صدى الشعب – رغد تركي
كان “وما زال” .. مُخلصاً لبلاده ، متواضعاً، صاحب مواقف مُشَرِّفة في جميع المحافل وأينما كان موقعه، وصادقاً في ما يكتُب ..
لم يكن سميح المعايطة يرغب أن يُلقَّب “وزيراً للنفي”، لان نيّتهُ ورؤيته كانت واضحة جداً، فكان يشعرُ أن من واجبهِ قول “الحقيقة” لا غير، وسط بحور من الشائعات.
انطلق الصّحفي المعايطة من صحيفة السّبيل الأسبوعيّة، وتدرج فيها الى ان اصبح نائبا لرئيس تحرير الصّحيفة، ثم انضم الى صحيفة العرب اليوم اليومية مديرا للتحرير ثم رئيسا لتحريرها في العام 2012، ومع انطلاقة صحيفة الغد انتقل اليها كاتبا يوميّا.
كما قدم اثناء ذلك برنامجاً على شاشة التلفزيون الأردني بعنوان (وجهاً لوجه) استمر منذُ عام 2001 وحتى عام 2009.
ترّأس المعايطة تحرير صحيفة الرأي، و من ثُمَّ ترّأس ادارتها منذُ عام 2013 وحتى عام 2015 ، كما قدَّم برنامجاً بعنوان (وجهة نظر) على قناة الأردن اليوم عام 2017، و هو ناشر و مدير المجلة السّياسيّة المتخصصة (ورقة و قلم).
تقلَّد المعايطة خلال حياته العديد من المناصب، فقد كان باحثاً في شؤون الصّراع العربي الصّهيوني في مركز دراسات الشّرق الأوسط، و كان مستشاراً سياسيّاً لرئيس الوزراء الأسبق سمير الرّفاعي 2009- 2011، كما كان النّاطق الرّسمي للانتخابات النّيابيّة لمجلس النّواب السادس عشر عام 2010 .
عُيِّنَ سميح المعايطة وزيراً للإعلام و الاتّصال عام 2012، و وزيراً للثقافة و وزيراً للإعلام أيضاً عام 2013، و هو عضو مجلس إدارة قناة المملكة الفضائيّة، و عضو مجلس كليّة الأمير حسين بن عبدالله للدراسات الدّوليّة في الجامعة الأردنيّة.
ولد المعايطة في مدينة الكرك في العام 1965، وحصل على بكالوريوس في التّربية من جامعة اليرموك، ليبدأ بعدها مسيرة “الألف ميل”! .. مسيرةٌ صحفيّة و سياسيّة و ثقافيّة ، لم تخلو يوماً من الصِّعاب..
عملي في التلفزيون قربني من الناس
يقول المعايطة :”لكل مرحلة مهنيّة ميزتها فعملي في التلفزيون ثمان سنوات مُقدِّما لبرنامج حواري أضاف لي تجربة كبيرة و قرّبني من النّاس كثيراً، و عملي في صحيفة الرأي رئيساً للتحرير رغم قُصر المُدّة و هي أربعة شهور كان من المراحل المؤثِّرة و الجميلة على صعوبتها”…
عملي كوزير عمق تجربتي
و يرى المعايطة أن عمله في الحكومة وزيراً في حكومتين و مُستشاراً سياسيّاً لرئيس الوزراء في حكومةٍ ثالثة عَمّق من تجربته السّياسيّة..
أثناء كونه وزيراً للإعلام واجه المعايطة مُعضلة أخرى ؛ إذ وصِفَ حينها بأنّه وزيراً للنّفي ، و يَرُد المعايطة على هذا الاتّهام بأنَّ حق وسائل الإعلام على المسؤول أن يُقدِّم لهم الخبر الصّحيح و أن ينفي الخبر الكاذب و الشّائعات ، و يقول أنه أثناء كونه وزيراً للإعلام كانت الأزمة السّورية في أوجها و كانت لها تأثيرات و تداعيات على الأردن ، لذلك كان يحرص جيداً على عدم تورّط أي وسيلة إعلام بمعلومةٍ كاذبة ، و كان يُقدِّم المعلومة بدقّةٍ عالية و في أسرعِ وقتٍ ممكن.
و في ذات السّياق ، (سياق صدق الأخبار)..
الوزير المعايطة ومن تجربته يرى أن قوة الأردن ومصلحته بوحدته .. فالوحدة الوطنية مقدسة، فنحن جميعاً نفخر بحرصنا على هويتنا الوطنية الأردنية، والقلق على هوية الدولة من أي فكر أو إجراء أو تسوية تمس هوية الدولة الأردنية، فهذه الهوية مقدسة والحرص عليها أولوية الأردني، مثلما هو الحرص على الهوية الوطنية الفلسطينية،” فعدونا المشترك هو الاحتلال وأطماعه ومخططاته”.
مؤلفاته تعبر عن تجربته
أمَّا مؤلفات المعايطة ، فمنها : (التّجربة السّياسيّة للحركة الإسلاميّة في الأردن) ، (التّسوية السّياسيّة للصراع العربي الصّهيوني) ، (الأردن… سنوات القلق و الدّم و التّطرف) ، (سوريا… الدّمُ الأسود) ، (الأردن و إسرائيل… الهواء الأصفر).
تجربته الأطول الكتابة الصّحفيّة
أمَّا التجربة الأطول في حياة المعايطة هي الكتابة الصّحفيّة و العمل الصّحفي، و هي ذات أثر كبير جداً على حياته.
و المعايطة كاتبٌ مُحنَّك ؛ له مئات المقالات و عشرات المؤلفات التي تحدّث بها عن قضايا الأردن الصحفيّة و السّياسيّة ، و من مقالات المعايطة : (الصّداع السّياسي ، من هو المُستشار؟ ، الملك يُغلق الأبواب ، قبل أن تنسى الحكومة ، لماذا يتم استهداف الكنائس ؟ ، كتابٌ غير مُقدّس) و العديد من المقالات التي يَصعُبُ عَدُّها .
جمع المعايطة مجموعة من مقالاته في كتاب تحت عنوان” قضية ومقال” حملت الهموم الاردنية وتطرقت الى المسارات العربية السياسية والاجتماعية، وهي مقالات لا ترتبط بحدث آني وتقترب من الظواهر والقضايا، حاول فيها استدراك عدم وصول بعض المعالجات الى القارئ، معتبرا ان هذه المقالات تمثل شاهدا حيا على وجود مساحة من الحرية الصحفية في صحافتنا الاردنية.
“الإخوان المسلمون”… اسمٌ رافق سميح المعايطة قبل تركهِ لهم و مِن بعده!
انضمامه للاخوان له ايجابيات
و يرى المعايطة أن انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين له إيجابيات عدّة “على صعيد التّكوين الدّيني و الأخلاقي ” ، كما أن علاقته بهم قدّمت له تجارب في العمل التنظيمي.
و لعلَّ ما بعد ترك المعايطة للجماعة من أبرز الصّعوبات التي واجهتهُ في مسيرته ؛ إذ اتُّهِمَّ بأنّهُ انقلب عليهم، و وصفهُ البعض “بالإسلامي سابقاً” ..
و يستنكر المعايطة ربط تدينه بترك الجماعة؛ إذ يرى أنَّ العمل في أيِّ حزب إسلامي هو عمل تنظيمي و سياسي ، و عضويّة الحزب ليست اعتناق الإسلام! فالجميع مسلمون سواء كانوا أعضاء في الجماعة أم لا.
أثناء انضمامه للجماعة كان سميح المعايطة يكتُب رأيه الصّحفي الصّريح و الواضح في قراراتهم ، ففي عام 1997 حين قاطع الإخوان الانتخابات كتب المعايطة مقالات ضد هذه المُقاطعة .. و هو يعتقد أنَّ من حقه قول رأيهِ في أداء الجماعة ؛ فكما تُطالب الجماعة الحكومات بحرية التّعبير ، فإنَّ من واجبها أن تتقبّل أراء أعضاءها ، خاصةً أنه كان يُعبّر عن رأيه بمواقف الجماعة و سياساتها ، أمَّا الأشخاص فيرى أنَّ تقيمهم ليس مهمة الإعلام.
الخلاف مع الاخوان
غادر المعايطة جماعة الإخوان المسلمين إثر خلافه معهم حول مواقف و مسارات سياسيّة و تنظيميّة ، و ليس إثر خلافٍ شخصي، و هو يرى أنَّ الخلاف لا يُفسِدُ في الودِّ قضية..
ولا ينظر إلى تركه للجماعة أو بقائه فيها نظرة ندم ؛ بل ينظرُ لها كمرحلةٍ من عمره مارس بها قناعاته وِفقَ ما كان لديه من خبرة.
استعادة وسائل الاعلام لثقة الجمهور
يرى المعايطة، أن استعادة وسائل الإعلام ثقة الجمهور مسألة هامة جداً و أمرٌ لا يجوز تجاوزه ؛ لأنَّ غياب هذه الثّقة يعني غياب التّأثير بالرأي العام ، أي افتقاد الإعلام لإحدى أهم مُبررات وجوده ، و أنَّ هذه الثّقة تحتاج إلى عمل مهني و مصداقيّة عالية
ويُوصي الوزير السابق والكاتب الصحفي سميح المعايطة الزملاء من طلبة الصّحافة أو العاملين بها أن يُحافظوا على اسم الصّحفي و مصداقيته لأنها الأهم، كما يوصيهم بالسّعي لبناء خبرة مميزة…
“فالصحافة مهنة يجب على صاحبها ألا يتوقف عن تطويرِ نفسه!”…