صدى الشعب _ أسيـل جمـال الطـراونـة
ترتبط علاقة التعليم بتمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا بروابط متينة، تشكل الجذر الأساس للنمو والنهضة في كلا المجالين.
وفي هذا السياق، تؤكد ماجدة الشوبكي، مسؤولة وحدة تمكين المرأة والشباب ومديرة العلاقات العامة والإعلام في بلدية الشوبك، ل” صدى الشعب” أن التعليم يمنح المرأة المعرفة والمهارات التي تؤهلها للمشاركة الفاعلة في سوق العمل، كما يفتح أمامها آفاقا واسعة للتمكين الاقتصادي القائم على الجودة والقدرة على المنافسة.
وأشارت الشوبكي إلى أن هذا التمكين يُسهم في تعزيز الاعتماد على النفس، وتحقيق الاستقلالية المادية، كما يُغني الفكر، ويرتقي بقيم العدالة الاجتماعية، ويعزز مساهمة المرأة في صنع القرار على مختلف المستويات
وتوضح الشوبكي أن من أبرز صور العلاقة بين التعليم والتمكين هو ارتفاع فرص العمل، والحصول على وظائف ذات دخل جيد، ما ينعكس إيجابًا على قدرة المرأة على بناء أسرة مستقرة، والمنافسة على المناصب القيادية والإشرافية، وتضيف أن التعليم يعزز ثقة المرأة بنفسها ويمنحها القدرة على ريادة الأعمال، خاصة عندما تؤمن بقدراتها وتُقبل على تنفيذ مشاريع خاصة تسهم في تطوير ذاتها ومجتمعها.
ولا يقف الأمر عند حدود التمكين الفردي، بل يتعداه إلى التأثير المجتمعي الأشمل، إذ يؤدي التعليم إلى زيادة الإنتاجية، ورفع معدلات النمو الاقتصادي
والاجتماعي.
كما يُغير التعليم الأنماط التقليدية داخل المجتمع، ويُسهم في تعزيز كفاءة المرأة ورفع الوعي بدورها الأساسي في التنمية إلى جانب الرجل.
وتشير الشوبكي إلى أن لواء الشوبك يتمتع بنسبة عالية من تعليم الفتيات، حيث تُولي الكثير من النساء التعليم العالي أهمية رغم التحديات الجسيمة التي تواجههن.
وتؤكد أن هناك دراسات عديدة أثبتت أن الشهادة العلمية ترتبط بشكل وثيق بمقدار الدخل وفرص التوظيف، ما يمنح المرأة قيمة سوقية أعلى في مجالات المال والأعمال، ويُحسن موقعها على السلم الوظيفي.
كما يعزز التعليم قدرة المرأة على اتخاذ قرارات مستقلة، إذ يوفر بيئة تنافسية تبرز إمكاناتها القيادية، ويمنحها أدوات التأثير الإيجابي على مجتمعها، حيث تكتسب مهارات التحليل، والتفكير الإبداعي، والتواصل، والتخطيط، مما يعزز فرصها في النجاح ويزيد من طموحها.
وسلطت الشوبكي الضوء على أبرز التحديات التي تواجه تعليم الفتيات، وفي مقدمتها الفقر، واصفة إياه بأنه “كالسيف على عنق الحلم”، أو “رمال متحركة تلتهم خطوات الأمل، وتشير إلى أن تدني الأجور وارتفاع الأسعار والتضخم، عوامل تقف حائلًا أمام استكمال التعليم، خاصة في الأسر التي تعاني من البطالة أو لديها التزامات متعددة.
ومن أبرز التحديات
النقل العام، وارتفاع كلفة النقل الخاص ، وعدم تغطية معظم الدورات التدريبية لتكاليف الانتقال ، إلى جانب عدم توفر فرص عمل حقيقية بعد التخرج ، وهو ما يزيد العبء على الأسرة، ويُضعف حافز الفتيات لمواصلة التعليم أو التدريب.
كما تثني الشوبكي على جهود وزارة العمل في إعداد برامج وطنية تربط بين التدريب المهني والفرص الاقتصادية، لكنها تطالب بضرورة إنشاء مركز تدريب مهني في الشوبك، ليسهم في تأهيل الفتيات وتمكينهن من دخول سوق العمل، خاصة أن المنطقة تفتقر إلى المؤسسات التدريبية، على عكس مناطق أخرى تستفيد من القرب الجغرافي من مراكز التشغيل.
وتدعو هيئة تشجيع الاستثمار إلى النظر في إمكانيات لواء الشوبك، الذي يقع في موقع استراتيجي بين عمان والعقبة، كفرصة استثمارية واعدة لمشاريع إنتاجية تسهم في تمكين النساء اقتصاديًا، وتفتح لهن افاقا جديدة للعمل والإنتاج.
وتتحدث ربيع أحمد حسين الغنميين، إحدى المستفيدات من وحدة تمكين المرأة، عن تجربتها الناجحة، قائلة: أعمل في مجال صناعة الصابون من زيت الزيتون منذ سنوات، كما أعدّ الحلويات المنزلية، ولدي مشروع مرخص منذ أكثر من ١٣ عامًا. وحدة تمكين المرأة، وبالأخص السيدة ماجدة الشوبكي، كان لها دور كبير في إظهاري للمجتمع المحلي، حيث كنت في البداية أعاني من صعوبة الحركة والتكلفة العالية للمواصلات، لكن الشوبكي دعمتني واحتضنتني ضمن الوحدة، وفتحت أمامي أبواب المشاركة في دورات ومعارض كثيرة.
وتُشيد الغنميين بالدور الكبير الذي لعبته الشوبكي، قائلة: السيدة ماجدة لم تكن فقط مسؤولة، بل كانت أختا وصديقة وداعمة حقيقية، وقد ساعدتنا على التشبيك مع منظمات ومؤسسات، وأتاحت لنا فرصًا لعرض منتجاتنا، وبذلك أصبحذ جزءًا من نسيج المجتمع الإنتاجي.
تؤكد الشوبكي في ختام حديثها، أن تمكين المرأة يبدأ من التعليم، ويمتد عبر التمكين الاقتصادي والاجتماعي، ويتطلب شراكة حقيقية بين الجهات الحكومية، والمؤسسات التدريبية، والمجتمع المحلي.
وتوجه الشكر لصحيفة “صدى الشعب” على اهتمامها المتواصل بقضايا المرأة والتنمية، وحرصها على نقل صوت المجتمعات الأقل حظا، بكل مهنية ومصداقية.
