الدرعاوي : الاردن بوابة استثمار لـفوسفات و البوتاس عبر الشرق الاوسط
صدى الشعب – سيف الدين القومان
بين الرمال الساخنة للمشهد الإقليمي المضطرب، يلمع الأردن كوجهة واعدة تحمل في طياتها آمالًا اقتصادية واستثمارية، مدعومة بإصلاحات تشريعية جريئة ورؤية تحديث اقتصادية تطمح إلى نقل المملكة إلى مرحلة جديدة من النمو، فرغم الأمواج العاتية من النزاعات والتوترات التي تعصف بالمنطقة، فإن الأردن يخطو بثبات نحو خلق بيئة استثمارية أكثر جاذبية، لكنه لا يزال أمام اختبار حقيقي: كيف يمكن تحويل الإمكانات النظرية إلى واقع ملموس، والاستفادة القصوى من أدواته الداخلية وعلاقاته الدولية؟
تشير تحليلات الخبير الاقتصادي سلامة الدرعاوي ،أن البيئة الإقليمية المضربة غير المستقرة وما تشهده من صراعات جيوسياسية في المحيط العربي تلقي بظلالها على ثقة المستثمرين وتؤثر على وتيرة ضخ رؤوس الأموال الجديدة في السوق الأردني. ورغم أن البيانات الرسمية تشير إلى ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) بنسبة 14% في الربع الأول من عام 2025 مقارنةً بالعام السابق، إلا أن هذا الارتفاع لا يعكس الصورة الكاملة للتحديات الكامنة.
يضيف الدرعاوي أن فهم مشهد الاستثمار لا يقتصر فقط على قراءة الأرقام، بل يتطلب النظر في نوعية وتنوع الاستثمارات، وتقييم البيئة التشريعية والإجرائية المحيطة بها. ويؤكد أن الرؤية الوطنية للتحديث الاقتصادي لعام 2022 شكّلت خارطة طريق طموحة لجذب استثمارات نوعية في قطاعات ذات تنافسية عالية او بطلب متنام اقيلميا و عالميا ومن أبرزها (تكنولوجيا المعلومات، السياحة، الطاقة المتجددة،مشاريع الامن المائي ، تعدين والصناعات الدوائية).
جذب استثمارات في مشاريع استخراج الفوسفات و البوتاس
ومن المتوقع جذب استثمارات لتوسعة مشاريع استخراج ومعالجة الفوسفات والبوتاس وتصنيع الأسمدة والكيماويات، خاصة مع ازدياد الطلب العالمي على الأسمدة وتحسين الأسعار، والخدمات اللوجستية والنقل، بالإضافة إلى ما سبق، تشمل القطاعات الواعدة الأخرى قطاع الخدمات المالية، وقطاع الصناعات النسيجية والملابس الذي يجذب استثمارات أجنبية مستفيدًا من الاتفاقيات التجارية، والصناعات الهندسية الخفيفة التي يتمتع بها الأردن بقاعدة صناعية جيدة.
حيث قال الدرعاوي أن الأردن يتمتع بمقومات جذب استثماري قوية، أهمها الاستقرار السياسي والأمني، والموقع الجغرافي الاستراتيجي في قلب الشرق الأوسط، إضافة إلى شبكة واسعة من الاتفاقيات الاقتصادية الدولية، مثل اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، والشراكة المتقدمة مع الاتحاد الأوروبي، ما يتيح للمستثمرين بوابة إلى أسواق إقليمية وعالمية.
و البيئة الإقليمية المتقلبة تجعل المستثمرين أكثر تحفظًا وانتقائية، خصوصًا في ظل غياب الرؤية الواضحة لاستقرار المنطقة على المدى القريب. لذلك، فإن البيئة الداخلية للأردن مطالبة بالمزيد من الخطوات لتحسين جاذبيتها، مثل تعزيز سهولة الأعمال، تقليص البيروقراطية، وتفعيل الحوافز الضريبية بآليات شفافة ومستقرة . بحسب الدرعاوي
60 مليار قيمة استثمارات خلال العقد المقبل
واشار الدرعاوي أن رؤية التحديث الاقتصادي تستهدف جذب استثمارات تُقدّر بنحو 60 مليار دولار خلال العقد المقبل، وخلق مليون فرصة عمل، مما يتطلب مضاعفة الجهود لتسريع وتيرة الإصلاح، خاصة في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) لتطوير مشاريع البنية التحتية، والطاقة، والمياه.
من جانب آخر، لفت الدرعاوي إلى أهمية استثمار العلاقات الدولية للأردن بشكل أكثر فاعلية، خصوصًا مع الدول الخليجية التي تمتلك فوائض مالية كبيرة، وكذلك مع القوى الآسيوية الصاعدة مثل الصين والهند. ويؤكد أن تعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يمكن أن يخفف من مخاطر الاستثمار ويجذب القطاع الخاص للمشاركة.
الاطار القانوني و البيئة الاستثمارية
وفي ما يخص الإطار القانوني، يرى الدرعاوي أن قانون البيئة الاستثمارية لعام 2024 والتعديلات التشريعية المصاحبة له، مثل قوانين حماية البيانات، والمنافسة، والشراكة بين القطاعين، تُشكّل نقلة نوعية، لكنها تحتاج إلى تفعيل حقيقي وتدريب إداري لضمان التطبيق السليم.
إن الأردن يمتلك الفرصة لصناعة تحول اقتصادي جذري من خلال استثمار ذكي ومدروس في عناصر القوة المتاحة، وتعزيز الإصلاحات الداخلية، والانفتاح الخارجي المنظم. لكن التحدي الأكبر كما يشير الخبير سلامة الدرعاوي ، يكمن في التنفيذ الفعلي، والمتابعة الدقيقة، وضمان أن تكون القوانين على الأرض أكثر من مجرد نصوص.
فبالموازنة بين الاستقرار والإصلاح، والانفتاح والشراكة، يمكن للأردن أن يحقق قفزة نوعية في استقطاب الاستثمارات ويُعيد رسم موقعه الاقتصادي في المنطقة.
