صدى الشعب – كتبت سميرة الخالدي
في صباحٍ من أيار، تنهض الشمس كأنها تنحني احترامًا لأيديٍ لم تنم، وأكتافٍ حملت العالم على صبرها، وقلوبٍ تنبض بإيقاع العمل. إنه يوم العمّال، يوم التحيّة الأولى لكل من غزل خيوط النهار بعرقه، وسقى بذور الحياة بتعبه.
في هذا اليوم، لا نُقدّم التهاني وحسب، بل نُقيم مهرجانًا من الكلمات، ونُفرش القصائد تحت أقدام من صنعوا المجد بصمت. نُصافح السواعد الملطّخة بالغبار، ونُقبّل الجباه التي اشتعلت شمسًا لتضيء دروبنا.
لكن، ثمّة عاملٌ لا تراه العيون في المعامل والمصانع، ولا يقرع الحديد ولا يحمل المطرقة… إنه المعلّم.
المعلّم هو العمّال كلّهم في جسدٍ واحد.
هو الفلّاح الذي يزرع في العقل بذور المعرفة،
وهو البنّاء الذي يشيّد صروح الحكمة بين جدران الطفولة،
وهو الحداد الذي يصقل النفوس كما تُصقل السيوف،
وهو الرسّام الذي يخطّ بأصابعه عوالم الحلم على سبورةٍ بيضاء.
يا من تحملون الطباشير كما تُحمل الشعلة،
يا من تصنعون الحضارة دون ضجيج،
أنتم القناديل التي ترفض الانطفاء، وأنتم عُمّال المستقبل الذي لا يُبنى بالحجارة، بل بالكلمات.
في يوم العمّال، نقف احترامًا لعاملٍ يبدأ عمله حين تنام العيون، يُعدّ دروسه كما يُعدّ القائد معاركه، ويخوض كل يوم مع طلابه معركة الجهل، لينتصر بالعلم والحب.
يا معلمي الأجيال، يا شموس الفجر، ويا حروف النور،
أنتم تاج هذا اليوم، وزهرته التي لا تذبل.
أنتم من علم العامل كيف يقرأ تعليمات الأمان،
ومن لقّن الطبيب أولى سطور الإنسانية،
ومن غرس في المهندس شغف البناء.
في عيد العمال، لا تكفيكم الورود،
ولا تسعكم الحروف…
لكن نكتب، علّ الكلمات تفي بالعهد.
كل عام وأنتم بخير، يا حرّاثي العقول، ويا مشاعل الطريق.