صدى الشعب – سامي القاضي
بين حقائب السفر المرهقة ومشاعر الأمل المختبطة، وطأت قدم الشاب أحمد بني مصطفى (22 عامًا) أرض مطار عمّان قادمًا من رومانيا، كان يحمل في قلبه حلمًا كبيرًا بدعم منتخب بلاده، في مباراته الأخيرة أمام العراق ضمن تصفيات كأس العالم 2026، والتي انتهت بخسارة النشامى بهدف دون رد. لكن ما حدث بعد ذلك تحول إلى قصة إحباط وإهمال أثارت استياءً واسعًا.
اللاعب المحترف.. وحلم الدعم
أحمد بني مصطفى، لاعب كرة قدم أردني الأصل مولود في رومانيا، يمتلك جوازي سفر أردنيًا ورومانيًا، وهو لاعب محترف سابق في نادي دينامو بوخارست الروماني العريق، ومثل منتخبات رومانيا للفئات العمرية من تحت 14 سنة حتى تحت 21 سنة.
وقرر أحمد، الذي أنهى مؤخرًا تعاقده مع نادي أوتيلول غالاتي الروماني، الحضور إلى الأردن على نفقته الخاصة لتشجيع “النشامى” في لحظتهم التاريخية -التأهل الأول لكأس العالم- متحملاً كلفة تذاكر السفر والإقامة التي تجاوزت ألفي يورو.
ورغم علم الاتحاد الأردني لكرة القدم بوجوده في البلاد، وفقًا لرواية والده أكرم بني مصطفى، لم تتم أي استجابة لوجوده، ولم يُستقبل في المطار، ولم يُدعَ رسميًا أو يُنقل إلى الملعب، والأكثر إيلامًا أنه تم التنسيق مسبقًا لحصوله على خمس تذاكر له ولعائلته لحضور المباراة، لكنه تفاجأ عند وصوله باستلام تذكرتين فقط، مما سبب ارتباكًا.
وعندما حاول دخول ملعب المباراة قبل ساعة من انطلاقها، منعته قوات أمن الملاعب من الدخول بحجة “الوصول المتأخر”، رغم علم الاتحاد بوجوده ومحاولته الدخول في الوقت المحدد.
يقول والده: “كان لازم يودّوه على الملعب أو يستقبلوه في المطار”، لم يحظ أحمد بلقاء المدرب جمال السلامي أو أي مسؤول بعد المباراة كما كان يأمل، هذه السلسلة من الإجراءات، أو غيابها، جعلته يشعر بـ”إحباط كبير” و”خيبة أمل”، حسبما نقلها والد اللاعب.
واعتبر “أكرم” أن ما حدث “موقف مهين” لا يليق بلاعب محترف حضر خصيصًا لدعم بلاده، ويذكر أن أحمد غادر الأردن بعد المباراة مباشرةً، حاملاً معه ألم الإهمال بدلاً من فرحة الدعم.
المفارقة.. والفرص الضائعة
وتأتي هذه الحادثة في وقت يشهد فيه المنتخب الأردني الأول “النشامى” حقبة ذهبية بعد التأهل التاريخي لكأس العالم 2026، وضم عددًا من المحترفين مثل أحمد عساف ومحمد أبو النادي، وسيف طه، ويوسف قشي، الذين أثبتوا جدارتهم مع المنتخبات الوطنية.
أحمد بني مصطفى، بحكم ولادته في رومانيا ومسيرته الاحترافية الطويلة فيها (من دينامو بوخارست إلى أوتيلول غالاتي)، كان يحلم دائمًا “بأن يبصم أسميته في سجلات الكرة الأردنية”، كما ويمتلك الخبرة الكروية الأوروبية التي قد تثري المنتخب.
ويثير التساؤل الذي يطرحه الشارع الرياضي الآن، هل سيظل أحمد خارج حسابات النشامى رغم تأهله للبطولات العالمية أم أن الأبواب ستُفتح أمامه مستقبلاً ليمزج بين أصوله وحضوره الأوروبي في خدمة وطنه.
مستقبل مهني واعد.. رغم الجرح
في تطور جديد يُضيء على مستقبله المهني، كشفت صفحة “المحترفين الأردنيين في الخارج” على فيسبوك، نقلاً عن الكابتن عمر البيطار، عن دخول نادي بني ياس الإماراتي في مفاوضات رسمية لضم اللاعب الأردني أحمد بني مصطفى، ويُذكر أن أندية أخرى في الإمارات وقطر أبدت اهتمامًا باللاعب الشاب ذي المسيرة المميزة في الدوري الروماني، ما يؤكد قيمته السوقية وإمكاناته الكروية رغم الحادثة المؤلمة التي تعرّض لها مؤخرًا في وطنه الأم.
تذكير قاسٍ..
قصة أحمد بني مصطفى تحوّلت من مجرد حكاية إهمال محلي إلى رمز لإدارة الموارد البشرية الرياضية وقيمة المواهب المهاجرة، وبينما تسير المفاوضات مع بني ياس وغيرها، تظل حادثة عمّان جرس إنذار للاتحاد الأردني لإصلاح آليات التعامل مع المحترفين، قبل أن تتحول أحلام اللاعبين في خدمة الوطن إلى إنجازات تُحقق تحت ألوانٍ أخرى.