صدى الشعب – كشف أستاذ القانون الدستوري و عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة، الدكتور ليث كمال نصراوين أن الموظف العام عليه أن يخضع لضوابط مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب إن نوى أن يترشح للانتخابات البرلمانية 2024، و التي ستجري في العاشر من أيلول المقبل، و قال نصراوين في مقالٍ وصل لـ”صدى الشعب” نسخة منه:
حدد مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب يوم العاشر من شهر أيلول القادم موعدا لإجراء الانتخابات النيابية المقبلة، والتي ستجرى وفق أحكام قانون الانتخاب رقم (4) لسنة 2022، الذي هو من مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية التي تم تشكيلها في عام 2021.
وكغيره من قوانين الانتخاب السابقة، فقد تضمن القانون الحالي مجموعة من النصوص التشريعية الناظمة للحق في الترشح، مع إضافة أحكام مستحدثة تخص الموظف العام الذي يرغب في خوض الانتخابات المقبلة، فالمادة (11/أ) من قانون الانتخاب قد أبقت على الحكم المتعلق بضرورة، استقالة بعض الشخصيات السياسية وفئات معينة من الموظفين العموميين قبل ستين يوما على الأقل من الموعد المحدد للاقتراع، كالقضاة النظاميين والشرعيين، وشاغلي وظائف الفئة العليا وفقا لنظام الخدمة المدنية ورؤساء وأعضاء مجالس أي هيئة أو سلطة والمديرين التنفيذيين للمؤسسات الرسمية العامة، والحكام الإداريين في وزارة الداخلية.
إن هذه الفئات الوظيفية التي اشترط قانون الانتخاب أن تستقيل من مناصبها العامة والحكومية لغايات خوض الانتخابات قبل مدة زمنية محددة قد وردت على سبيل الحصر.
أما باقي الموظفين العموميين، وكقاعدة عامة، فقد جاء قانون الانتخاب الحالي بحكم تشريعي مستحدث يتمثل بأحقية الموظف العام الذي يرغب بالترشح لعضوية مجلس النواب أن يطلب إجازة من دون راتب من الجهة التي يعمل لديها، وذلك قبل تسعين يوما من موعد الاقتراع، بحيث يُعتبر مستقيلا حكما من وظيفته بتاريخ نشر إعلان فوزه بالانتخابات في الجريدة الرسمية.
إن استقالة الموظف العام التي كانت شرطا من شروط الترشح في قوانين الانتخاب السابقة، قد جرى الاستبدال بها مجرد تقديم طلب إجازة من دون راتب من المؤسسة أو الدائرة الحكومية التي يعمل لديها، بحيث يبقى الموظف محتفظا بوظيفته ولا يفقدها إلا في حال فوزه في الانتخابات، فيعتبر بحكم المستقيل عند بدء العمر الدستوري لمجلس النواب، وذلك اعتبارا من تاريخ نشر نتائج الانتخاب العام في الجريدة الرسمية.
ويبقى التساؤل القانوني الأبرز المتعلق بترشح الموظف العام الملزم بتقديم استقالته أو طلب إجازة من دون راتب ما إذا كان يشترط صدور القرار بقبول الاستقالة أو الموافقة على الإجازة المقدمة، أم أنه يكفي مجرد تقديم طلب الاستقالة أو الإجازة لغايات الترشح.
لقد وردت الإجابة على هذا السؤال في التعليمات التنفيذية الخاصة بالترشح للدائرة الانتخابية المحلية لسنة 2024 وتلك المتعلقة بالترشح للدائرة الانتخابية العامة، حيث تنص هذه التعليمات على أنه إذا كان طالب الترشح في القائمة المحلية أو الحزبية من الفئات المذكورة على سبيل الحصر في المادة (11/أ) من القانون، فإنه يجب عليه أن يرفق ما يثبت تقديمه لاستقالته قبل ستين يوما على الأقل من الموعد المحدد للاقتراع، على أن تكون مختومة من ديوان الجهة التي قُدمت إليها الاستقالة.
وكذلك الحال بالنسبة لباقي الموظفين العموميين، حيث تنص التعليمات التنفيذية المذكورة على أنه إذا كان طالب الترشح في القائمة المحلية أو الحزبية موظفا عاما، فإنه يتعين عليه أن يرفق ما يثبت تقديمه طلب إجازة من دون راتب من الجهة التي يعمل لديها قبل تسعين يوما من الموعد المحدد للاقتراع، على أن تكون مختومة من ديوان الجهة التي قُدمت إليها الإجازة.
وعليه، فإنه يكفي إرفاق ما يثبت تقديم الاستقالة أو الإجازة من دون راتب من قبل الموظف العام لغايات قبول طلب ترشحه من قبل الهيئة المستقلة للانتخاب.
كما يثور تساؤل قانوني آخر حول مدى إمكانية أن يقوم الموظف العام الذي أجاز له القانون التقدم بطلب إجازة من دون راتب بالاستقالة لغايات خوض الانتخابات النيابية، والمدة الزمنية التي يجب عليه فيها أن يتقدم باستقالته من الوظيفة العامة.
قد يرى البعض أن استقالة الموظف العام من غير الفئات الواردة في المادة (11/أ) من قانون الانتخاب يجب أن تتم قبل تسعين يوما من تاريخ الاقتراع، وذلك قياسا على المدة الزمنية المقررة للتقدم بطلب الإجازة من دون راتب.
في المقابل، نجد أن قانون الانتخاب الحالي لم يتضمن أية نصوص تنظيمية حول استقالة الموظف العام من غير الفئات الواردة في المادة (11/أ) من القانون من الوظيفة العامة وموعد تقديمها. بالتالي، يكون من حق الموظف العام أن يستقيل في أي وقت لغايات خوض الانتخابات القادمة، أو أن تنتهي علاقته بالوظيفة العامة بالتقاعد أو الاستيداع قبل موعد الانتخابات، شريطة أن يرفق مع طلب ترشحه المقدم إلى الهيئة المستقلة للانتخاب ما يثبت انفكاكه عن الوظيفة العامة.
إن المادة (11/ب) من قانون الانتخاب تحظر على الموظف العام استغلال وظيفته العامة وذلك تحت طائلة بطلان ترشحه بقرار صادر عن الهيئة المستقلة للانتخاب.
وعليه، فإن الضامن التشريعي لهذا القيد هو أن يقوم الموظف العام بتقديم إجازة من دون راتب قبل تسعين يوما من موعد الاقتراع، أو الاستقالة في أي وقت لغايات خوض الانتخابات النيابية.