الرشدان : الصحافة الرقمية تستطيع الحفاظ على المصداقية
صدى الشعب _ أسيـل جمـال الطـراونــة
في زمن السرعة الرقمية وسيطرة وسائل التواصل الاجتماعي على المشهد الإعلامي، لم يعد الخبر يُقاس بمدى دقته أو أهميته،
بل بعدد مشاركاته وتفاعلاته، وبينما يتسابق الصحفيون والمؤسسات الإعلامية على مواكبة ” الترند هل ما زالت المصداقية الصحفية
تحتفظ بمكانتها في عصر الإثارة والانتشار .
وفي هذا السياق، تؤكد الدكتورة ناهدة مخادمة، أستاذ مشارك في قسم الصحافة والإعلام بجامعة اليرموك، أن “الترند يؤثر بشكل مباشر على المصداقية الصحفية، فهو أداة جذب قوية للجمهور الرقمي، ويشكل ضغطا على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية للتفاعل السريع، وأحيانا غير المدروس، على حساب المصداقية والتحقق من دقة المعلومات، إذ إن الانخراط السريع مع الترند قد يؤدي إلى نشر معلومات غير صحيحة أو مضخمة لجذب اهتمام المتابعين، مما يضعف المصداقية ويهز ثقة الجمهور بالمؤسسة الإعلامية، وبالتالي، فإن تأثير الترند على المصداقية قد يكون سلبيًا إن لم يدار بمعايير مهنية واضحة وبتأني.
كما تشير المخادمة إلى أبرز التحديات التي تواجه الصحفيين العاملين في الإعلام الرقمي اليوم، وهي السرعة في النشر والضغط الزمني، حيث تطلب بعض المنصات الرقمية منهم التغطية الفورية للترند، وهذا يعني “ركوب الموجة” وقرارات سريعة قد تصاحبها سطحية في المحتوى أو مخالفة للقيم المهنية من أجل زيادة التفاعل والمشاهدات
وأشارت إلى أن هناك تحديًا آخر يتمثل في التحقق من مصادر المعلومات المتداولة ضمن الترند، خاصة مع انتشار الشائعات والمعلومات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي، وزيادة التأويل والتضخيم من قبل المتابعين أنفسهم.
ومع ذلك، يستطيع الصحفيون الرقميون
مواكبة الترند بمهنية، من خلال اتباع استراتيجيات ذكية تبدأ بعملية تحقق سريعة وفعالة للمعلومات، وتقديم السياق المناسب للمادة، بدلًا من الاكتفاء بالتغطية السطحية، إضافةً إلى ذلك، فإن وجود فريق يدقق خلف الصحفي يعد أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق السرعة والدقة معًا.
كما اضافت المخادمة أن توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في رصد وتحليل الترندات يمكن أن يُستخدم لدعم جودة المحتوى، والأهم من ذلك كله، أن يكون الهدف من مواكبة الترند هو التنوير، لا الإثارة أو كسب التفاعل فقط، مع التزام صارم بالمعايير الأخلاقية والاجتماعية في المجتمع ، من ناحية أخرى، تقع على عاتق المؤسسات الإعلامية مسؤولية كبيرة في تمكين الصحفيين من فهم الترند كظاهرة إعلامية، لا كمصدر مضمون للمحتوى، ولذلك، يتطلب الأمر توفير تدريبات دورية تركز على التفكير النقدي، وتقنيات التحقق السريع، خاصة مع ثورة
“العصر الذكي” إلى جانب تطوير أساليب صياغة محتوى متوازن يجمع بين الجاذبية والمهنية.
كما ينبغي أن تعزز المؤسسات ثقافة التحرير الواعي، الذي يضع المصلحة العامة والمصداقية قبل اعتبارات الانتشار اللحظي، كذلك، من المهم أن تهتم المؤسسات ببناء فرق تحرير متكاملة، تضم الصحفي، والمدقق، والمحرر، والمصمم، والمنتج، حتى يتم إنتاج محتوى رقمي حقيقي وعميق، يدعم مصداقية المؤسسة ويعزز ثقة الجمهور بها.
ويؤكد الدكتور قصي الرشدان، أستاذ الصحافة والإعلام في جامعة اليرموك، أن الترند يؤثر بشكل مباشر على المصداقية الصحفية في المنصات الإلكترونية، إذ يدفعها للتركيز على سرعة النشر ومواكبة المواضيع الرائجة، أحيانا على حساب التحقق والدقة.
وقد يؤدي هذا التوجه إلى انتشار عناوين ضللة أو مبالغ فيها لجذب الجمهور، مما يضعف ثقة المتابعين بالمحتوى المقدم
كما أن الضغط الجماهيري لجذب المشاهدات يدفع بعض المنصات لتغطية موضوعات مطحية، بدلا من التركيز على القضايا الجوهرية.
ومع ذلك، يمكن للترند أن يسهم إيجابيًا أحيانًا في تسليط الضوء على قضايا مهمة تغفل عنها وسائل الإعلام التقليدية،
لكن يظل التحدي قائمًا في التوفيق بين مواكبة الترند والحفاظ على المصداقية، مثل الضغط الزمني وضعف التحقق، والخوف من فقدان الجمهور.
وفي الختام، تستطيع الصحافة الرقمية، أن تواكب الترند دون التضحية بالمصداقية، وذلك من خلال وضع سياسات تحرير واضحة، والالتزام بالتحقق السريع، وتقديم محتوى عميق يغني المتابع ويحقق الثقة، وهنا يأتي دور المؤسسات الإعلامية في تدريب الصحفيين على التعامل مع الترند بوعي مهني، عبر رفع مهاراتهم في التحقق، وتزويدهم بالأدوات الرقمية، وغرس قيم المصداقية كأساس ثابت في العمل الإعلامي.