صدى الشعب – حلا باسل الحَبيس
كانت بعمر الثالثة عشرة حين علمت إصابتها بمرضها من والدها.. كانت طفلة لا تعرف عن هذا المرض شيئًا .. أصيبت (سلمى) بمرض الصرع ، وهو نوبة من اندفاع نشاطٍ كهربائي مفاجئ في الدماغ لا يمكن السيطرة عليه.
هي لم تفهم ما كان معها وهي في المستشفى، ولم تتوقع أن يكون معها أي شيء؛ لأن الطبيب والممرضين كانوا يعطونها طاقة إيجابية بتصرفاتهم وضحكاتهم الدائمة حولها، لكنها عرفت.. وسألت والدها عن نتيجة تلك الفحوص الغريبة التي لم يسبق لها برؤيتها ولا حتى بالأفلام السينمائية، استفسرت عن طبيعة المرض – وهي ترجو الله أن لا يمسها أي ضرر- لكن والدها شرح لها ما بها بشكل مبسط مشبهًا الدماغ بالقطار والشحنات الزائدة بجوٍ غير مستقر وأناس يركبون زيادة لذلك أصيبت بهذا المرض.
قال لها والدها: يتحتم عليك أخذ دواء بجرعات معينة كل يوم. لكنها حدثت نفسها: بأن المرض تسمع به لأول مرة، “وسأتناول جرعات الدواء كي أتشافى، إذن هناك دخيل على حياتي غير مرحب به لفترة معينة، فعلي بذل ما بوسعي لأتخلص من المرض”.
لكن تلك الفترة المعينة امتدت لنحو سبعِ سنوات، أثرت على حياة سلمى بشكلٍ لا يوصف، بالأخص أن المرض والدواء لهما آثارهما الجانبية من هيجان في المشاعر، خاصةً الاكتئاب والقلق، ولهما قابلية أعلى من الإنسان العادي .
اضطرت (سلمى) للتعايش مع المرض، لكن بعد بدء العلاج بفترة وجيزة بدأت تقرأ أكثر عن المرض وبدأت تحب نفسها أكثر لتتقبل هذا المرض وكأنه شيء عادي وطبيعي.
تتابع (سلمى)سرد قصتها وتقول: كنت أذهب كل شهرين لزيارة الطبيب المختص، وفي الموعد الأخير بعد زيارتي طلب مني تخطيط للدماغ، وقتها قال لي والضحكة طاغية عليه وبنبرة مفرحة: “مبارك يا سلمى وضعك الآن طبيعي لقت شُفيت من المرض بالكامل، وسنبدأ مباشرة بتخفيف جرعات الدواء”.
صُدمت سلمى لكن بشكل إيجابي، إذ كانت لا تتوقع أن يقول لها الطبيب أنها شوفيت تمامًا فقد أصبح المرض جزءًا لا يتجزأ منها والدموع تغرغرت بعينيها من الفرحة وفي ذات الوقت قالت: شكرًا لك قد كانت شاقة لكن ممتعة بكل تفاصيلها أشكرك دكتور عبدالكريم، أنا سعيدة كثيرًا أشكرك مرة أخرى.
لم تكن الفرحة التي ظلت بداخل (سلمي)لفترة طويلة، ولكنها انتقلت الى الأهل الذين عبروا عن ابتهاجهم بشفاء ابنتهم، باحتضانها، وقدمت امتنانها وشكرها إلى أبيها وأمها، لوقوفهم معها طوال تلك السنوات وتحمُل كل تبعات المرض، وبعدت قدمت شكرها الى رب العباد، بالصلاة ركعتين لله على هذا الخبر السار وبكت بكل فرحة متشكرة الله على كل شيء متمنية دوام الصحة.
يقول استشاري أمراض الدماغ والأعصاب والصرع للأطفال الدكتور عبدالكريم القضاة، إن الصرع حالة مرضية شائعة الحدوث، تصيب من 0,005(نصف) إلى 1% من إجمالي مختلف الأعمار وتصيب 8-9% من تجاوز عمرهم الثمانين عامًا.
وأوضح القضاة، أن أهم وظائف الدماغ هي إدارة التيارات والشحنات الكهربائية والتي بدورها تقوم بوظائف الجسد الحركية، الإدراكية واللغوية.
يؤكد القضاة أنه يمكن السيطرة على النوبات مع الالتزام بالعلاج المناسب مهما كانت أشكال هذه النوبات، ويمكن للشخص المصاب ممارسة حياته الطبيعية والقيام بكافة أنشطته بالإضافة لإمكانية الشفاء التام في أغلب الحالات، حيث قال: “إن هناك العديد من المشاهير والسياسيين من المصابين بهذا المرض ويمارسون حياتهم الطبيعية والمهنية بدون أي تأثير”،
لافتا إلى أن هذا المرض يبقى أخف وطأة من الأمراض الأكثر انتشارًا كالسرطان والذبحات الصدرية وغيرها من الأمراض.
يتحدث أخصائي الباطنية وطب الدماغ والأعصاب الطبيب حازم الحسيني عن كلمة (الصرع) بأنها في الأصل هي كلمة لاتينية وتعني الطرح بالأرض أو الإسقاط وهي ليست كلمة ذو طابع سلبي كما يعتقد البعض عنها وعن المرض، وأضاف الحسيني “أن المرض يقتصر فقط على عدم انتظام الشحنات الكهربائية لا أكثر والذي هو مرض طبيعي يصيب الإنسان كأي مرض آخر.
ويبين الحسيني، أن الحل لتصحيح الصورة النمطية المغلوطة يكون بالتوعية المشتركة من كافة الجهات الطبية، المجتمعية وحتى الإعلامية لتوعية المواطنين في المرض أعراضه وعلاجه