تغييرات “المجلس الطبي” خطوة لعودة الكفاءات
صدى الشعب – عيناء المطارنة
رغم التحديات العديدة التي يواجهها الأطباء الأردنيون عند انتقالهم للعمل في ألمانيا، إلا أن أعدادًا متزايدة منهم تمكنت من إثبات الكفاءة والاندماج الفعّال في النظام الصحي الألماني، ليصبحوا جزءًا فاعلًا في قطاع حيوي ومتقدم، مما أوجد حاجة إلى مرجعية مهنية واجتماعية تسهّل هذه التجربة وتدعمها.
ومن هذا الواقع، جاءت فكرة تأسيس “تجمّع الأطباء الأردنيين في ألمانيا”، الذي بات اليوم من أبرز المبادرات الداعمة للكوادر الطبية الأردنية في الخارج، ويعمل على تنظيم جهودهم، وتقديم الدعم القانوني والمهني والاجتماعي لهم.
وقال مؤسس التجمّع، الدكتور إبراهيم الرواشدة، لصحيفة صدى الشعب، إن رحلة الطبيب الأردني نحو العمل في ألمانيا ليست سهلة، وتختلف التحديات من شخص إلى آخر، مشيرًا إلى أن اللغة الألمانية تشكّل العائق الأكبر والأكثر تأثيرًا، لا سيما لأولئك الذين لم يخضعوا لتدريب لغوي كافٍ قبل السفر.
وأوضح الرواشدة أن عملية معادلة الشهادات تستغرق وقتًا وجهدًا كبيرين، لما تتسم به من تعقيد وبيروقراطية، مؤكدًا أن الاندماج في بيئة العمل الألمانية يتطلب مرونة عالية، نظرًا لاختلاف الثقافة المهنية وأساليب التواصل داخل المستشفيات.
وأضاف أن التجمّع، الذي تأسس قبل أكثر من سبع سنوات، يهدف إلى توفير مساحة مهنية واجتماعية جامعة للأطباء الأردنيين العاملين أو الراغبين بالعمل في ألمانيا، ويضم حاليًا أكثر من 17 ألف طبيب وطبيبة، يعمل على تزويدهم بالمعلومات القانونية والمهنية المتعلقة بمراحل التسجيل والمعادلة، إلى جانب مشاركة التجارب الشخصية التي تسهم في تجنّب الأخطاء الشائعة لدى القادمين الجدد.
فرص تدريب وعمل ودعم اجتماعي
وأشار الرواشدة إلى أن التجمّع يسعى لتوفير فرص عمل وتدريب في مستشفيات ألمانية بمختلف التخصصات، كما يعمل على تقديم محتوى مرئي يشرح بشكل عملي وواضح مراحل الانتقال والعمل في ألمانيا، إلى جانب دوره في تقديم بيئة تواصل اجتماعية بين الأطباء وعائلاتهم، مما يقلل من شعور الغربة ويعزز من الاستقرار النفسي.
وبين أن التحديات التي تواجه الأطباء الأردنيين تختلف من حالة لأخرى، إلا أن اللغة تبقى العقبة الأولى في معظم الحالات، تليها صعوبات المعادلة والتسجيل، ثم تحديات التأقلم مع بيئة العمل الجديدة، لافتًا إلى أن الدعم الموجّه في الوقت المناسب من شأنه أن يخفف من أثر هذه العقبات وييسّر عملية الانتقال والنجاح في العمل.
وفيما يتعلق بظاهرة هجرة الأطباء، أكد الرواشدة أنها تُعد مقلقة في بعض جوانبها، خاصة فيما يتعلق بنقص الكوادر الطبية محليًا، إلا أن الكفاءات الأردنية في الخارج تمثل فرصة يمكن استثمارها لخدمة القطاع الصحي في الأردن.
وأوضح أن الأطباء الأردنيين في ألمانيا يمتلكون خبرات طبية متقدمة، يمكن توظيفها في دعم برامج التدريب الطبي، وتطوير التعليم الطبي، والمساهمة في تعزيز السياحة العلاجية في المملكة.
نجاح في الخارج وولاء لا ينقطع للوطن
وأشار إلى أن التعديلات الأخيرة على قانون المجلس الطبي الأردني أسهمت في تسهيل عودة بعض الأطباء من الخارج، معتبرًا ذلك خطوة إيجابية نحو الاستفادة من الكفاءات الطبية المهاجرة، داعيًا إلى مزيد من التسهيلات التي تضمن عودتهم ومشاركتهم في تطوير القطاع الصحي الوطني.
وحول الخطط المستقبلية للتجمّع، كشف الرواشدة عن نية إطلاق سلسلة من المبادرات لتعزيز التعاون بين برلين وعمّان، تشمل تنظيم مؤتمرات وورش عمل مشتركة بالتنسيق مع نقابة الأطباء الأردنيين والجامعات المحلية، بالإضافة إلى برامج دعم إضافية للأطباء الجدد الراغبين في العمل بألمانيا.
وأكد أن هدف التجمّع لا يقتصر على دعم الطبيب الأردني خلال فترة الغربة، بل يسعى إلى بناء جسر تواصل فعّال بين الكفاءات الأردنية في المهجر ومؤسسات الوطن، بما يحقق فائدة متبادلة للطرفين.
وأكد على أن تجربة الأطباء الأردنيين في ألمانيا تمثل نموذجًا حيًّا لقدرة الأردنيين على التميز في مختلف الظروف، مشيرًا إلى أن النجاح في الخارج لا يعني الانفصال عن الوطن، بل يمكن أن يكون امتدادًا له وشريكًا في مسيرة تطويره.
