صدى الشعب – ليندا المواجدة
حذر أستاذ القانون الجنائي والخبير في الجرائم الإلكترونية د. أشرف الراعي من المخاطر المتزايدة التي باتت تشكلها بعض الألعاب الإلكترونية على الأطفال والمراهقين في الأردن، مؤكداً أنها لم تعد مجرد وسيلة للتسلية، بل تحولت إلى منصات اجتماعية ضخمة تجمع ملايين المستخدمين حول العالم.
وأشار الراعي إلى أن لعبة “روبلوكس” تمثل نموذجاً واضحاً لهذا التحول، فهي أقرب إلى فضاء افتراضي متكامل (متافيرس) يتيح للمستخدمين بناء عوالم خاصة والتفاعل بحرية مع الآخرين. غير أن هذا الانفتاح الرقمي – بحسبه – يخفي وراءه تحديات قانونية وأمنية خطيرة، في مقدمتها جرائم خرق الخصوصية.
وأوضح أن الأطفال قد يشاركون بحسن نية معلومات شخصية مثل الاسم أو العمر أو الموقع أو تفاصيل حياتهم اليومية، لتتحول هذه البيانات البسيطة إلى “كنز” بأيدي من يسعى لاستغلالها في الاحتيال أو الابتزاز أو انتحال الهوية. كما أن البيئة المفتوحة لهذه الألعاب قد تسمح بجمع البيانات دون علم الأطفال أو موافقة ذويهم.
وشدد الراعي على أن مواجهة هذه المخاطر تتطلب وعياً مجتمعياً شاملاً يبدأ من الأسرة التي يقع عليها العبء الأكبر في الرقابة والتوجيه، مروراً بالمدارس عبر إطلاق برامج للتوعية الرقمية، وصولاً إلى وسائل الإعلام المحلية التي يفترض أن تسلط الضوء على هذه الظاهرة. أما الشركات المطوِّرة لتلك الألعاب، فمسؤوليتها المباشرة تكمن في تعزيز أنظمة الحماية وسد الثغرات التي قد يستغلها المجرمون أو جهات خارجية.
وأضاف أن هذه المنصات قد تُستغل أيضاً لأغراض تسويقية غير قانونية أو لاختراق وعي اليافعين بتمرير أفكار متطرفة أو إجرامية، ما يحوّلها من أدوات ترفيه إلى وسائل للهندسة الاجتماعية.
وفي السياق القانوني، أكد الراعي أن قانون الجرائم الإلكترونية الأردني رقم 17 لسنة 2023 جاء واضحاً في تجريم أي فعل يتم عبر الوسائل التقنية ويمسّ بالبيانات الشخصية أو خصوصية الأفراد أو أمن الأطفال. ولا يفرّق القانون بين أن تقع الجريمة عبر منصة تواصل اجتماعي أو داخل لعبة تفاعلية، فالمعيار هو الوسيلة الرقمية والضرر الناتج، وبالتالي فإن مرتكبي الجرائم عبر “روبلوكس” أو غيرها يخضعون لأحكام القانون.
وختم الراعي بالتأكيد على أن النقاش حول الألعاب الإلكترونية في الأردن لم يعد شأناً ترفيهياً، بل قضية تتعلق بالخصوصية والأمن الرقمي وحماية الأجيال، داعياً إلى التعامل مع هذه المنصات باعتبارها بيئات اجتماعية متكاملة، تحمل فرصاً للتعلم والإبداع لكنها في الوقت نفسه تنطوي على مخاطر جدية تستوجب وعياً وطنياً وتشريعات صارمة وشراكة فاعلة بين الأسرة والمدرسة والمجتمع






