كتب – محمد حسين الطهراوي
من السهل أن تستعرض أمام الشاشات والكاميرات خبرتك السياسية و الحربية، ومن السهل أيضا أن تعطي النصائح والتوجيهات العسكرية وانت بعيدا البعد كله عن ساحة المعركة، لكن من الصعب هو أن تعيش معاناة أشخاص أصابهم ما أصابهم من ألم الفقد والجوع والتشريد بعد أن تخلت دول العالم عنهم.
الصور كلها التي شاهدناها تشرح وتفسر بنفسها إلى أين وصلت حالة الظلم والاستبداد التي يمارسها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وشعبها، في ظل صمت عربي ودولي ليس بغريب فغزة كانت وما زالت تدافع وحدها عن عروبة القدس وحق شعبها بالحرية والبقاء.
ولعل من أعظم ما أدهشني من تلك المشاهد، مشهد أشبه ما يكون بحفر أسماء الشهداء على شواهد القبور، مشهد يدمي القلب والعين عندما قام أحد الأشخاص بكتابة أسماء الأطفال على أيديهم وأذرعهم ليُتَعَرَّف عليهم في حالة قصف العدوان الإسرائيلي لبيوتهم ومساكنهم في إشارة واضحة إلى أن العدو أصبح لا يرحم طفلاً ولا شيخ ولا امرأة وأن آلة القتل لا تعرف مسجدا أو كنيسة أو مستشفى.
وهنا يقف اللسان عاجزا عن وصف هذا المشهد الذي برهن عن قوة وشجاعة أبناء المقاومة الفلسطينية التي ما تزال تقدم الشهيد تلو الشهيد دفاعا عن الثرى الفلسطيني وأحقيته بأرضه ووطنه.
والسؤال هل يولد الرجل مرتين؟ …. نعم اليوم علمت أن هناك رجال يولدون مرتين، علمت أن هؤلاء الأطفال الذين خرجوا من تحت ركام القصف وانقاض العمارات سيصبحون يوما مجاهدين يدافعون بالمهج والأرواح عن تراب فلسطين، وسيتحقق النصر بإذن الله على أيديهم
لن أقول عنهم اطفال، بل رجال حملوا مسؤولية الدفاع عن أرضهم في سن مبكرة، سن فقدوا فيه آباءهم وأمهاتهم وإخوانهم تعلموا فيه معنى الصبر وكيف تكون رجلاً مرابطا مدافعا عن أرضك وعرضك.
وستبقى غزة شوكة في حلق الصهاينة المحتلين، وستبقى غزة صامدة وشامخة وجه الغزاة المعتدين، وستبقى غزة تعطينا درسا حقيقيا بالصبر والفداء، وتزرع فينا الأمل بأن النصر قريب فمهما طال ليل الغاشم وعدوان الظالم، فإن فجر الحق قادم، “إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب “