كتب – النائب فايز بصبوص
يفاجئك كثير من النخب في وطننا الحبيب وهي تتبنى منظومة التضليل الإعلامي والكذب الممنهج والمستدام للكيان الصهيوني والذي يمارس ابشع اشكال المجازر في التاريخ الإنساني مقارنة بحجم الشهداء المدنيين والأطفال والبنية التحتية الإنسانية.
لن نسترسل في توصيف همجية ووحشية ما يحدث والذي يعبر عن انحطاط انساني واخلاقي والذي كشفته المعجزة العسكرية التي قامت بها المقاومة الفلسطينية الباسلة في الأداء والتخطيط في سبعة أكتوبر لان ذلك أصبح حديث العالم.
لكنني سأركز على سمة الكذب والتضليل الذي يمارسه هذا الكيان من خلال ادواته الرسمية وغير الرسمية الأمنية وغير الأمنية والإعلامية والاشاعة والتحريض وان ذلك كامن في تكوين العقيدة الصهيونية
ويعرفه القاصي والداني ولذلك اصبح ما يصدر عنه في كل العالم مشكوك فيه ويخدم أهدافه.
ولكن من المفاجئ ان بعض النخب تتطابق وجهة نظرهم دائما مع هذا التوصيف فيما يتعلق بكل شيء خارج الوطن.
اما اذا كان التضليل الإعلامي ممنهج يستهدف بالاكاذيب والتلفيقات الأردن فان هذا الكيان يصبح صادقاً.
لماذا أتكلم بهذه اللغة لأن المرحلة الحاسمة في الصراع وفي معركة البطولة التي يخوضها شعبنا الفلسطيني البطل ضد الكيان الصهيوني في قطاع غزة الأبي بدأت تأخذ منحى لأعادة البوصلة الى الأهداف المعلنة الأولى والتي استشرفها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المفدى القائمة على التطهير العرقي والتهجير القسري مع أنه في اطار التحليل السياسي للمراقبين قد استشعروا بأن هذا المشروع قد تم إجهاضه وذلك نتيجة لصلابة موقف الأردن والشقيقة مصر التي اعتبرتها خطوطا حمراء ويخدم اهدافه واستراتيجيته العنصرية والفاشية.
والمؤشرات الأخرى التي تدلل على ذلك الاجتياح الضخم التي قامت قوات الاحتلال الصهيوني بكل اشكال المواجهة العسكرية بالجو والبر وكذلك في جنين و الخليل ورام الله وضخامة ذلك الاقتحام يعيد بالذاكره مفهوم الترانسفير الذي كان احدى اهداف معركة جنين سابقا.
وبذلك الوقت قد تنبه جلالة الملك واعتبر ان مشروع تهجير المدنيين من وسط جنين يعتبر تهجير قسري للمدنيين والسكان.وان الامر الذي يتطلب منا مشروعا لمواجهة حقيقية لهذا الكيان تتمثل:
أولا: في عدم الترويج وتبني سرديته وتشكيكه في الموقف الأردني من خلال ما يتسرب هنا وهناك بما يخص موضوع تزويد دولة الاحتلال بالأسلحة من خلال الأجواء الأردنية ورغم النفي القاطع من قبل الدولة الأردنية بكليتها الا انه ما زالت تلك الابواق تصدح بتزامن مع منع الاحتجاجات حرصا على الأردنيين بعدم الذهاب الى منطقة الاغوار غير الآمنة والتي تشهد استنفارا لوجستيا للجيش العربي.
من هنا أقول ان كل ذلك هدفه الحقيقي ضرب حصانة وتكامل الجبهة الداخلية وبث الفتنة والشكوك في موقف الأردن.
بعض المراقبين من أصحاب الابواق تتساءل.. لماذا يغيب الأردن عن الحراك القطري العماني من اجل إيجاد صيغة توافقية تقوم على أساس وقف الحرب وهنا أيضا سم مبطن حول التساؤل ولكن الجواب الصحيح هو بكل وضوح بان الأردن «يعتبر طرفا في الصراع وليس وسيطا» لذلك فانه خارج اطار أي تسوية لا تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الأردن العليا وحل القضية الفلسطينية بشكل دائم على أساس حل الدولتين واحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعدم العبث بالواقع التاريخي لمدينة القدس كمحور حقيقي لبوصلة الأردن وتاجها وهذا الموقف أعلنت عنه بكل صراحة دولة الاحتلال الصهيوني بالرفض.
لذلك لا يمكن ان نكون جزءا من المعركة وتجلى ذلك بسياق الحراك الدبلوماسي من خلال ما سطرناه من انجاز من خلال المبادرة الأردنية التي قدمت باسم المجموعة العربية بمجلس الامن وما وصل للقيادة الامريكية من رسائل واضحة المعالم برفض القمة الرباعية ومواصلة معركتنا الدبلوماسية في مجلس الامن والتي تم إجهاضها من خلال الاستبداد الحقيقي الذي يمارس على الأعضاء العاملين في المجلس من قبل الولايات المتحدة ولكن لم يكتف الأردن بذلك وذهب الى الجمعية العامة خاض خلالها معركة الشعوب الدولية وليس العربية فقط من خلال تبني مشروع المجموعة العربية والتي قادها الأردن بموافقة اغلبية دول العالم على هذا القرار وان ذلك الإنجاز يعتبر معبرا عن حقيقة عن مواقف شعوب وحكومات ودول العالم والتي اسهبت في ادانة وتوصيف وحشية العدوان الصهيوني.
اذن هذا الجهد الدبلوماسي جعل الأردن محورا دوليا وعربيا واسلاميا من خلال إصراره على كشف الأوراق وحقيقة مواقف الدول الداعمة.
بعد كل ذلك مازال هناك من يقول ويشكك هنا وهناك من خلال التضليل وتبني الرؤية الصهيونية في سياقها الإعلامي هذه السردية التي تصل الى درجة الانحطاط السياسي غائبا عن ذهنية هؤلاء ان العودة الى التصعيد داخل الضفة الغربية والتصفية العرقية والتدمير الشامل التي تمارسه في غزة الابية يشكل خطرا حقيقيا وعودة الى أحلام الصهاينة المتوحشين لأحياء مشروع التهجير القسري والذي يستهدف امن الأردن والدول والهوية الفلسطينية وهذه الاقتحامات الضخمة وغير المسبوقة يستهدف مدن الضفة الغربية تنذرهم فيها بالقادم.
وللمعلومة فقط ان هناك من وجد على باب بيته عبارة تهجيركم القسري الى الأردن ما زال قائما ودوركم هو القادم.
طبعا كل ذلك اضغاث أحلام والسبب الحقيقي هو ما يسطره الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في قطاع غزة البطل وباعتراف كل دول العالم من شجاعة وبؤس وقدرة على إدارة المعركة بشكل استثنائي ضرب الجبهة الداخلية الصهيونية وجعل من جيش الاحتلال جيشا من ورق لا يمكنه ان يصمد ولو 24 ساعة في المواجهة البرية العسكرية المباشرة.
فلنكن على قدر المسؤولية واثقين كل الثقة بقبطان هذا الوطن والذي واجهه أزمات وازمات واستطاع ان يحافظ على مصلحة كل مواطن وما زال وسيبقى الرديف الحقيقي للشعب الفلسطيني وان خطواته في التصعيد متدرجة وتبعث برسائل واضحة بان الكرامة ومعركتها ما زالت جاثمة في عمق الوعي الجمعي الأردني والقادم بأذن الله نصر مبين.
المجد والخلود لشهداء غزة الابية والشعب الفلسطيني وكل الشكر لمن يعبر عن انسانيته واخلاقه ويشير بكل وضوح الى قاطرة الشر الكيان الصهيوني