صدى الشعب – ليندا المواجدة
قدّم الدكتور عادل محمد الوهادنة، استشاري المناعة والروماتيزم (MD MSc FRCPCH)، عرضاً علمياً رقمياً وإحصائياً موسعاً حول فيروس الروتا، موضحاً حجم التباين بين ما يروَّج في المجالس الشعبية وبين الحقائق الطبية المبنية على الأدلة العلمية.
وأكد مدير عام الخدمات الطبية السابق، في حديثه لـ(صدى الشعب) أن فيروس الروتا لا يزال مسؤولًا عن قرابة 200 ألف حالة وفاة سنوياً عالمياً لدى الأطفال دون سن الخامسة، بحسب منظمة الصحة العالمية (2024)، مشيراً إلى انخفاض كبير في نسب الإصابة بعد إدخال اللقاح في برامج التطعيم الوطنية بمنطقة الشرق الأوسط، حيث تراجعت الحالات بأكثر من 70%.
ماذا عن الأردن؟
وتابع الوهادنة أن الأردن سجل انخفاضاً في دخولات المستشفيات بسبب إسهالات الروتا بنسبة تتراوح بين 45% و60% منذ اعتماد اللقاح عام 2015، وهو ما اعتبره إنجازًا مهمًا في حماية صحة الأطفال وتقليل الأعباء الصحية والاقتصادية.
وبين في حديثه أن أعراض الإصابة بالفيروس تظهر عادةً بعد فترة حضانة من يوم إلى ثلاثة أيام، وتتمثل بإسهال مائي شديد مصحوب بقيء وارتفاع حرارة، إلى جانب مخاطر الجفاف التي قد تكون قاتلة في حال عدم تعويض السوائل والكهارل، مؤكدًا أن الاعتقاد السائد بارتباط المرض بـ«التسنين» أو «تيارات الهواء» لا أساس له علميًا.
الأطفال و العلاج
وأشار الدكتور الوهادنة إلى أن 95% من الإصابات الشديدة تحدث عند الأطفال دون عمر السنتين، لافتًا إلى أن أعلى نسب المضاعفات تقع في الفئات التي لم تحصل على الرعاية الصحية أو اللقاح. كما شدد على أهمية التشخيص المخبري المؤكد باستخدام فحص المستضد الفيروسي في البراز، خاصةً مع محدودية التشخيص السريري وحده في بعض المناطق.
وحول العلاج، أوضح الدكتور أنه لا يوجد دواء مضاد للفيروس بحد ذاته، إنما يعتمد التدخل على تعويض السوائل والكهارل، محذرًا من خطورة الاكتفاء بالوصفات الشعبية مثل الأعشاب أو عصير التفاح واللبن، والتي قد تزيد نسبة الجفاف وتؤخر العلاج الصحيح.
وتحدث د. الوهادنة عن فعالية لقاح الروتا، الذي يُقلل من خطر الإصابة الشديدة بنسبة تصل إلى 98% وفق دراسات منظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الأمراض، نافيا الشائعات المتداولة حول ربطه بمشاكل معوية خطيرة عند إعطائه ضمن الجداول الزمنية المقررة.
تغطية اللقاح
وبيّن أن تغطية اللقاح في الأردن تجاوزت 92%، إلا أن بعض المناطق ما زالت تعاني انخفاضًا بسبب أفكار مغلوطة متداولة في المجالس الشعبية. وأكد أن التطعيم أسهم في خفض التكاليف الصحية المرتبطة بحالات دخول المستشفيات بما يزيد على 60%، بعدما كانت تصل إلى 3.5 مليون دينار سنويًا قبل اعتماد اللقاح.
هل يتحور بعد اللقاح؟
كما تناول في حديثه ما يتردد عن «تحور» فيروس الروتا بعد اللقاح، موضحًا أن التغييرات الطفيفة التي ظهرت في أنماطه الجينية لم تؤثر على شدة المرض أو فعالية اللقاح حتى اليوم.
وأشار أيضًا إلى أثر المناعة المجتمعية، موضحًا أن التطعيم الجماعي يساهم في حماية حتى الأطفال غير المطعمين بنسبة تقارب 40% من خلال تقليل انتقال العدوى.
أهمية التوعية
وفي جانب آخر، لفت الدكتور الوهادنة إلى وجود فجوة معلوماتية، حيث أظهرت إحدى الدراسات أن 22% من الأمهات لم يقدَّم لهن شرح كافٍ عن فوائد اللقاح، ما يتيح المجال أمام الشائعات للتأثير على القرار الصحي.
وختم الدكتور الوهادنة حديثه بالتأكيد على ضرورة صياغة خطاب صحي مبسّط وواضح، يحترم ثقافة الناس ويستند إلى الحقائق والأرقام بعيدًا عن المبالغات والانطباعات، مشيرًا إلى أن حماية صحة أطفالنا مسؤولية مشتركة بين الأطباء وصناع القرار والإعلام الصحي