صدى الشعب – كتب عبدالرحمن البلاونه
جاءت فاجعة وفاة عدد من المواطنين، – التي هزت وأثارت المجتمع الأردني- نتيجة لتناولهم مشروبات كحولية، تحتوي على مادة الميثانول السامة، لتكشف من جديد الهشاشة التي يعاني منها المجتمع، وتزيل اللثام عن ظواهر اجتماعية، تتسبب بوهن المجتمع وتفتيته، وخاصة عندما تقترن بأفعال، تؤدي إلى الاعتداء على الأرواح والممتلكات، بعد ذهاب العقل وغيابه نتيجة لتناول المشروبات الكحولية، وتعاطي الحبوب المخدرة، ومآلة حتمية، ومصير مؤكد لغياب الوعي، والتوعية، في معظم الأحيان.
جاءت هذه الحادثة لتكشف وهن المجتمع بمؤسساته الرسمية والأهلية، تعليمية ودينية، ورقابية، وإعلامية، وعجزها عن حماية أبنائه، الذين انحرف مسارهم، وضلوا السبيل، وتاهوا في غياهب الحياة، ودهاليز المجتمع، نتيجة لظروف اجتماعية، واقتصادية قاهرة، ارغمتهم على الغرق في بحر الجهالة والظلمات، وسلكوا طريق اللاعودة، غير مقدرين للآثار الاجتماعية التي فرضوها على أسرهم وأقربائهم، وتركوها ندبة ووصمة عار على جبينهم، تلاحقهم مدى الحياة.
من هنا، وليس دفاعا عن أي جهة، لا نستطيع توجيه أصابع الاتهام لجهة دون غيرها، فالتقصير من الجميع، ونحن نعلم أن الدور المناط بمؤسسة الغذاء والدواء هام وكبير، يتوجب علينا كشف حقيقة مؤلمة، مفادها أن الأشخاص المخولين برقابة الغذاء والدواء في محافظة مليونية، كمحافظة الزرقاء، بألويتها وأقضيتها، تضم آلاف المنشآت والمؤسسات الغذائية، لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد.
وأتت هذه الحادثة لتكشف أصحاب الضمائر الميتة، الذين يتاجرون بحياة وأرواح أبناء الوطن، لزيادة أرصدتهم في البنوك، وتكشف سهولة تداول مواد خطرة وسامة، غير آبهين بأمن المجتمع واستقراره، ومن منطلق أننا دولة إسلامية، وديننا الحنيف يحرم، تناول المواد المسكرة، من الأولى إغلاق المصانع والشركات التي تنتج هذه المشروبات، وإغلاق الحانات التي تبيعها، حفاظاً على المجتمع وأبنائه.
والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا يلجأ المواطن إلى شرب الكحول والمسكرات، وتعاطي المخدرات، وهو يعلم أنها تُذهب عقله، وتدخله في عالم غريب من الأوهام، تدفعه للقيام بأعمال وارتكاب أفعال، يحرمها الشرع، ويجرمها القانون، هل هو البعد عن الدين، أم هو جهل، أم انه للنسيان والهروب من واقع مؤلم، فرضته الظروف المحيطة، من فقر وبطالة، وظلم اجتماعي وتهميش؟
لذلك لا بد من البحث عن الأسباب التي أوصلت الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات، ويدمنون الكحول، ودراستها، وبحثها، ومعالجتها، بطرق علمية وفعالة، وتنظيم الورش وعقد الجلسات النقاشية والمحاضرات التوعوية، والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، وعبر منصات التواصل الاجتماعي، وبيان حرمتها وأضرارها، وتوجيهها إلى فئة الشباب كإجراء وقائي، ولإعادة من انحرفوا عن طريق الصواب إلى وعيهم ورشدهم وادراكهم، وإعادتهم إلى مجتمعهم أفراد أسوياء، ولبنات صالحة ومنتجة في المجتمع، تساعد في بنائه وتنميته وازدهاره.