فضل العشر الأواخر من رمضان – الليالي العشر الأواخر من رمضان هي الليالي العشر المباركة وأفضل عشر ليال للعبادة، والعمل الصالح، تبدأ من ليلة 21 رمضان حتى ليلة 30 رمضان إذا كان الشهر كاملا، وفي العشر الأواخر يتحرى المسلمون ليلة القدر بما لها من مكانة. قال الله تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾.
فضل العشر الأواخر من رمضان
العشر الأواخر من شهر رمضان هي الأيام والليالي الواقعة ما بين ليلة الحادي والعشرين من رمضان إلى آخره؛ سواءً كانت عشرةً كاملةً، أو ناقصةً؛ باقتصارها على تسعٍ؛ إذ العبرة بإطلاق اللفظ على الغالب والتمام، وتُطلق العشرُ على الأيّام مع ليالها، قال الله -تعالى-: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ).
الأعمال الصالحات المستحبة في العشر الأواخر
1- الاعتكاف: هو التفرغ الكامل للعبادة، وأفضل أوقات الاعتكاف في العشرة الأواخر من شهر رمضان المبارك، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفي.
2- قراءة القرآن: يعد شهر رمضان أكثر شهر يفضل فيه الإكثار من تلاوة القرآن؛ وذلك لأهمية الشهر العظيم، ومضاعفة الثواب والأجرومن عظيم فضل العشر الأواخر من رمضان.
3- الإكثار من الصدقات: إنّ الإنفاق في سبيل الله من أفضل الأعمال في شهر رمضان المبارك، خاصة في العشرة الأواخر منه، فذلك يقرب قلوب الناس من بعضهم، ويطهر النفوس من الشح والبخل.
فضل العشر الأواخر من رمضان وليلة القدر
1- منها أنه نزل فيها القرآن ، كما تقدّم ، قال ابن عباس وغيره : أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم . تفسير ابن كثير 4/529 .
2- وصْفها بأنها خير من ألف شهر في قوله: ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) سورة القدر الآية/3
3- ووصفها بأنها مباركة في قوله: ( إنا أنزلنه في ليلة مباركة ) سورة الدخان الآية 3 .
4- أنها تنزل فيها الملائكة ، والروح ، ” أي يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها ، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة ، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ، ويحيطون بحِلَق الذِّكْر ، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيماً له ” أنظر تفسير ابن كثير 4/531 والروح هو جبريل عليه السلام وقد خصَّه بالذكر لشرفه .
5- ووصفها بأنها سلام ، أي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى كما قاله مجاهد أنظر تفسير ابن كثير 4/531 ، وتكثر فيها السلامة من العقاب والعذاب بما يقوم العبد من طاعة الله عز وجل .
6- ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) الدخان /4 ، أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة وما يكون فيها من الآجال والأرزاق ، وما يكون فيها إلى آخرها ، كل أمر محكم لا يبدل ولا يغير انظر تفسير ابن كثير 4/137،138 وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به وكتابته له ، ولكن يُظهر للملائكة ما سيكون فيها ويأمرهم بفعل ما هو وظيفتهم ” شرح صحيح مسلم للنووي 8/57 .
7- أن الله تعالى يغفر لمن قامها إيماناً واحتساباً ما تقدم من ذنبه ، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه . وقوله : ( إيماناً واحتساباً ) أي تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه وطلباً للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه . فتح الباري 4/251.
حال النبي بالعشر الأواخر من رمضان
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر بعناية واجتهاد كبيرين، ويجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها من العبادة والحرص على فعل الخير. … فيستحب للمسلم أن يحقق في هذه العشر مفهوم العبودية لله عز وجل في حياته العامة والخاصة، وأن يركز على تزكية نفسه وإصلاح قلبه والتزود بالخيرات.
الاعتكاف في العشرالأواخر
الإعتكاف هو لزوم المسجد تفرغاً لطاعة الله تعالى لا يخرج منه إلا لما لابد منه كالذهاب للوضوء ونحوه .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء هل يجوز للمعتكف أن يزور مريضاً أو يجيب دعوة أو يقضي حوائج أهله أو يتبع جنازة أو يذهب للعمل؟
فأجابت : السنة ألا يزور المعتكف مريضاً و لا يجيب دعوة ولا يذهب لعمله خارج المسجد لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها : (( السنة على المعتكف ألا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة و لا يمس امرأة و لا يباشرها و لا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه )( أخرجه أبو داوود واللفظ له والدارقطني .
اعتكاف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
ما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليذر سنته الثابتة التي فيها يعتزل أهله ويطوي فراشه ويشد مئزره ، ليقوم لربه قانتاً وعلى عبادته عاكفاً وملازماً ، فكان يعتكف العشر الأول ثم اعتكف العشر الأوسط ثم اعتكف في العشر الأواخر ففي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده ).
وعنها رضي الله عنها قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله ).
فهذا يدل على حرصه ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ على هذا الأمر وذلك بمحافظته عليه حتى توفاه الله ، ثم لو تأملت في هديه صلوات الله وسلامه عليه وكيف أنه لم يترك سنة الإعتكاف طيلة حياته بل إنه في أحد الأعوام لأمر ما لم يعتكف في رمضان و مع ذلك قام بقضاء اعتكافه في شوال ، في حين ترى الناس في هذا الزمان يحرصون حرصاً شديدأً على أداء العمرة في رمضان بينما يهملون سنة الإعتكاف التي واظب عليها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى توفاه الله فعليكم بسنة نبيكم.
مدته
على من أراد الإعتكاف أن يدخل معتكفه قبل غروب الشمس أول ليلة من ليال العشر الأواخر وتنتهي مدته بغروب شمس آخر يوم منه، وأما ما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى الصبح من ليلة إحدى وعشرين ثم دخل معتكفه، فالمراد بذلك ما ذكره ابن حجر رحمه الله في كتابه فتح الباري حيث قال : ( .. وَقَالَ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَطَائِفَةٌ : يَدْخُل قُبَيْل غُرُوب الشَّمْس ، وَأَوَّلُوا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ مِنْ أَوَّل اللَّيْل ، وَلَكِنْ إِنَّمَا تَخَلَّى بِنَفْسِهِ فِي الْمَكَان الَّذِي أَعَدَّهُ لِنَفْسِهِ بَعْد صَلَاة الصُّبْح ) واختار ذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
الدعاء في العشر الأواخر من رمضان
اللهم ما كان فيها من ذكر وشكر فتقبله منا وأحسن قبوله، وما كان من تفريط وتقصير وتضييع فتجاوز عنا بسعة رحمتك يا أرحم الرحمين.
اللهم انها العشر الاواخر في رمضان اسالك فيها ربي ان لاتحرمنا اجر ليلة القدر وان تجعلنا ممن عتقتهم من نيرانك ومن المقبولين.
قيام العشر الأواخر
لقيام العشر الأواخر والمستحب في ليالي رمضان إحياؤها بالقيام والصلاة والعبادة ، وتخصيص العشر الأواخر منه بمزيد تعبد واجتهاد ، طلبا للمغفرة والرحمة ، وتحريا لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر لمن يبتغي فضل العشر الأواخر من رمضان.
ثم إن صلاة التراويح تعتبر من قيام الليل ، وتسميتها بالتراويح لما يتخللها من أخذ قسط يسير من الراحة بين الركعات ، ولذلك فالأمر فيها واسع ، يجوز للعبد أن يصلي في الليلة ما شاء من الركعات ، وفي أي وقت من الليل شاء .
” لا خلاف بين الفقهاء في سنية قيام ليالي رمضان ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )
وقال الفقهاء : إن التراويح هي قيام رمضان ؛ ولذلك فالأفضل استيعاب أكثر الليل بها ; لأنها قيام الليل ” انتهى .
وما يقوم به كثير من الأئمة اليوم – خاصة في العشر الأواخر – من الصلاة بالناس التراويح بعد العشاء مباشرة ، ثم الرجوع إلى المسجد في ساعة متأخرة من الليل للصلاة والقيام ، هو من المشروع لا من الممنوع ، وليس هناك ما يمنعه ، والمطلوب هو الاجتهاد في العشر الأواخر على حسب الاستطاعة ، فإذا قَسَّم المرء ليله ما بين صلاة وراحة ونوم وقراءة قرآن فقد أحسن .
قال الشيخ عبد الله أبابطين – كما في “الدرر السنية” (4/364) – :
” مسألة في الجواب عما أنكره بعض الناس على من صلى في العشر الأواخر من رمضان زيادة على المعتاد في العشرين الأول ، وسبب إنكارها لذلك غلبة العادة ، والجهل بالسنة وما عليه الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام .
فنقول: قد وردت الأحاديث عن النبي صلى الله وعليه وسلم بالترغيب في قيام رمضان ، والحث عليه ، وتأكيد ذلك في عشره الأخير .
إذا تبين أنه لا تحديد في عدد التراويح ، وأن وقتها عند جميع العلماء من بعد سنة العشاء إلى طلوع الفجر ، وأن إحياء العشر سنة مؤكدة ، وأن النبي صلى الله وعليه وسلم صلاها ليالي جماعة ، فكيف ينكر على من زاد في صلاة العشر الأواخر عما يفعلها أول الشهر ، فيصلي في العشر أول الليل ، كما يفعل في أول الشهر ، أو قليل ، أو كثير ، من غير أن يوتر ، وذلك لأجل الضعيف لمن يحب الاقتصار على ذلك ، ثم يزيد بعد ذلك ما يسره الله في الجماعة ، ويسمى الجميع قياماً وتراويح .
وربما اغتر المنكر لذلك بقول كثير من الفقهاء : يستحب أن لا يزيد الإمام على ختمة ، إلا أن يؤثر المأمومون الزيادة ، وعللوا عدم استحباب الزيادة على ختمة بالمشقة على المأمومين ، لا كون الزيادة غير مشروعة ، ودل كلامهم على أنهم لو آثروا الزيادة على ختمة كان مستحباً ، وذلك مصرح به في قولهم : إلا أن يؤثر المأمومون الزيادة .
وأما ما يجري على ألسنة العوام من تسميتهم ما يفعل أول الليل تراويح ، وما يصلي بعد ذلك قياماً ، فهو تفريق عامي ، بل الكل قيام وتراويح ، وإنما سمي قيام رمضان تراويح لأنهم كانوا يستريحون بعد كل أربع ركعات من أجل أنهم كانوا يطيلون الصلاة ، وسبب إنكار المنكر لذلك لمخالفته ما اعتاده من عادة أهل بلده وأكثر أهل الزمان ، ولجهله بالسنة والآثار ، وما عليه الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام ، وما يظنه بعض الناس من أن صلاتنا في العشر هي صلاة التعقيب الذي كرهه بعض العلماء فليس كذلك ؛ لأن التعقيب هو التطوع جماعة بعد الفراغ من التراويح والوتر .