صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
مع بدء العديد من طلبة الثانوية العامة في بداية الشهر الحالي التقدم لاختباراتهم التحصيلية النهائية للصف الـ12 “التوجيهي”، والمعروفة أيضًا بـ”الاختبارات التجريبية”، حيث تُعتبر هذه الاختبارات أداة حيوية في تحضير الطلاب للامتحانات النهائية من خلال محاكاة واقعية للامتحانات الرسمية.
وتوفر هذه الاختبارات للطلاب فرصة لتقييم مستواهم الأكاديمي واكتشاف نقاط قوتهم وضعفهم، مما يساعدهم على التحضير بشكل أفضل.
ومع ذلك، فإن فعالية هذه الاختبارات تعتمد بشكل كبير على الجدية في التعامل معها من قبل جميع الأطراف المعنية، سواء من الطلاب أو المعلمين أو أولياء الأمور، ففي حال تم الالتزام بأسس إعداد هذه الاختبارات وتنفيذها بجدية، فإنها تصبح أداة فعّالة لتخفيف التوتر النفسي والضغط الذي يواجهه الطلاب قبل الامتحانات النهائية، مما يعزز استعدادهم ويُحسن نتائجهم في تلك الامتحانات.
وتشكل الاختبارات التجريبية تشكل 40 % من علامة الفصل الدراسي الثاني، فيما تنص المادة (4) من تعليمات أسس النجاح والإكمال والرسوب للعام الدراسي الحالي، على أن تقييم طلبة الصفوف من الـ4 الأساسي وحتى الـ12، يكون عبر اختبارين مدرسيين، يشكل كل منهما 20 % من العلامة، بالإضافة لتقويمات مستمرة تعتمد على الأداء، لتشكل 20 %، اما الامتحان النهائي فيُخصص له 40 %.
النوايسة: التعامل الشكلي مع الاختبارات التجريبية تفقدها قيمتها
وفي هذا السياق، أكد الخبير التربوي الدكتور عايش النوايسة أهمية الاختبارات التجريبية لطلبة الثانوية العامة، مشيرًا إلى أنها تمثل محاكاة حقيقية للامتحانات النهائية إذا ما أُعدّت بصورة علمية وجدية، وفق معايير القياس والتقييم التربوي.
وقال النوايسة خلال حديثه لـ”صدى الشعب” إن هذه الاختبارات تُعد بالغة الأهمية، شريطة أن يتم التعامل معها بجدية من قبل كافة أطراف العملية التعليمية، وأن تُبنى وفق أسس واضحة تنسجم مع معايير الاختبار الناجح، والذي يستند إلى جدول مواصفات المادة الدراسية.
وأضاف أن إعداد الأسئلة يجب أن يكون مبنيًا على توزيع دقيق لأهداف الوحدات الدراسية وحجم كل وحدة، وأن تُصاغ الأسئلة بما يراعي القدرات العقلية المختلفة للطلبة، من المستويات الدنيا إلى المستويات العليا.
وأوضح أن الورقة الامتحانية المثالية يجب أن تتنوع في مستوياتها، بحيث تضم أسئلة يستطيع جميع الطلبة الإجابة عليها، إلى جانب أسئلة ذات صعوبة متوسطة تستهدف غالبية الطلبة، بالإضافة إلى مجموعة من الأسئلة عالية المستوى التي تهدف إلى تمييز الطلبة المتفوقين.
وأضاف أن توفر هذه المعايير في بناء الاختبار من شأنه أن يجعل من الاختبار التجريبي صورة مصغرة واقعية لاختبار الثانوية العامة.
وشدد على أن مثل هذه الاختبارات، إذا نُفّذت ضمن بيئة جدية من حيث قاعات الامتحان والمراقبة والتزام الطلبة، وبدعم من المعلمين وتحفيز من أولياء الأمور، فإنها تمنح الطلبة فرصة حقيقية لتقييم أنفسهم قبل دخول الامتحان النهائي، خاصة أن المحتوى الدراسي واحد، ويتمثل في الكتاب المدرسي نفسه الذي تُبنى عليه أسئلة الاختبارين التجريبي والنهائي على حد سواء.
ولفت إلى أن المعلمين يمتلكون الخبرة الكافية في التعامل مع هذه الاختبارات، إلا أن ما يُلاحظ هو وجود ضعف في دافعية الطلبة نحوها، إلى جانب تراجع اهتمام بعض المعلمين، وغياب الانضباط المدرسي، الأمر الذي يفقد هذه الامتحانات قيمتها الحقيقية.
وأشار إلى أن، الاختبارات التجريبية تُجرى في كثير من الأحيان بشكل شكلي، حيث لا يلتزم بالتعامل الجاد معها سوى عدد قليل جدًا من الطلبة.
وبيّن أن هذا التعامل السلبي ينعكس بشكل مباشر على أداء الطلبة، موضحًا أن الغالبية منهم يشاركون في هذه الاختبارات بهدف اجتياز المتطلبات المدرسية فقط، وليس بدافع الاستفادة الحقيقية منها.
وأضاف أن الطالب الذكي هو من يضع نفسه في بيئة تحاكي الامتحان الرسمي، ليستفيد منها قدر الإمكان، ويقوم بتقييم نقاط القوة والضعف لديه قبل أن يخوض تجربة الثانوية العامة الفعلية.
وأوضح أن التعامل السلبي مع هذه الاختبارات من قبل الطلبة، بالإضافة إلى قلة الاهتمام من قبل أولياء الأمور، يعيق بشكل كبير فاعلية هذه الامتحانات في الحد من التوتر والضغط النفسي الذي يواجهه الطلبة قبل الامتحانات النهائية.
وأشار إلى أن هذه الاختبارات تعد أداة هامة للتقييم الذاتي وتخفيف الضغط، إلا أنها لا تحقق أهدافها ما لم يتم التعامل معها بجدية.
كما أشار إلى وجود تفاوت واضح في الجدية بين مدارس الإناث ومدارس الذكور، حيث تظهر الطالبات والمعلمات التزامًا أكبر واهتمامًا ملحوظًا بهذه الاختبارات، بعكس ما يحدث في العديد من مدارس الذكور، الأمر الذي يُعد مؤشرًا مهمًا على الحاجة إلى تفعيل هذه التجربة بصورة أكثر شمولية في مختلف البيئات التعليمية.
الأحمد: نتائج التجريبية تكشف نقاط القوة والضعف بوضوح
من جانبها أكدت الخبيرة التربوية ضياء الأحمد على أهمية الاختبارات التجريبية في إعداد الطلبة وتأهيلهم لخوض الامتحانات الوزارية بثقة وكفاءة.
وأوضحت الأحمد خلال حديثها لـ”صدى الشعب” أن هذه الاختبارات تُعد خطوة ضرورية لتدريب الطلبة على كيفية التعامل مع ورقة الأسئلة في الامتحانات الرسمية، حيث تتيح لهم فرصة ثمينة لتعلّم إدارة الوقت، وتسريع الأداء، وتحقيق دقة أكبر في الإجابة.
وأشارت إلى أن أحد أبرز فوائد الاختبارات التجريبية هو تعزيز قدرة الطالب على الاعتماد على النفس، والابتعاد عن محاولات إيجاد طرق للإجابات الجماعية أو استخدام وسائل الغش، مما يجعلها أداة فعّالة في تأهيل الطلبة للتعامل مع أنماط الأسئلة في الامتحانات الوزارية بصورة مسؤولة ونزيهة.
وشددت على الدور النفسي الذي تلعبه هذه الاختبارات، موضحة أنها تُساهم في إزالة الرهبة وتقليل القلق المرتبط بفترة الامتحانات، وهو ما يعاني منه العديد من الطلبة عادة.
وأضافت أن هذه الاختبارات تهيئ الطلبة نفسياً لبيئة الامتحانات العامة، وتساعدهم على فهم طبيعة الصعوبة المتوقعة ومستوى الأسئلة، مما يخفف من التوتر ويعزز من ثقتهم في أنفسهم.
وأكدت أن للاختبارات التجريبية دوراً كبيراً في تعزيز استعداد الطلبة الأكاديمي والنفسي، إذ تمنحهم فرصة للتدرب العملي على أجواء الامتحانات الحقيقية، بما يمكّنهم من التعايش معها في ظل ظروف نفسية طبيعية، ويكسبهم مهارات مواجهة الضغوط بفعالية.
وأكدت الأحمد، في ردها على سؤال حول مدى قدرة الاختبارات التجريبية على تحديد مستوى الأداء الأكاديمي للطلبة، أن هذه الاختبارات تفي بهذا الغرض، موضحة أنه “يتم تقديم ملاحظات فردية على أدائهم، خاصة وأن هذه الاختبارات تهدف إلى تقديم تقييم ذاتي للطلبة يمكنهم من تطوير قدراتهم المعرفية
كما بيّنت أن هذه التجارب التعليمية لها أثر إيجابي كبير في تحفيز الطلبة، وزيادة مستوى الثقة بالنفس لديهم، من خلال التعرف على نقاط القوة والعمل على تحسين نقاط الضعف بعد تحليل نتائج الاختبارات بالتعاون مع المعلمين.
وأكدت أن ذلك يُعد خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف أكاديمية عالية، والمساهمة في تمكين الطلبة من مواجهة التحديات الدراسية بشكل إيجابي وفعّال.
وأشارت إلى دور الأسرة المحوري في هذه المرحلة الحساسة من حياة الطالب، إذ أكدت على أهمية إحاطة الأبناء بجو من الأمان والثقة، والتواصل المستمر مع الكادر التعليمي، لما له من أثر في إزالة الحواجز النفسية التي قد تعيق تقدمهم.
وأوضحت أن هذا التواصل يسهم في متابعة الأبناء عن قرب، والتعرف على ما يواجههم من صعوبات، والعمل على حلها، لا سيما تلك التي تؤثر على أدائهم المعرفي والنفسي داخل بيئة الامتحانات.
ولفتت إلى أن كل هذا يتطلب دعماً نفسياً مستمراً من قبل الأسرة، وتوفير بيئة آمنة وهادئة، لضمان أفضل أداء ممكن للطلبة في مسيرتهم التعليمية.