من الصعب، وليس عدلًا، أن نُقارن أنفسنا بدول أوروبية متقدمة، خصوصًا فيما يتعلق بالتعليم.. لكن من العدالة وحب الوطن والانتماء إليه، أن لا نعمل بطريقة أو أخرى على تدمير التعليم، وكأنها ممنهجة، ذلك التعليم الذي أصبح خلال الفترة الماضية يتراجع خطوة وراء أخرى.
دول أوروبية متقدمة، على رأسها ألمانيا وفرنسا، اتخذت قرارات تتعلق بإغلاقات شبه شاملة، لكنها لم تُغلق المدارس والحضانات والروضات، وأبقت عليها مفتوحة، لأنها تعرف ما يعني التعليم، بشكل عام، ولأبنائهم بشكل خاص!.
صحيح أن المدارس والبنى التحتية للمدارس في الدول الأوروبية، متقدمة جدًا، ولا يجوز أن نقارنها بما هو موجود عندنا، إلا أن النقطة ذات الأهمية الكبرى، هي موضوع التعليم بحد ذاته، فمن خلاله تتقدم أي دولة وتزدهر وتصل إلى أعلى مراتب التطور.
للأسف، يخرج وزير التربية والتعليم، تيسير النعيمي، بتصريح مفاده الدعوة إلى «إعادة التفكير بمجالات التعلم وآلياته ومهاراته»، ورغم أهمية ذلك، إلا أنه وفي الوقت نفسه يغض الطرف، وكأنه عامد متعمد، عن أن هناك ما نسبته 30 بالمائة من الطلبة الأردنيين لا يصلون، أو لا يستطيعون الوصول، إلى منصة «درسك»، وهو نفسه من كان يُصرح دائمًا، ومن قبله وزراء التربية والتعليم السابقون، بأن «المعلم هو المحور الرئيس للعملية التعليمية».
إلى جانب أن هناك طلبة، في مختلف محافظات المملكة، لا يستطيعون الوصول إلى التعليم عن بُعد، إما لفقر مادي أو افتقارهم للموارد اللازمة للتعليم الإلكتروني، أو وجود أكثر من طالب داخل الأسرة الواحدة وليس لديهم سوى جهاز كمبيوتر واحد فقط.
لا بديل عن العودة للمدارس، والتعليم الوجاهي، فإن من شأن ذلك الحفاظ على أبنائنا، فضلًا عن المحافظة على التعليم، الذي كُنا نُباهي فيه العالم، قبل أعوام وجيزة، وبالتالي فإن الهدف الأسمى جراء ذلك هو الحفاظ على الوطن ككل، فلا أحد يعلم ماهية الآثار السلبية، عندما يُصبح الكثير من أبناء الوطن بعد أعوام، جهلة، أو بمعنى أصح كان المُراد تجهيلهم.
يتوجب على الحكومة، ممثلة بالجهات المعنية، التفكير جديًا بضرورة عودة فتح المدارس، ضمن آلية معينة تضمن حق الطلبة في التعلم الوجاهي وداخل المدرسة، وفي الوقت نفسه تُعطى الاهتمام الكافي والضروري للإجراءات الوقائية لمكافحة وباء فيروس كورونا المستجد.
نعم، الحكومة تتحمل المسؤولية الكاملة بخصوص عودة المدارس، التي يجب أن يعود إليها الطلبة، ليأخذوا تعليمهم بشكل مباشر وجاهي، وخصوصًا في مراحل التعليم الأولى أو الأساسية، فما يكتسبه الطالب من معرفة ومهارات وسلوكيات، في تلك المرحلة، سيفيده إيجابًا في المراحل الأخرى من التعليم.
الجميع يتفهم التخوف من المخاطر الصحية، جراء الإقدام على خطوة التعليم الوجاهي فهو الأنسب والأفضل للطلبة.. ولكن بعد ما يقرب من ثمانية أشهر على إغلاق المدارس، بدأت تظهر الآثار السلبية، التي ستكون أكثر كلفة من النواحي كافة؛ أكاديمية ونفسية واقتصادية، اكتوت وستكتوي بنيرانها كل فئات المجتمع الأردني.
يتوجب على الحكومة، التي قالت إنها ستتخذ إجراءات مؤلمة بعيدًا عن أي شعبوية، أن توضح للشعب الأردني بلا مواربة أو مجاملة، سلبيات التعامل مع جائحة كورونا.. وفي المقابل على الشعب أن يكون واقعيا ويتقبل النتائج ضمن الإمكانات المتاحة.. فنحن للأسف شعب يُريد أن يخوض المعارك الحربية من غير أن لا يخسر جندي واحد، إضافة إلى أنه يُريد أن تنتهي هذه الجائحة، بلا أدنى خسائر!