صدى الشعب _ أسيـل جمـال الطـراونـة
تؤكد الدكتورة مي عناتي ، كبير محرري جريدة كبير محررين جريدة الجوردان تايمز
(Editor-at -large/ The Jordan Times News paper) أن المشهد الإعلامي في الأردن شهد تحوّلاً نوعيًا ملحوظاً مع صعود الإعلام الرقمي إذ لم يعد التلقي الإعلامي محصورًا في نمط أحادي الاتجاه كما كان الحال في الإعلام التقليدي، بل أصبح تفاعليًا ومفتوحًا بشكل غير مسبوق.
وتوضح عناتي أن الجمهور في الوقت الراهن بات يمتلك القدرة على الوصول الفوري إلى المعلومة، لا سيما من خلال الهواتف الذكية والمنصات الرقمية، الأمر الذي أدى إلى نشوء نوع جديد من الجمهور جمهور نشط ومشارك، لا يكتفي بالاستهلاك بل يعلّق ويشارك و وينتج المحتوى أحيانًا.
وتشير عناتي إلى أن الإعلام الرقمي أتاح فرصًا أوسع لتخصيص المحتوى بما يتناسب مع اهتمامات المتلقي، مما أدى إلى تغير جذري في طريقة استهلاك المعلومة ، ونتيجة لهذا التخصيص، أصبح المتلقي يواجه تحديات جديدة، وعلى رأسها المصداقية، حيث بات من السهل تداول الشائعات والمعلومات غير الدقيقة،وبالتالي أصبح المتلقي أكثر وعيًا بل وأحيانًا أكثر تشككًا، ما يدفعه للبحث والتحقق قبل التصديق.
كما توضح عناتي أن وسائل التواصل الاجتماعي أثرت بشكل كبير على شكل الإعلام، إذ لم تغير فقط طريقة عرض الأخبار، بل طالت أيضًا كيفية إنتاجها وتداولها.
وقالت إن الأخبار تنتقل بلحظات، وتُعرض بلغة سريعة وموجزة، تناسب طبيعة المنصات مثل تويتر وإنستغرام ، وبناءً عليه تجد المؤسسات الإعلامية نفسها مطالبة بالتجاوب الفوري مع ما يجري، كي لا تتجاوزها سرعة المنصات الشخصية والمستخدمين الأفراد.
كما وتلفت عناتي إلى أن السوشال ميديا أعادت تشكيل أولويات التغطية الإعلامية، إذ بات ما يتصدر “الترند” يفرض نفسه على أجندة النشر ، ولم يعد إنتاج الأخبار حكرًا على غرف التحرير، بل أصبح المواطن العادي فاعلًا في عملية الإنتاج ضمن إطار ما يعرف بالصحافة التشاركية ، ونتيجة لذلك تغير دور الصحفي كذلك ، فبدلًا من كونه ناقلًا للمعلومة فقط، أصبح مطالبًا بأن يكون صانع محتوى متعدد المهارات، يتفاعل مع جمهوره عبر منصات رقمية متنوعة .
و تشدد عناتي على أن التفاعل الجماهيري الفوري أضاف بعداً جديدًا من الشفافية والمساءلة، إذ بات الجمهور يقيم أداء الصحفيين والمؤسسات الإعلامية من خلال التعليقات والردود الفورية وبينما تخلق هذه التفاعلات فرصًا للتطوير، فإنها تُشكل في الوقت ذاته ضغطًا سلبيًا قد يتمثل في التنمّر الرقمي أو التشكيك غير المبرر.
كما تميز عناتي بين الصحفي التقليدي وصانع المحتوى المستقل، موضحة أن لكل منهما موقعه ودوره في البيئة الرقمية، فالصحفي التقليدي حتى في العصر الرقمي، يظل ملتزمًا بمؤسسة إعلامية ذات سياسات تحريرية واضحة، ويعمل وفق معايير مهنية تشمل التحقق من المعلومات والتوازن والموضوعية.
وفي المقابل، فإن صانع المحتوى غالبًا لا يرتبط بمؤسسة، بل ينتج محتواه بحرية تامة من خلال منصات مثل يوتيوب وتيك توك، ويتفاعل بشكل مباشر مع الجمهور دون المرور بعملية تحرير أو مراجعة.
وتوضح عناتي إلى أن الإعلام الرقمي هو منح الطرفين أدوات جديدة إذ أصبح الصحفي مطالبًا بتطوير مهاراته الرقمية وتعزيز حضوره على المنصات، فيما بات صانع المحتوى أكثر وعيًا بأهمية المصداقية والمسؤولية الاجتماعية، خاصة حين يتناول قضايا حساسة ويحقق جماهيرية واسعة.
وختاماً تؤكد الدكتورة مي عناتي أن الإعلام الرقمي لم يلغي التمايز بين الصحفي التقليدي وصانع المحتوى، ولكنه أوجد بيئة إعلامية هجينة، يتداخل فيها الدوران بشكل متزايد ، وبهذا أصبحت الساحة الإعلامية أكثر تفاعلية، لكنها أيضًا أكثر تعقيدًا من حيث التحقق، وأكثر تنافسية من حيث التأثير والوصول.