميلاد ولا على حساب الزمن، رجل جمع بين عمق الجذور البدوية، وصقل العلم والثقافة العسكرية والسياسية، ليصبح نموذجا فريدا في تاريخ الأردن الحديث، رمزا للوفاء، والفروسية، والكرامة، والخدمة العامة، ولد جمال حديثة الخريشا في الموقر شرق العاصمة عمان سنة “1937”، في بيت زعامة ومعرفة، فهو أبن الشيخ حديثة الخريشا، وأحد أبرز وجوه بني صخر ورموز الحكمة والكرم والمواقف الوطنية، في ذلك البيت العابق بحديث البنادق، وبرائحة القهوة المترسخة في ذاكرة البدو تربى ابو حديثة على معاني الرجولة، وعلى حضور لا يخطئه القلب قبل العين، وعلى إرث كبير كان مقدر له أن يحمل رايته ويكمل مسيرته.

الطفولة والبداوة

الطفولة عند أبو حديثة لم تكن مثل أطفال المدينة، بل كانت مدرسة صحراء حقيقية تعلم فيها معنى الصبر، والتحمل، والشجاعة، وحماية العرض والكرامة كانت كل ليلة في خيم الموقر درسا في الرجولة، وكل حديث عن الفروسية والبسالة والكرم يغرس في قلبه قيما لا تنسى.
تربى على حكايات والده عن الكرم والفروسية والنخوة والوفاء بالقضايا الوطنية، وكان ابو حديثة يسمع هذه الحكايات وكأنها دروس حياة يومية تصقل شخصيته وتغرس فيه قيم المسؤولية والشهامة، كل قصة، وكل موقف، وكل نصيحة، كانت حجر أساس لشخصية لم تعرف الانحناء ولا الخوف من الحق.
لغة الرجل كانت رسالة لم يكن الكلام يخرج بلكنة بدوية صرفة، بل كان كل حرف قرارا وموقفا، حضوره يجعل الجدران تستمع قبل الآذان، والمجالس تصمت لتستوعب قوة الحضور وصدق الشخصية، وقد لاحظ كل من جلس معه أن أبو حديثة كان يصغي بقلوبهم قبل آذانهم، فيقرأ المشهد والعاطفة والنية، قبل أن ينطق بالكلمة المناسبة.

المسيرة العسكرية

اختار أبو حديثة طريق العسكر منذ صغره، طريق الخدمة والانضباط، ولم يكن خيارا عابرا، بل مسيرة حياة رسمها باختياراته ووعيه، التحق بأرقى المؤسسات العسكرية، فدرس البكالوريوس والماجستير في العلوم العسكرية، باحثًا عن المعرفة التي تصقل الفكر وتزيد القدرة على القيادة.
وانطلق بعدها في مسيرة طويلة في صفوف القوات المسلحة الأردنية، حيث يصنع الرجال، وتختبر المعادن، ويظهر من هو صادق في الوفاء ومخلص في الخدمة، هناك بين التدريبات والمناورات، وفي قلب ساحات المسؤولية والواجب، تعلم أبو حديثة أن الرجولة ليست بالكلمة ولا بالمركز، بل بالقدرة على التحمل، والوقوف في وجه الصعاب، واتخاذ القرار الصحيح حين تتقاطع الخيارات.
كانت مسيرته العسكرية امتدادًا لما زرعه في شبابه من قيم البادية الصبر، والثبات، والوفاء، لكنها أضافت إلى هذه القيم صلابة المنهج، ودقة التفكير، وانضباط السلوك، فخرج منها قائداً ليس فقط في الرتبة، بل قائدا في الأخلاق، وفي احترام الناس، وفي خدمة الوطن بلا كلل أو ملل.

تدرج ابو حديثة في المناصب بثبات:
• قائد كتيبة عام 1974 بداية لمسيرته القيادية والميدانية، حيث اكتسب احترام الجنود وضباطه، وعلمهم أن القيادة تبدأ بالقدوة.
• الملحق العسكري في سلطنة عُمان عام 1980 حيث أدار العلاقات العسكرية الأردنية مع الأشقاء، وجعل من الدبلوماسية العسكرية جسرا للثقة والاحترام.
• قائد لواء في الجيش العربي عام 1983 أصبح قادرًا على تخطيط وتنفيذ استراتيجيات واسعة، ورفع من مستوى الانضباط والاحترافية.
• مساعد المفتش العام للقوات المسلحة الأردنية عام 1986 محطة مفصلية أضافت له خبرة أكبر في التنظيم، والإشراف، وإدارة الموارد البشرية على نطاق واسع.
في كل هذه المناصب، كان ابو حديثة يضع الوطن في قلبه والجيش في يده، ويعامل كل النشامى كإخوة وأبناء، لم يكن صوته عاليًا، ولكن هيبته كانت كافية لتحويل أي مجلس إلى صمت احترام كانت القيم الأخلاقية والانضباط أساس كل قرار، وكان كل من عمل معه يشعر بالأمان والثقة والاعتزاز بالانتماء.

من الجيش إلى القلوب

بعد انتهاء مسيرته العسكرية، لم يتقاعد ابو حديثة عن خدمة وطنه، بل انتقل إلى المجال المدني والسياسي، محملاً بحكمة التجارب ومعرفة الناس واحتياجاتهم:
• وزير دولة (1991–1993 و1995–1996)
• رئيس مجلس إدارة شركة نقل وتطوير الخدمات عام 1997

كما حمل أمانة التمثيل الشعبي:
• عضو مجلس النواب الحادي عشر والثاني عشر
• عضو مجلس الأعيان الخامس عشر والتاسع عشر والعشرون
في هذه المناصب كان ابو حديثة رجل موقف، لا رجل كلمات حضوره تحت القبة كان يشبه وقوف النخلة في مواجهة ريحٍ عاتية ثابت، واثق، وصوته لا يناور، وكلماته دائما كانت قرارا وليس كلاما عابرا.
لم يكن ابو حديثة يبحث عن الألقاب، بل عن خدمة الناس كان وزيرا يخفف عن الناس أوزارهم، وينظر إلى وجعهم قبل أن تراه الأوراق الرسمية، وكان حاضرا في كل مناسبة، في كل بيت، في كل حاجة، حتى أصبح اسمه جابرا للخواطر وملاذا لأصحاب الهموم.

فلسفة البادية

البدوية عند أبو حديثة لم تكن مجرد انتماء يورث، ولا شعارا يتردد في المجالس، وكانت مسؤولية كاملة، وواجبا يشبه صلاة في عنق كل من يعرف قيمة الأرض ومن فيها كان يرى في البادية تحديا تنمويا لا يحل بالخطابات ولا بالصور، بل بالعمل الحقيقي، وبالمشاريع، وبالقرارات التي تغير حياة الناس لا دفاتر الاجتماعات، كان يرى أن البادية ليست أطراف الوطن، بل قلبه، وأن حقها لا يطلب بل يعطى، عمل بصمت يشبه همس ريح في آخر الليل يحرك الأشياء دون أن يطلب تصفيقا، ويصلح أمور الناس دون أن يرفع صوته أو يذكر أحدا بفضله، وكان يخدم أبناء البادية كما يخدم الأب أبناءه لا ينتظر شكرا، ولا يسجل معروفا، ولا يضع جميلا في رقبة أحد.

الرجل الذي غيّر ظروف الناس

لم تغيره المناصب يوما، ولم تأخذه كراسي المسؤولية بعيدا عن الناس، بل كان هو التغيير الجميل في حياة كثيرين، يقترب منهم كما يقترب النبع من ظمأ الصحراء، وكل من عرف ابو حديثة يشهد بأنه كان رجلا لا يشبه إلا نفسه، مخلصا للوطن إخلاص الجندي لسلاحه، وثابتا على العهد ثبات النخلة في وجه الريح، وفي الوقت ذاته حنونا على البشر، وصادقا في وعوده، ومعطاء من قلب لا يعرف البخل لا في الشعور ولا في الفعل، وكان إذا وعد أوفى، وإذا وقف مع أحد جعل الموقف سندا لا يكسر، وهكذا بقي ابو حديثة، رحمه الله، رجلا جمع بين القوة والرحمة في ذات واحدة.

الذكريات والمجالس

من يلتقي بأبو حديثة في مجلس الأعيان أو النواب كان يدرك قبل أن يستقر في مقعده حتى أن هذا الرجل لا يحضر ليملأ المكان بالكلام، بل ليملأه بالهيبة، كان حضوره موقفا بحد ذاته يقف كأنما على أطراف ضميره، ثابتا على ما يرى أنه حق، لا تهزه ضوضاء المجالس، ولا تغره أضواء المنابر، وكان صمته أحيانا أبلغ من أي خطاب مطول صمت يعرف الناس أنه ليس تهيبا، بل اتزان رجل اعتاد أن يزن الكلمات قبل أن يخرج حرف منها، وكأن كل لحظة صمت كانت تحمل خلفها تاريخا من التجربة والمعرفة والصدق، وحين يتكلم كانت نبرته وحدها كافية لإحداث تأثير أكبر من أي قانون يناقش، وأعمق من أي بيان يرفع، فهو لم يكن يلقي الكلام جزافا، ولم يكن يسترضي أحدا بعبارة، ولم يكن يرى في الحديث زينة توضع على الطاولة، بل مسؤولية تحمل على الكتف، وكل كلمة كان ينطق بها، كانت قرارا وموقفًا، وجملة تشبه توقيعا، ولم يكن كلامه على الورق، بل كان كلاما عليه غبار الميدان، وصدق البادية، وخبرة الرجال الذين جربتهم الحياة وخرجوا أنقى وأصلب، هكذا كان أبو حديثة رجلا إذا حضر أغنى المكان، وإذا تكلم رفع السقف، وإذا صمت منح الصمت قيمة جديدة.

الموت والحضور الأبدي

حين جاء هادم اللذات، جاء كما يأتي الحق في موعده، لا يقدم ولا يؤخر، فاختار من بين الرجال رجلا يليق به الرحيل، فرحل أبو حديثة واقفا، ثابتا، مرفوع الرأس، لا تنحني جباههم إلا لله، ولا تنكس راياتهم إلا حين تلثم بتراب الوطن، وهو يشيع على أكتاف نشامى أحبهم وأحبوه، وكأن الأرض نفسها كانت تمسك بأنفاسها احتراما لمشهد الوداع.
قيل فيه الكثير، وكل قول لم يزد إلا من حقيقة يعرفها الناس قبل الكلمات رحل السيف الذي أغمده الموت، ورحل الرجل الذي يُغني اسمه عن كل لقب، لأن اللقب يتشرف بحمله لا العكس، و كان صمته يشبه سحب أقسام بندقية صمت يسبق الفعل، ويوقظ الهيبة في القلوب قبل أن تقال أي كلمة، وكان حضوره يضفي جلالًا على المكان، وكأنه عمود خيمة إذا وقف استقام من حوله كل شيء، وكان أعلى نخلات البلد ضل وارف، وجذر عميق، وقامة إذا رآها الناس قالوا هكذا يكون الرجال، وبين الراحل وبين الصحراء حكاية أطول من أعمار الرواة فهم منها ما لم يقل، وعرف منها ما لا يكتب، كانت الصحراء تخر له خيمة، وهو يرد لها التحية بأن يظل ابنها البار، يقرأ وجوه رمالها كما تقرأ ملامح الأهل، ويصغي لليلها كمن يصغي لسر قديم لا يبوح به إلا للخلصاء.
غادر الحياة، نعم، ولكنه لم يغادرها قبل أن يترك توقيع الزعامة على رمالها ختما لا تمحوه الرياح، وعبرة لا تتلى إلا وقفت لها القلوب ترك وصيته للصحراءكوني حنونة على البدو، وكأنها وصية رجل يعرف أن الأرض أم، وأن البادية قلب إذا قهر انطفأ الوطن، وهكذا يمضي أبو حديثة لا يرحل إلا ليبقى،ولا يغيب إلا ليظهر أثره أوضح، كفارس يمتطي الغياب ليصير ذكرى لا تشيخ، وقصة تروى كلما اشتاق الناس إلى معنى الرجولة الحقة، وإلى رجال ولدوا ليكبروا، ثم يرحلوا كبارا كما عاشوا.

أبو حديثة… فصل لا ينتهي في ذاكرة الوطن

كأن الفجيعة حين مرت على الأردن أول أمس، لم تطرق بابا دون آخر، بل دخلت البيوت كلها بلا استئذان، وجعلت القلوب صفا واحدا في مأتم رجل لم يكن مجرد اسم في دفاتر الدولة، بل كان سطرا من نور في دفتر الرجولة ازدحم الناس في وداعه، حتى خُيل لمن رأى المشهد أن البادية كلها صارت قبيلة واحدة، وأن الأردن بأسره صار بيت عزاء واحداً، يتقاسم فيه الجميع الدمع والذكرى، ويستشعرون ثقلا في الصدر لا يحمله إلا الرجال الأشداء، فجمال حديثة الخريشا، رحمه الله، لم يكن رجلاً يمر في الحياة كما يمر العابرون كان مدرسة تمشي على قدمين، وصوت حكمة يهدأ عنده الغضب، وقلب أب تتسع له البوادي قبل المدن، كان يجمع في طباعه نعومة ظل الغيمة، وصلابة صخرة في هجير آب، وحين يقف على الحق كان كالنخلة لا تنحني، وإن انحنت فلتظلل غيرها، لم يعرفه الناس بصفته، بل عرفوه بصفاته، وبوفائه الذي كان يشبه عطر الأرض بعد المطر، وبتواضعه الذي كان يشبه جلوس شيخ كبير قرب نار الشتاء يفسح للآخرين مكاناً، وبثباته الذي يشبه وقوف فارس في باب القبيلة، لا يعبر الخوف من خلفه، ولذلك حين غاب، لم يغب صوته ولا رؤيته ولا الأثر الذي تركه في النفوس بقي حاضرا في المجالس حين يتحدثون عن الشرف، ويذكرونه في البادية حين تروى سير الرجال، ويستحضره أهل الدولة حين يُقال هكذا يكون الوفاء.
سيظل أبو حديثة، رحمه الله، سيرة تمتد مثل خيط ضوء في آخر الليل، لا ينطفئ وإن غاب صاحبه، وسيظل اسما يذكر فيقال بعده هذا من رجال الوطن الذين إذا رحلوا، بقيت البلاد تناديهم، وتجيب ذكراهم، هكذا يرحل الكبار يمضون بأجسادهم، ويبقون بما زرعوه في القلوب، ويبقى أثرهم مثل نجمة لا تخطئها عين السماء، ومثل قصيدة لا يمل الزمن من إنشادها.

Tags: home1
ShareTweetSendShare

أخبار أخرى

بورتريه

جمال حديثة الخريشا .. ترجل الفارس وبقيت سيرته تاجًا على ذاكرة الوطن

الأحد, 23 نوفمبر 2025, 13:13
بورتريه

الحسين بن عبدالله الثاني.. سليل المجد وراعي الإنجاز الوطني

السبت, 28 يونيو 2025, 23:27
بورتريه

فيصل الفايز  … زعيم القبيلة … ورجل الدولة … والقائد السياسي

الأحد, 12 يناير 2025, 12:24
بورتريه

“بورتريه صدى” .. الأمير الحسين بن عبدالله … نبراس الأمل لمستقبل الأردن

الجمعة, 28 يونيو 2024, 13:56
بورتريه

وداعا أيها الطبيب الانسان “علي قنديل”

الأحد, 25 فبراير 2024, 13:18
بورتريه

الصحفي وائل الدحدوح أيوب الصحافة … ومطرقة الحقيقية

الأحد, 14 يناير 2024, 13:26
  • سياسة الخصوصية
  • من نحن
  • اعلن لدينا
  • اتصل بنا

© 2023 جميع الحقوق محفوظة لصحيفة صدى الشعب الاردنية اليومية

No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • محليات
  • عربي دولي
  • جامعات
  • اقتصاد
  • الرياضة
  • تكنولوجيا
  • أخبار الفن
  • صحة و جمال
  • وظائف
  • تلفزيون صدى الشعب
  • عدد اليوم
    • الصفحات الكاملة لصحيفة صدى الشعب PDF

© 2023 جميع الحقوق محفوظة لصحيفة صدى الشعب الاردنية اليومية