صدى الشعب – نشرت مجلة “ذي نيويوركر” تقريراً أعده إيساك تشوتينر قدم فيه صورة عن الطريقة التي يحاول فيها اليمين الإسرائيلي شرح كارثة المساعدات التي أسهمت إسرائيل في خلقها بغزة.
وأشار بداية إلى مقال نشره الجراح البريطاني المتطوع بمستشفى في جنوب غزة نيك مينارد، نشرته صحيفة “الغارديان” الأسبوع الماضي. وقال فيه: “انتهيت للتو من إجراء عملية جراحية لطفلة أخرى تعاني من سوء تغذية حاد.
وترقد رضيعة تبلغ من العمر سبعة أشهر في وحدة العناية المركزة للأطفال، صغيرة جداً وتعاني من سوء التغذية لدرجة أنني ظننت في البداية أنها مولودة حديثة.
إن عبارة “جلد وعظام” لا تعبر عن الطريقة التي تم بها تدمير جسدها، إنها تتلاشى حرفياً أمام أعيننا، وعلى الرغم من بذلنا قصارى جهدنا، فإننا عاجزون عن إنقاذها”.
جراح بريطاني: إن عبارة جلد وعظام لا تعبر عن الطريقة التي تم بها تدمير جسدها، إنها تتلاشى حرفياً أمام أعيننا
وتقول المجلة إن الوضع الإنساني في غزة، الذي كان مزريا بالفعل، تدهور بشكل أكبر في تموز/يوليو، حيث توفي 63 شخصا، من بينهم خمسة وعشرون طفلاً، لأسباب تتعلق بسوء التغذية، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. ومع تزايد التقارير والصور التي تظهر أطفالا هزالا من غزة، أصدر حلفاء إسرائيل المقربون، مثل فرنسا وبريطانيا، انتقادات لاذعة، واصفين الوضع الإنساني الحالي بأنه “كارثة”.
وأعلن إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، أن بلاده ستصبح أول عضو في مجموعة الدول السبع تعترف بدولة فلسطينية، كما وعد كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، بالقيام بذلك ما لم توافق إسرائيل على وقف إطلاق النار.
وفي يوم الإثنين، أقر الرئيس ترامب نفسه بأن الأطفال يعانون من الجوع. في الوقت نفسه، واصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإصرار على أنه “لا يوجد مجاعة في غزة”، وبدأت منظمتان إسرائيليتان لحقوق الإنسان في الإشارة إلى أفعال إسرائيل بأنها “إبادة جماعية”.
كما دفع حجم الأزمة عدداً من السياسيين والمعلقين الأمريكيين، بمن فيهم المدافعون عن الحرب، إلى القول بضرورة السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى القطاع، أو أن الحرب نفسها أصبحت ظالمة.
ولفهم الطريقة التي ينظر فيها اليمين الإسرائيلي للوضع في غزة أجرى تشوتينر مقابلة مع أميت سيغال، كبير مراسلي الشؤون السياسية في القناة 12 ويعتبر من أكبر الصحافيين المؤثرين في إسرائيل ومن أكبر المدافعين عن حكومة نتنياهو. وكتب في موضوعات أطلق عليها “خدعة عنف المستوطنين”.
وفي الأسبوع الماضي، كتب مقالا لموقع “فري برس” قال فيه إن “غزة ربما تقترب من أزمة جوع حقيقية”. ونقل كلام الصحافي الإسرائيلي هفيف ريتيغ- غور:”من الصعب إقناع الإسرائيليين بذلك، فكل ما قيل لهم حرفيا على مدار 22 شهرا حول هذا الموضوع كان محض خيال”.
وكتب أيضا أنه لولا “احتكار حماس للغذاء”، لما كانت غزة “تواجه نقصا غذائيا حاليا”. وفي اليوم التالي، أفادت وكالة “رويترز” أن تحليلا أجرته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لم يجد “أي دليل على سرقة ممنهجة” للإمدادات الإنسانية الأمريكية من قبل “حماس”.
وذكر تقرير آخر، في صحيفة “نيويورك تايمز”، أن مسؤولين إسرائيليين يتفقون سرا على أن “حماس” لم تنهب مساعدات الأمم المتحدة بشكل ممنهج، ما يتناقض مباشرة مع إحدى النقاط المحورية في المجهود الحربي الإسرائيلي.
وفي المقابلة وصف نفسه بالمقرب من نتنياهو وليس المتحدث باسمه، بل ويتحدث نيابة عن نفسه كيميني. وأنكر في البداية وجود مجاعة في غزة “أريد أن أوضح هذا أولا وأخيرا”. واتهم سيغال “حماس” بأنها تدير حملة مجاعة دولية “لا علاقة لها بالحقيقة” في الإعلام الدولي وخلال 22 شهرا.
ويقول إن حقيقة وجود أزمة متطورة لا علاقة لها بقرارات إسرائيل، بل باللعبة التي تخدم “حماس” والأمم المتحدة. ويرفض سيغال كلمة مجاعة، واستخدم في مقالته المعنونة: “سعر الطحين يظهر أزمة الجوع في غزة” كلمة أزمة متطورة. وقال إنه ينكر التقارير التي تتحدث عن الوفيات بسبب الجوع بغزة، ويرفضها بنسبة 99%.
و”لا أستطيع أن أقول لك إنها غير موجودة في أماكن محددة أو أشخاص محددين، ولكنني لا أعتقد أن الأرقام التي تذكرها حماس ووسائل الإعلام الدولية هي الأرقام الحقيقية”.
وواصل التأكيد بأنه لا توجد مجاعة في غزة وأن “حماس” زعمت ولسنين أن هناك مجاعة. وهي “تستخدم هذا كسلاح للحصول على مزيد من المساعدات الإنسانية”.
وزعم أن تقرير “نيويورك تايمز” عن وفيات المجاعة يقوم على مصادر من “حماس”، وقال إن المسؤول القانوني في الصحيفة أخبره “لماذا تلقون اللوم علينا لنشر ما تريده حماس؟ ومات صحافيونا في الماضي لنشرهم تقارير عن أشياء لا تريدها حماس”.
مراسل القناة 12: لا وجود لمجاعة في غزة. “حماس” تدير حملة مجاعة دولية لا علاقة لها بالحقيقة
وعندما تحدت “نيويوركر” سيغال إن كان أخبر علانية أم سرا، زعم أن الصحيفة هددته بالمقاضاة. وقد تواصل تشوتينر مع محامي غرفة الأخبار في “نيويورك تايمز” وزعم سيغال أنه المصدر، لكن ديفيد ماكرو قال للمجلة: “لم أقل أي شيء من هذا، ولم نهدده أبدا بالمقاضاة، ولم تقتل حماس صحافيينا”.
ويعرف عن سيغال كذبه، حيث طلبت منه “نيويورك تايمز” عام 2023 لتصحيح ما ورد في منشوراته من أن الصحيفة اعتمدت على مصادر مرتبطة بتنظيم “الدولة الإسلامية”.
ومع ذلك زعم سيغال أن ما يخلق المجاعة في غزة هو التحالف غير المقدس بين “حماس” والأمم المتحدة، ورفض هنا ما أوردته “نيويورك تايمز” بأن “حماس” لم تسرق المساعدات، حيث قال: “أدعوك لقراءة تقريري على إكس اليوم ويظهر خطأ هذا التقرير”. وزَعَمَ أن “حماس” والأمم المتحدة تقودان حملة لإفشال مهمة “مؤسسة غزة الإنسانية” لا إطعام غزة.
وأكد أن إسرائيل هي من تنظم عمليات غزة الإنسانية، وهي من تقف وراءها. ونفى أن مئتين من طالبي المساعدات قتلوا في مراكز التوزيع: “هذا ما تقوله حماس وتنقله نيويورك تايمز”.
وزعم أن الغالبية العظمى من الذين قتلوا عند المراكز قتلوا برصاص “حماس”. ورغم التحذيرات المستمرة من أزمة مجاعة وحتى من نتنياهو إلا أن سيغال يرجع المسؤولية لـ “حماس”: “أقول إن غزة ليست الولايات المتحدة أو إسرائيل أو حتى ألبانيا حيث يهتم النظام برفاه الشعب”.
واعترف بوجود قطع للمساعدات بين آذار/مارس وأيار/مايو، ولكنه تساءل كيف حدثت المجاعة في تموز/يوليو، مع أن الكثير من الخبراء أكدوا للمجلة أن التأثيرات الخطيرة لمنع الطعام تحدث لاحقا.
وعاد سيغال للأزمة قائلاً إن “حماس” تسرق المساعدات، مع أن الجيش الإسرائيلي أكد أنه لا توجد أدلة عن عمليات كهذه. قائلا: “إذن، حماس هي من خلقت المشكلة بالكامل، وليس قرارا إسرائيليا بإبادة غزة، إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تقدم مساعدات إنسانية للعدو في خضم الحرب.
إنها الدولة الوحيدة في العالم، ولم تفعل ذلك دولة واحدة قط”، وقال إن ما يصدر عن وزراء متطرفين مثل وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش والأمن إيتمار بن غفير، لا يعبّر عن سياسة رسمية، ودافع أن هذه التصريحات هي صورة عن النظام البرلماني.






