صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
في شهر رمضان، تتزايد ممارسات الإسراف في الطعام بشكل ملحوظ في العديد من المجتمعات، ومنها المجتمع الأردني، حيث يترافق الاحتفال بهذا الشهر المبارك مع تحضير كميات كبيرة من الأطعمة والمشروبات.
ورغم أن الشهر الفضيل يمثل شهرًا للعبادة والتقوى، إلا أن هدر الطعام أصبح ظاهرة متزايدة تؤثر سلبًا على الاقتصاد والمجتمع.
وتشير الدراسات إلى أن نسبة كبيرة من الطعام المقدم على الموائد يذهب سدى، سواء نتيجة للأفراط في الشراء أو تحضير كميات أكبر من الحاجة الفعلية.
فريحات: هدر الطعام بالأردن يكفي لإطعام 1.5 مليون شخص سنويًا
وفي هذا السياق قالت أمين سر مجلس الأمن الغذائي، الدكتورة ندى فريحات، إن تقديرات غير رسمية تشير إلى أن الفرد في الأردن يهدر حوالي 101 كيلوغرام من الطعام سنويًا، ما يعادل 1.136 مليون طن من الغذاء، مضيفة ان هذه الكمية تكفي لإطعام نحو 1.5 مليون شخص لمدة عام كامل.
وأشارت فريحات خلال حديثها لـ”صدى الشعب” أن الاستهلاك الغذائي يزداد في هذا الشهر، مما يساهم في زيادة نسبة الهدر.
ولفتت الى إنه تم إطلاق مبادرة “لا لهدر الغذاء”، بالتعاون مع دائرة الإحصاءات العامة وبرنامج الأغذية العالمي، والتي تركز على سد الفجوة المعلوماتية في الأردن بشان هدر الغذاء.
وأكدت ان المبادرة تستهدف أجراء دراسات وأبحاث حول هدر الطعام في المنازل، الفنادق، المطاعم، والمستشفيات، بهدف توفير بيانات تفصيلية ومحدثة بحلول منتصف عام 2025.
وقالت، إن الأسباب الرئيسية لزيادة هدر الطعام خلال شهر رمضان تشمل عدة عوامل، ابرزها سلوكيات الشراء المفرطة، والأنشطة الترويجية، والعادات الثقافية السلبية، أضافه الى ضعف المعرفة بطرق الطهي والتخزين، وتفضيل الطعام الجاهز، والعادات الغذائية غير الصحية.
وأوضحت أن هذه العوامل تزداد في شهر رمضان نتيجة العادات الغذائية الخاصة بالشهر الفضيل، مثل تحضير كميات كبيرة من الطعام تحسبًا للصائمين، وتنوع الاطباق، فضلًا عن زيادة العزائم والولائم التي تساهم في تفاقم المشكلة.
وقالت إن هدر الطعام يوثر سلبًا على الأمن الغذائي، حيث يمكن للكميات المهدرة أن تلبي احتياجات عدد كبير من الأشخاص المحتاجين.
وأضافت إنه على الصعيد البيئي، يساهم هدر الطعام في استنزاف الموارد الطبيعية، إذ يُستخدم نحو 70% من المياه و30% من الطاقة عالميًا في الزراعة وإنتاج الغذاء.
وأكدت، على أن وزارة الزراعة أطلقت مبادرة “لا لهدر الغذاء” بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، بهدف الحد من هدر الطعام في الأردن.
وأشارت إلى أن المبادرة تشمل عدة انشطة توعوية وبرامج لحوكمة هدر الغذاء، بالإضافة الى برامج ابتكارية تستهدف الشباب والشابات، ودراسات وأبحاث تهدف الى دراسة سلوكيات هدر الطعام.
وأضافت أن المبادرة تتضمن تنظيم مسابقة هاكاثون للشباب والشابات ودعم الأفكار الريادية التي تساهم في الحد من هدر الغذاء، كما تم أنشاء لجنة دائمة في مجلس الغذاء مختصة بشؤون الفاقد والمهدر من الغذاء، تضم ممثلين من مختلف الوزارات والمنظمات والمؤسسات الحكومية.
وفي أطار تعزيز التوعية، أشارت إلى إن الوزارة أطلقت حملة وطنية تستهدف توجيه السلوك حول الهدر الغذائي، والتي ستستمر لمدة عام كامل، بدءًا من رمضان 2025. الحملة تستهدف الأسر والمطاعم والفنادق وغيرها من المنشآت.
وتعمل وزارة الزراعة على تعزيز نظام الحوكمة في قطاع هدر الغذاء من خلال مأسسة أعمال الجمعيات عبر تأسيس اتحاد نوعي تحت مظلة وزارة التنمية الاجتماعية ومجلس الأمن الغذائي وفق ما أكدته فريحات.
وأكدت، أن المواطنين يمكنهم المساهمة في تقليل هدر الطعام خلال شهر رمضان من خلال عدة طرق فعالة، موضحة أن ذلك يمكن أن يتم من خلال التخطيط الجيد للوجبات، وشراء الكميات المناسبة، وتخزين الطعام بشكل صحيح، بالإضافة إلى استخدام بقايا الطعام وتجنب الإسراف في العزائم.
وأضافت أنه يمكن للمواطنين المشاركة عبر التطوع في الجمعيات المعنية بالحد من هدر الغذاء أو التبرع بالفائض من الطعام.
كما أشارت الى أهمية تحمل المسؤولية الفردية والمجتمعية في نشر الوعي بين العائلة والأصدقاء، وتشجيع الممارسات الإيجابية للحد من الهدر، ما يسهم في خلق ثقافة مستدامة تجاه الغذاء.
وأكدت، أن المجلس يعمل بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي على مأسسة مبادرات إدارة هدر الغذاء في الأردن، بما في ذلك جمع الفائض الغذائي وأعاده توزيعه على المحتاجين، من خلال تعاون مع جمعيات متخصصة في مختلف محافظات المملكة.
وأضافت انه يتم حاليًا العمل على أنشاء مظلة وطنية مستدامة لتنسيق جهود إدارة هدر الغذاء، تحت أشراف وزارة التنمية الاجتماعية، بهدف تعزيز فعالية هذه المبادرات على المستوى الوطني.
وأكدت، ان الخطط المستقبلية للحد من هدر الطعام تشمل عدة جوانب هامة، ابرزها الاستمرار في تنفيذ مبادرات “لا لهدر الغذاء”، وأجراء المزيد من الدراسات والأبحاث، بالإضافة الى تطوير السياسات والتشريعات المتعلقة بالموضوع. كما أشارت الى أهمية تعزيز التعاون مع المؤسسات المختلفة وتنظيم حملات توعية مستمرة.
وأضافت ان من بين الخطط المستقبلية أرفاق مؤشرات هدر الغذاء الى نظام إدارة معلومات الأمن الغذائي الوطني، الذي تم أطلاقه لرصد وتحليل حالة الأمن الغذائي، وتوفير تقارير دورية حول المؤشرات الرئيسية وتنفيذ المبادرات القطاعية.
وفي أطار الحملات التوعوية، اوضحت ان هناك خططًا مخصصة لتوجيه السلوك، تشمل تنفيذ مبادرات وحملات توعوية تستهدف مختلف الجهات، مثل صناع القرار، المخابز، السجون، شركات الإعاشة، المدارس، والجامعات.
الزعبي: سوء التخطيط والعادات الاستهلاكية وراء زيادة هدر الطعام في رمضان
من جانبه وأوضح خبير الأمن الغذائي فاضل الزعبي أن الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى هدر الطعام في شهر رمضان تتمثل في إعداد كميات كبيرة تفوق الحاجة، بالإضافة إلى التنوع المفرط في مائدة الافطار والسحور.
وأشار الزعبي خلال حديثه لـ”صدى الشعب” الى أن سوء التخطيط لوجبات رمضان والعادات الاستهلاكية السائدة في المطاعم والفنادق تلعب دورًا كبيرًا في زيادة الهدر.
كما أشار الى أن عدم الوعي بأهمية حفظ الطعام وأعاده تدويره، بالإضافة إلى العروض التجارية التي تشجع على الشراء المفرط، وتقديم الطعام المجاني بكميات كبيرة في الموائد الرمضانية، تسهم جميعها في تفاقم هذه الظاهرة.
في أطار الحديث عن الحلول المقترحة للحد من هدر الطعام خلال شهر رمضان، أكد أن التخطيط المسبق للوجبات يُعد من أهم الحلول، وذلك عبر إعداد قوائم طعام أسبوعية لتحديد الكميات المناسبة للطهي وتقليل الكميات المطهية.
وأوضح انه من الضروري تحضير طعام يكفي الاحتياجات الفعلية دون إسراف، بالإضافة الى إعادة استخدام الطعام الفائض وتحويله الى وجبات جديدة مثل الشوربات واليخنات.
وأضاف أن التبرع بالطعام الفائض يعد من الحلول المهمة، حيث يمكن التعاون مع الجمعيات الخيرية لتوزيع الطعام غير المستهلك.
وأكد على ضرورة نشر التوعية المجتمعية وتثقيف الأفراد والعائلات حول ثقافة الاستهلاك المسؤول وحفظ الطعام، مشددا على اهمية فرض سياسات في المطاعم، مثل تشجيع المطاعم على تقديم أطباق بحصص اصغر أو فرض رسوم على الهدر في البوفيهات المفتوحة.
وأكد أن العروض الترويجية في المحلات التجارية تساهم بشكل كبير في زيادة الشراء المفرط للمواد الغذائية، حيث تخلق إحساسا زائفا بالحاجة للشراء.
وأضاف أن هذه العروض تدفع المستهلكين الى الشراء العشوائي وغير المخطط له، ما يؤدي الى تخزين غير مناسب وزيادة الهدر الغذائي.
كما أشار الى التأثير النفسي للعروض والخصومات، لاسيما فيما يتعلق بالمنتجات القابلة للتلف التي غالبًا ما يتم استهدافها في هذه العروض.
وأكد على أهمية التخطيط المسبق للوجبات خلال شهر رمضان كاحد الحلول الرئيسية لتقليل هدر الطعام، موضحا أن تقليل الكميات المطهية وتجنب الفائض يسهم بشكل كبير في توفير المال وترشيد الأنفاق.
كما أشار الى أن التخطيط يساعد في تنظيم الوقت وتسهيل الطهي، حيث أن معرفة قائمة الوجبات مسبقًا يوفر الوقت والجهد.
وأضاف أنه من خلال التخطيط الجيد يمكن الاستفادة من بقايا الطعام وأعاده تدويرها، مثل استخدام بقايا طعام الإفطار في وجبات السحور أو في اليوم التالي.
وأكد على ضرورة إعداد قائمة أسبوعية للوجبات وكتابة قائمة مشتريات ذكية، بالإضافة الى الاستفادة من بقايا الطعام بحكمة، داعيا إلى التبرع بالطعام الفائض كإحدى الطرق المهمة لتقليل الهدر.
وأكد على ضرورة وضع ميزانية تتناسب مع حجم الدخل الشهري، مع تخصيص ثلث الميزانية للبقوليات، وثلث اخر للحوم والبروتينات والألبان، بينما يُخصص الثلث الأخير للخضروات والفواكه.
وشدد على أهمية تحليل استهلاك الأسرة اليومي والأسبوعي، وأعداد قائمة مشتريات دقيقة لتحديد احتياجات الأسرة الفعلية.
ونصح بعدم الذهاب للتسوق أثناء الشعور بالجوع، لان ذلك قد يؤدي إلى شراء كميات اكبر من اللازم.
وأضاف انه من الضروري تجنب العروض المغرية والشراء العشوائي.
وأوصى باتباع نظام “الأقدم أولا” في التخزين لضمان استخدام المنتجات قبل انتهاء صلاحيتها وتقليل الهدر.
وأكد على أهمية حفظ الخضروات والفواكه بشكل صحيح لضمان حفظها من الهدر، موضحاً أنه يمكن الاستفادة من بقايا الطعام وتحويلها الى وجبات جديدة، مشيرًا الى أهمية إعادة استخدام بقايا الطعام كإحدى الطرق الفعالة لتقليل الفاقد الغذائي.