هكذا وحتى اللحظة الأخيرة، وعمان وأخواتها تترقب ماذا سيحدث، يتم حل البرلمان، وبالتالي استقالة حكومة الرزاز وتكليف رئيس جديد ذهابا نحو الانتخابات النيابية.
أيا كان تقييم حكومة الرزاز، فما يمكن قوله إنها جاءت في ظروف صعبة، وغادرت في ظروف أصعب، وأكثر ثقلا، خصوصا، في الفترة الممتدة من شهر آذار حتى أيلول، وهي فترة كانت عاصفة، وفيها إخفاقات وإنجازات، لكنها مرت بكل الأحوال بأصعب الاختبارات، والحكم عليها متروك للخبراء والمختصين والجمهور أيضا ولكل طرف الزاوية التي سيقوم على أساسها بالتقييم، دون أن ننكر هنا، ان الحكومة كانت تحت مطارق الأزمات.
كل الكلام الآن في عمان، حول هوية الرئيس الجديد، وإذا ما كان انتقاليا لفترة الانتخابات وحسب، ام سيدخل البرلمان المقبل، وعلى الأرجح وهذا مجرد تقييم، ان عمان لا تحتمل رئيسا انتقاليا لشهرين، فهذا ترف لا نحتاجه، وعلى الأغلب ان الرئيس المقبل سيجري الانتخابات وسيقف أمام البرلمان المقبل، بكل ما فيه، من الوان وتعقيدات على حد سواء.
بقيت عمان حتى مساء السبت تتناقل المعلومات ونقيضها، وهذه أول مرة، يتم فيها منع التسريبات تماما، وحجب المعلومات، حيث تفشت الإشاعات، حول سيناريوهات مختلفة، إلى أن ثبت المشهد مساء الاحد بشكل دستوري محدد عبر حل مجلس النواب.
ما هو أهم هنا من زفة الترحيب بالرئيس الجديد، وطاقمه، تساؤلات عدة، حول برنامج الرئيس خصوصا في ظل التراجعات التي نعيشها، فنحن بحاجة الى برنامج اقتصادي، والى برنامج اجتماعي، ولا يجوز الدخول الى الحكومة الجديدة بذات الطريقة القديمة، خصوصا، في ظل التحديات والأزمات التي نعيشها، وبين أيدينا استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية الذي يقول الكثير، عن التغيرات في المزاج العام، بسبب الازمات الداخلية والإقليمية والدولية.
حين يشير الاستطلاع الذي صدرت نتائجه أمس إلى أن عشرة بالمائة فقط من الأردنيين يرون أن الأمور تسير نحو اتجاه إيجابي، مقارنة بخمسة وخمسين بالمائة كانوا يرون الأمور تسير باتجاه إيجابي في استطلاع شهر تموز، مقارنة أيضا بواحد وتسعين بالمائة كانوا يرون الأمور تسير باتجاه إيجابي، في شهر آذار، فإن هذا التقلب يمكن فهم أسراره بكل سهولة.
انها جائحة كورونا، التي ضربت الثقة بين الناس والمؤسسات، وتركت ضررا كبيرا عليهم في حياتهم، وإذا عدنا إلى نسبة شهر آذار، البالغة تسعين بالمائة، وهي نسبة مرتفعة جدا، كانت تعتبر ان كل شيء يسير بالاتجاه الصحيح، فهذا مرده الى بدايات الأزمة، والتفاف الناس حول المؤسسات، وحاجتهم الى قوة حامية وحاضنة ترعاهم، وتوفر لهم الدعم، ولا تتخلى عنهم، في ظل أزمة صحية، فيما تراجعت النسب لاحقا، وصولا الى مجرد عشرة بالمائة في الاستطلاع الأخير، يثبت أن الناس انقلب رأيهم تماما، بل وأكثر، ومرد ذلك الى تغير الإجراءات وتقلبها، والتي تركت ضررا اجتماعيا واقتصاديا على الناس.
بهذا المعنى، وبغيره من معان، ليس مهما، هوية الرئيس المقبل، فما هو أهم برنامجه، وإذا كان سيتقدم ببرنامج مختلف، في ظل الأزمات الموجودة، خصوصا، انه قد يبقى لسنوات، وأيضا لكون الأردنيين لم يعودوا يقفون كثيرا عند المشاعر الوجدانية تجاه الأشخاص والمسؤولين، أمام حدة الازمات، كما ان وجود برنامج تفصيلي يبدو مهما للغاية أمام تعمق أزمة كورونا، والأزمات الاقتصادية الاجتماعية المركبة المتوقع لها ان تزداد مع اقترابنا من العام الجديد، إضافة الى حرائق الإقليم، التي لو لم تصلنا نيرانها، يصلنا دخانها في حالات كثيرة، وهذا أمر يعرفه ويلمسه الجميع، وليس سرا.
بالنسبة لي، ولغيري، هوية الرئيس الجديد سيحددها برنامجه، وليس اسمه.
الغد