صدى الشعب – كتب أ.د إبراهيم بظاظو الكردي
واجه القطاع السياحي في الأردن خلال عام 2024 عدة تحديات كبيرة أثرت على أدائه ونموه، ومن أبرز هذه التحديات كانت الأزمة الإقليمية الناجمة عن حرب غزة، التي تسببت في حالة من عدم الاستقرار في المنطقة وأثرت بشكل مباشر على تدفق السياح. تصاعد التوترات الأمنية في الجوار جعل العديد من السياح، خصوصًا من الأسواق الأوروبية والأمريكية، يتجنبون زيارة المنطقة بشكل عام، بالإضافة إلى ذلك، فقد ساهمت الحروب والنزاعات الإقليمية في تراجع ثقة المستثمرين في القطاع السياحي، مما أدى إلى تباطؤ المشاريع السياحية الجديدة.
إلى جانب التحديات الأمنية، واجه القطاع السياحي الأردني أيضًا تحديات اقتصادية بسبب التأثيرات العالمية مثل ارتفاع تكاليف السفر، مما حد من قدرة العديد من السياح على زيارة الأردن. إضافة إلى التنافس الإقليمي الشديد مع وجهات سياحية في المنطقة مثل مصر وتركيا، مما تطلب جهودًا مضاعفة لجذب السياح، كما شكلت البنية التحتية غير الكافية في بعض المواقع السياحية عائقًا أمام تحسين تجربة الزوار، بالإضافة إلى نقص الكوادر المؤهلة في القطاع، خاصة في المجالات التي تتطلب مهارات لغوية وتقنية. وعلاوة على ذلك، أثرت التغيرات الاقتصادية العالمية، مثل ارتفاع تكاليف السفر، على قدرة الأردن على جذب السياح من الأسواق التقليدية.
وبالرغم من هذه التحديات، استمرت الجهود الحكومية والشراكات مع القطاع الخاص في محاولة لتطوير القطاع من خلال الترويج الرقمي وتحسين الخدمات السياحية.
لتطوير القطاع السياحي في الأردن خلال عام 2025، هناك العديد من المتطلبات والخطوات التي يجب اتخاذها على مختلف المستويات والتي يمكن التركيز عليها، وتشمل تحسين البنية التحتية السياحية من خلال تطوير شبكة الطرق المؤدية إلى المواقع السياحية، وتحسين وسائل النقل العام للسياح وربط المناطق الريفية بالمناطق الحضرية والمواقع السياحية، وزيادة عدد الرحلات الجوية المباشرة واستقطاب شركات طيران منخفضة التكلفة، وتشجيع بناء فنادق ومنتجعات تناسب مختلف الفئات الاقتصادية، وتحسين جودة الخدمات الفندقية ورفع تصنيفها.
يجب على القطاع السياحي في الأردن العمل على تعزيز الترويج السياحي وخاصة الترويج الرقمي، بإستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية للترويج للوجهات السياحية، وإنشاء تطبيقات رقمية تقدم معلومات شاملة عن المواقع السياحية، الفعاليات، والتجارب، وإطلاق حملات تسويقية موجهة للأسواق العالمية الجديدة مثل آسيا وأمريكا الجنوبية والصين، إضافة إلى تنويع المنتجات السياحية البيئية والمستدامة، وتطوير المحميات الطبيعية والمسارات البيئية، وتقديم برامج سياحية تستهدف عشاق الطبيعة والمغامرات، وإبراز التراث الثقافي والفلكلوري الأردني عبر مهرجانات وفعاليات دولية، وتعزيز السياحة العلاجية، بالعمل على تعزيز مكانة البحر الميت وحمامات ماعين كوجهات علاجية عالمية، وتطوير المرافق الصحية المرافقة للسياحة العلاجية.
يجب العمل على تحسين تجربة السياح، من خلال تقديم خدمات متعددة اللغات، وتطوير وتدريب الكوادر السياحية على اللغات الأجنبية لتسهيل التواصل مع الزوار، وتطوير المعلومات والخدمات بالعمل على توفير لافتات إرشادية ومنصات رقمية ومعلومات مفصلة في المواقع السياحية بعدة لغات، وإنشاء مراكز خدمة سياحية في المواقع الرئيسية.
العمل على تعميق مفهوم الأمن السياحي، وتعزيز شعور السياح بالأمان من خلال دعم الإجراءات الأمنية في المواقع السياحية، ومواصلة تعزيز السياحة الداخلية ومواصلة دعم برامج مثل “أردننا جنة” لتشجيع المواطنين والمقيمين على استكشاف المواقع المحلية، والعمل على تخفيض تكاليف الإقامة والخدمات لجعلها متاحة للجميع. ووضع سياسات لحماية المواقع الأثرية والطبيعية من التأثيرات السلبية للنشاط السياحي، وتشجيع الممارسات البيئية المستدامة في الفنادق والمرافق السياحية.
يجب أن تكون هناك استراتيجية واضحة خلال عام 2025 على تمكين و تعزيز التدريب والتأهيل للإيدي العاملة في القطاع السياحي من خلال تقديم برامج تدريبية للمرشدين السياحيين والكوادر العاملة في القطاع لتحسين مهاراتهم وخبراتهم، وإدخال تخصصات جامعية وتدريبية جديدة ترتبط بالسياحة الرقمية والسياحة المستدامة واللغات التطبيقية.
يجب العمل على جذب الاستثمارات من خلال تسهيل الإجراءات أمام المستثمرين المحليين والدوليين للاستثمار في المشاريع السياحية، وتقديم حوافز ضريبية ومزايا للمستثمرين في المناطق السياحية غير المستغلة، وتعميق التعاون الإقليمي والدولي، بإنشاء شراكات مع الدول المجاورة لتطوير مسارات سياحية مشتركة، وتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية لتحسين مكانة الأردن كوجهة سياحية عالمية.
يجب أن يرتكز تطوير المنتج السياحي خلال عام 2025 على الابتكار في السياحة الرقمية، من خلال دمج تقنيات الواقع الافتراضي والهولوجرام في عرض المواقع الأثرية، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات السياح وتحسين تجربة الزوار.
بتنفيذ هذه الخطوات، يمكن للأردن تحقيق تقدم ملحوظ في قطاع السياحة خلال عام 2025 وتعزيز مكانته كوجهة سياحية عالمية متميزة.