الصحة النفسية لذوي الإعاقة: حق أساسي لا يقل أهمية عن العلاج الجسدي
صدى الشعب _ أسيـل جمـال الطـراونـة
في الوقت الذي تتوجه فيه الجهود إلى تحسين جودة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة من النواحي الصحية والتعليمية والاجتماعية، تبرز الصحة النفسية كأحد الركائز الأساسية التي لا غنى عنها في دعم هذه الفئة، وتمكينها من العيش بكرامة واستقلالية.
كما تُعد الصحة النفسية جانبًا أساسيًا لا يقل أهمية عن الصحة الجسدية، خاصةً بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة الذين قد يواجهون تحديات إضافية تتعلق بالتقبل المجتمعي، والتمييز، والعزلة.
فالصحة النفسية السليمة تُمكّنهم من التفاعل بإيجابية مع بيئتهم، وتعزز من شعورهم بالقيمة والتمكين. كما أن الاهتمام بالجوانب النفسية يُسهم في تحسين جودة حياتهم، وزيادة فرص اندماجهم في المجتمع والتعليم والعمل.
في هذا السياق، يؤكد الدكتور جميل أبو طربوش، المتخصص في علم النفس الإكلينيكي، على أهمية مجموعة من الممارسات التي يجب اتباعها لتحسين الصحة النفسية للأشخاص ذوي الإعاقة.
ويوضح أبو طربوش انه أول ما يجب العمل عليه هو ممارسة الرياضة، وتفعيل الأنشطة اللامنهجية، والتأهيل المهني، لما لذلك من أثر كبير في إشغال الوقت وتقليل الفراغ، الذي يعد أحد مسببات التوتر والمشكلات النفسية والسلوكية.
ويضيف أبو طربوش من الضروري أيضًا تدريب الأهل والأخصائيين على تمارين الاسترخاء التي يمكن تطبيقها مع الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى جانب التأهيل المهني المرتبط بأنشطة مفيدة تعزز الشعور بالإنجاز والاندماج.
كما يشدد على أهمية دور المؤسسات التعليمية، مشيرًا إلى أن المدارس والجامعات وأماكن العمل مطالبة بتدريب العاملين فيها على مهارات التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى جانب توعية الزملاء والطلبة من خلال مناهج أو مساقات إجبارية، تساعد على تعزيز مفاهيم الاحترام والدعم النفسي والحقوق الأساسية لهم.
ومن الجوانب المهمة التي يسلط عليها الضوء، دور الأخصائي النفسي في مراكز التربية الخاصة، الذي لا يقتصر على التشخيص، بل يتعداه إلى تقديم الدعم النفسي للأسر، إذ يقول
الأسرة تمر أحيانًا بمشاعر من القلق، الاكتئاب، أو عدم تقبل الحالة، وقد تعاني من عزلة اجتماعية أو أعباء اقتصادية، ما يستدعي دورًا مباشرًا وفعالًا من الأخصائي النفسي في دعمهم وتوجيههم.
ويختم الدكتور أبو طربوش حديثه بالتأكيد على أهمية نشر رسالة احترام ذوي الإعاقة ودعمهم نفسيًا، قائلاً
كل شخص معرض أن يكون في يوم من الأيام من ذوي الإعاقة بسبب حادث أو ظرف ما. لذلك، عامل كما تحب أن تُعامل، واحترمهم كبشر أولًا، دون تمييز أو شفقة..
من جهتها، تشير الأخصائية النفسية ريم علي جعفر إلى أن تعزيز الصحة النفسية للأشخاص ذوي الإعاقة يبدأ من دعم استقلاليتهم ودمجهم في المجتمع، وتوفير دعم نفسي متخصص لهم ولعائلاتهم.
وتوضح أن
أهم ما يجب العمل عليه هو محاربة الوصمة الاجتماعية، وتوفير بيئة نفسية وجسدية مهيئة في المدارس والجامعات، تمنحهم فرصًا متكافئة، وتؤكد على أن ذوي الإعاقة ليسوا أقل من الآخرين، إنما مختلفون في طريقة التفاعل فقط.
وتشير جعفر إلى وجود نقص في الموارد والفرق المتخصصة التي تقدم العلاج النفسي المتكامل لذوي الإعاقة، داعية إلى بناء فرق مهنية قادرة على تقييم الحالات وتقديم الدعم المناسب، بعيدًا عن النظرات المشفقة أو الكلام المؤذي.
كما تقول جعفر : علينا أن نكون جزءًا من بيئة ترى الإنسان أولًا، وتؤمن بأن الدعم النفسي حق أساسي لكل من يعاني من الإعاقة، تمامًا كما هو حقه في التعليم والعمل والكرامة.