الكردي لـ(صدى الشعب) :الاضطراب النفسي خلل في التفكير وإدارة العواطف
أسيـل جمـال الطـراونـة
تُعد الصحة النفسية أحد المرتكزات الأساسية لحياة متوازنة وسليمة، فهي تنعكس بشكل مباشر على قدرة الفرد في التفكير السليم والتعامل مع ضغوط الحياة اليومية وإدارة مشاعره وعلاقاته الاجتماعية.
وفي هذا السياق، تؤتكد الدكتورة أمل الكردي، استشارية العلاج النفسي والسلوكي، أن الاضطراب النفسي لا يُعدّ مجرد حالة عابرة من التوتر، بل هو خلل عميق في أسلوب التفكير وإدارة العواطف، ما يؤدي إلى تغيير واضح في نمط حياة الفرد واستقراره.
وتوضح الكردي أن أسباب الاضطرابات النفسية متعددة، إذ قد تكون بيئية أو كيميائية أو وراثية، إضافة إلى ارتباطها بسمات شخصية معينة، وفي بعض الحالات قد تجتمع هذه العوامل معًا لتؤدي إلى إصابة الفرد بالاضطراب النفسي.
ومن ناحية أخرى، تشير إلى أن التوتر يُعد رد فعل طبيعي تجاه مواقف مقلقة في حياتنا، فيجعل الشخص مشتتًا وقلقًا وقليل التركيز، غير أن هذه الأعراض غالبًا ما تزول بمجرد انتهاء الموقف.
لكن، متى يتحول هذا التوتر الطبيعي إلى اضطراب نفسي يستدعي القلق؟ توضح الكردي أن ذلك يحدث عندما يصبح التوتر مرافقًا لقلق مستمر يعرقل مسار الحياة اليومية، فعلى سبيل المثال قد يتوتر الطالب بسبب الامتحان، لكن إذا استمر شعوره بالقلق بعد انتهائه وتطورت حالته ليصبح قلقًا من غير سبب واضح، فهنا تبدأ علامات الاضطراب بالظهور. ويظهر ذلك من خلال صعوبة التحكم بالأفكار السلبية، الشعور المستمر بالتهديد، الأرق وعدم القدرة على النوم، التفكير المتواصل في عدة مشاكل وقضايا في آن واحد، إضافة إلى تغير الشهية تجاه الطعام أو الميل إلى العزلة وترك الأنشطة المعتادة. وتشدد الكردي على أن استمرار هذه الأعراض لأكثر من أسبوعين يستوجب مراجعة مختص في الصحة النفسية.
وتضيف أن العلامات المقلقة تشمل أيضًا اختلال النوم والشهية، ردود الأفعال المبالغ بها في المواقف العادية، الميل إلى الانسحاب الاجتماعي، والأعراض الجسدية مثل الصداع والأرق. فهذه المؤشرات جميعها لا يجب تجاهلها، لأنها قد تعكس تفاقم الحالة، حيث إن الاضطرابات النفسية تظهر في كثير من الأحيان على شكل أعراض جسدية أيضًا.
أما فيما يتعلق بالوقاية، فترى الكردي أن تغيير الروتين اليومي قد يكون وسيلة فعالة للتخفيف من حدة الأعراض النفسية، لكنه ليس الركيزة الأساسية للعلاج. بل تؤكد أن العمل على الحفاظ على مهنة أو نشاط يومي، إضافة إلى التمسك بهواية تملأ وقت الفراغ وتكسر روتين الحياة، يُعدّ من النصائح الجوهرية التي تقدمها لمرضاها.
كما تحث الجميع على عدم التهاون في مراجعة مختص عند ظهور أي أعراض قد تدل على وجود اضطراب نفسي، حتى لا تتفاقم الحالة وتصبح أكثر صعوبة في العلاج.
إن التفرقة بين التوتر الطبيعي والاضطراب النفسي مسألة أساسية لحماية الفرد من مضاعفات قد تؤثر على حياته بشكل شامل. فبينما يُعتبر التوتر استجابة طبيعية ومؤقتة لضغوط الحياة، فإن الاضطراب النفسي يتطلب التدخل العلاجي والمتابعة المستمرة مع مختصين
و تبقى الوقاية، والحفاظ على التوازن بين العمل والهوايات، والانتباه المبكر إلى الأعراض، هي الركائز التي تساعد على تعزيز الصحة النفسية وضمان حياة أكثر استقرارًا وسلامًا داخليًا.






