صدى الشعب – سيف الدين القومان
يُعدّ الأمن الغذائي ركيزة أساسية لصحة الإنسان واستقراره النفسي والجسدي، إلا أن النقص المزمن في الغذاء، سواء بسبب الكوارث الطبيعية، الأزمات الاقتصادية، أو تدهور البنية التحتية، يؤدي إلى حالات من المجاعة وسوء التغذية تؤثر بشكل مباشر على الأفراد، خصوصًا الأطفال في مراحل النمو، وكبار السن، والمرضى.
بحسب الدكتور غازي شركس استشاري الصحة العامة والأوبئة في جامعة ابن سينا للعلوم الطبية، فإن المجاعة لا تعني فقط الجوع، بل هي حالة مرضية مزمنة تؤدي إلى خلل واسع في أداء أجهزة الجسم وتضعف مقاومته للأمراض.
الوضع الغذائي العام
وقال الدكتور شركس، إن نقص الغذاء يؤدي إلى حرمان الجسم من العناصر الأساسية التي يحتاجها للحفاظ على وظائفه الحيوية، ومن أبرزها: البروتينات، وهي ضرورية لبناء العضلات، والأنسجة، والإنزيمات الحيوية، الفيتامينات: مثل A، B، C، وD، وهي تساهم في تعزيز المناعة، النمو، وصحة الجلد والعينين والمعادن” مثل الحديد، الكالسيوم، والزنك، والفلورايد” اللازمة لصحة الدم، العظام، والأسنان، والوظائف العصبية.والنشويات (الكربوهيدرات): المصدر الأساسي للطاقة اليومية.
ويُشير إلى أن هذا النقص المزمن يُسبب ضعفًا عامًا في الجسم، وتعبًا دائمًا، وفقدانًا حادًا في الوزن، وهو ما يُهدد النمو الجسدي والعقلي لدى الأطفال، ويُضعف وظائف الأعضاء الحيوية كالكبد والكلى، كما يؤثر على الدم والدورة الدموية بشكل خطير.
أثر المجاعة على الجهاز المناعي والعضلي
وحول أثر المجاعة على الجهاز المناعي والعضلي، بين الدكتور شركس، أن الجهاز المناعي يصبح الجسم عاجزًا عن إنتاج الخلايا المناعية الكافية، مما يزيد من فرص الإصابة بالعدوى والأمراض و بالاضافة إلى أن الجهاز العضلي تضعف وظائف العضلات تدريجيًا وتفقد كتلتها، ويصبح الجسم هشًا، ما يزيد خطر الكسور والتعب العضلي المزمن، ومن ضمنها يصبح الهزال العام مما يجعل الجسم غير قادر على مقاومة الأمراض البسيطة، والتي قد تتحول إلى أزمات صحية حادة بسبب ضعف القدرة على التعافي.
وبحسب الدكتور غازي شركس، فإن الأشخاص المصابين بسوء تغذية حاد، وخصوصًا الأطفال، يعانون من تدهور في الكتلة العضلية، وصعوبة في التئام الجروح، وتراجع ملحوظ في النشاط الحركي والمعرفي، لافتًا إلى لأمراض الناتجة عن نقص العناصر الغذائية، ومنها فقر الدم (الأنيميا): نتيجة نقص الحديد في الغذاء، والكساح: بسبب نقص الكالسيوم وفيتامين (د)، خاصة عند الأطفال. ضعف النمو الجسدي والعقلي: نتيجة نقص فيتامين (C) وغيره من المغذيات الأساسية.
مشكلات الجهاز الهضمي: مثل كسل الأمعاء وسوء الامتصاص و مشاكل في العيون والأسنان نتيجة نقص فيتامين (A) والفلورايد.
ويؤكد الدكتور شركس، أن هذه الحالات يمكن الوقاية منها عبر التدخل الغذائي المبكر، ولكن في سياق الانهيار الصحي العام تصبح السيطرة عليها أكثر صعوبة بسبب غياب الحد الأدنى من الرعاية الصحية وتدهور النظام الصحي وزيادة الأمراض المعدية، مبينًا أنه لا يمكن فصل الانهيار الصحي العام عن نقص التغذية والذي يتزامن مع انعدام النظافة الشخصية والعامة وغياب المياه النقية وتوقف برامج التطعيم الأساسية ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية
وهذا التدهور يساهم في انتشار أمراض خطيرة مثل: الزحار (أميبا) الناتج عن المياه الملوثة.والتهاب الكبد الوبائي A والسل الرئوي والملاريا في حال وجود البعوض الناقل.
أمراض منقرضة تعود للظهور مثل: السعال الديكي، الحصبة الألمانية، السحايا، وحتى شلل الأطفال
الآثار النفسية والاجتماعية
يشدد الدكتور غازي شركس، على أن المجاعة لا تؤثر فقط على الجسد، بل تنهك النفس أيضًا، الجوع المستمر يولّد مشاعر الإحباط، القلق، وفقدان الأمل، لا سيما لدى الأطفال والنساء، وقد يؤدي إلى اضطرابات نفسية حادة مثل الاكتئاب والانعزال، بالإضافة إلى زيادة معدلات العنف الأسري والتفكك الاجتماعي، وأن حالة المجاعة والانهيار الصحي المصاحب لها تمثل كارثة إنسانية تستدعي تدخلاً عاجلاً وشاملاً من قبل المؤسسات الصحية والدولية.






