صحيح ان الدولة الاردنية قد نجحت في تنظيم المشهد الانتخابي على الرغم من مناخات الوباء وسخرت كل جهودها من اجل انجاحه، وقدمت الهيئة المستقلة للانتخابات جهودا محمودة، كما للمؤسسات الامنية جهود مشكورة في التنظيم وحسن الاداء، لكن ما هو صحيح ايضا اننا اضعنا فرصة الاستثمار في العمل الحزبي الذي كانت له استحابة محمودة من خلال مشاركة الاحزاب مشاركة واسعة سطرها في المشهد الانتخابي، لكن عند اعلان النتائج ظهرت الاحزاب كانها ذلك الضلع القاصر.
فاذا كانت الاحزاب السياسية الضلع القاصر في الانتخابات والعمل النيابي، فمن يا ترى هو الضلع الكامل، واذا كانت الحكومة بكل اجهزتها لم تستطع تنفيذ اهم مفاصل الاوراق الملكية التي جاءت تجاه تشكيل حكومات برلمانية حزبية، فعلي كاهل من تقع مسؤولية تمكين الاحزاب بالوصول للبرلمان التي يعتبر تمكينها احد اهم اشتراطات العمل الديموقراطي والنيابي بل احد اهم عوامل الاصلاح السياسي فلا ديموقراطية ستكون سوية دون احزاب ولا الحياة النيابية ستصبح فاعلة دون كتل حزبية تحمي النائب من سطوة الحكومات وتقدم البرلمان بصورة سياسية.
فلقد استجابت الاحزاب بصورة كبيرة ومقدرة للمشهد الانتخابي واضافت للمشهد الانتخابي اضافة نوعية من خلال واسع مشاركة وحسن الاستجابة وبدلا ان تنصب الجهود لنصرتها والاخذ بيدها ذهبت المجهودات تجاه ارضاء الهويات الفرعية على حساب تمكينها وتنفيذ معادلة الاصلاح السياسي، الامر الذي ادى في نهاية المطاف لاكتفاء الاحزاب باحداث الغبرة الانتخابية دون تمثيلها او العمل على تمثيلها بصورة تحفظ مكانتها في المشهد العام.
فاذا كانت الاحزاب قد استجابت عبر مشاركة واسعة فلقد كان حري باصحاب الراي الاخذ بيدها، ليس من اجل القائمين عليها فحسب ولكن من اجل مكانة العمل الحزبي ودوره في الحياة العامة، فان بديل المؤسسات الحزبية المشروعة هو وجود حركات شعبية غير مؤطرة ولا منظمة، وهذا كان من المفترص ان يؤخذ بعين الاعتبار عند وضع خطة العمل ابتداء، فان وجود الاحزاب السياسية وحضورها في المشهد العام مسالة ضرورية للدولة وليست ترفا اجتماعيا وجوده وعدمه واحد، وهذا ما يتضح من نسبة المشاركة وفي برلمان 89 والبرلمان السابع عشر عندما تحاوزت نسبة التصويت حاجز 55 % غلي الرغم اجرائها في ثلوج شهر يناير، لكن مشاركة الاحزاب من خلال القوائم الوطنية رفعت من نسبة التصويت وجعلت المشهد في البرنامج يكون الافضل.
فلقد كان يمكن استثمار مناخات المشاركة الواسعة للاحزاب في بناء هذه المرحلة واعتبارها منطلقا للعمل الحزبي والحياة البرلمانية، لان معها وفيها يتم تشكيل كتل برلمانية مبنية على اساس حزبي بحيث تتفق فيما بينها على ارضية عمل تقوم على تطوير الحياة الديموقراطية بما يحقق رافعة للاصلاح السياسي في تطوير قوانين الحياة العامة عبر تمكين الاحزاب وتعزيز العمل الكتلوي النيابي، وهي الطريقة الانسب في تحقيق رؤية سيد البلاد للوصول الى تشكيل حكومات برلمانية حزبية، وهو ما يجب التنبه اليه عند وضع القطار على سكة مسار التصميم في خطة العمل القادمة التي لن تكون بعيدة، حتى نبتعد عن مسالة الانحراف في مسار السكة ولا نبقى ندور في فلك التبرير بسبب الظروف والبيئة المحيطة فلا البيئة ستكون اوروبا ولا الاشكالات المحيطة ستنتهي، لكن الشعب الاردني اصبح افضل من الفرنسي بثقافة المعرفة بالمقياس مع محيطه كما ان ظروف التشكيل والنخب السياسية فيه يمكن الاعتماد عليها في احقاق صورة برلمانية تضيف للدولة ولا تشكل عبئا عليها، وهذا ما نتطلع اليه وسنبقى نعمل لاجله.