صدى الشعب – أعلن في تركيا،أمس الأحد، عن وفاة المفكر الإسلامي السوري الكبير جودت سعيد المعروف باسم “غاندي العرب” وصاحب مدرسة “اللاعنف” في مدينة إسطنبول عن 91 عاماً، حيث نعاه آلاف السوريين والأتراك والمفكرين المسلمين على مواقع التواصل، كما نعاه عدد من كبار المسؤولين الأتراك.
وأكد خبر الوفاة صفحة خاصة بالمفكر سعيد ووسائل إعلام مختلفة تابعة للمعارضة السورية في تركيا، كما نعاه عدد كبير من المفكرين والعلماء السوريين، وبينما لم يعلن عن موعد محدد للجنازة، يتوقع أن تجري اليوم الاثنين من مسجد الفاتح في مدينة إسطنبول التركية بمشاركة آلاف اللاجئين السوريين وممثلي المعارضة السورية والحكومة التركية.
ولد المفكر جودت سعيد، في قرية بئر عجم، التابعة لمحافظة القنيطرة جنوب سوريا عام 1931 وتعود أصول عائلته إلى القوقاز، ودرس العلوم الشرعية في الأزهر الشريف، وانتقل للحياة إلى دمشق عقب احتلال إسرائيل للجولان السوري، قبل أن ينتقل بداية الثورة السورية للعيش في مدينة إسطنبول التركية الذي توفي فيها.
وللراحل العديد من المؤلفات أبرزها “حتى يغيروا ما في أنفسهم”، و”مذهب ابن آدم الأول”، و”فقدان التوازن الاجتماعي”، و”العمل قدرة وإرادة”.
وفي بداية الثورة السورية شارك سعيد في مظاهرات سلمية ضد النظام السوري، وكان يؤكد في كلماته باستمرار على أولوية “السلمية والديمقراطية في التغيير”، وعقب تصاعد الحرب ومقتل شقيقه في القصف، انتقل سعيد للعيش في إسطنبول حيث واصل نشاطه الدعوي ومعارضته للنظام السوري لكن مع الإصرار على “المنهج السلمي ونبذ السلاح والعنف”.
ويعتبر جودت سعيد الذي يتحدث اللغتين العربية والشركسية من أبرز المفكرين الإسلاميين المعاصرين، الذين يشكلون امتدادا لمدرسة مالك بن نبي ومحمد إقبال.
وفي كلمات سابقة له أكد الراحل، أنه “لا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع تغيير قناعات وأفكار أحد باستخدام الضغط والقوة، وأن القرآن يوصينا بعدم استخدام الإكراه في الإقناع”، مشيرا إلى أن “الضغط يولد ردود فعل قوية”.
وأفاد أنه “يجب حل المشاكل والصعاب بالطرق الحضارية، وليس باستخدام القوة، المسلمون هم ليسوا الوحيدين الذين تركوا سوريا، بل اضطر العديد من شعوب الطوائف والمذاهب الأخرى إلى ترك قراهم ومغادرة البلاد، ويعانون من أزمة كبيرة بسبب الضغط الذي وقع عليهم لتغيير قناعاتهم وأفكارهم”، ومن مقولاته أيضاً: “المجتمعات المظلومة والمقهورة تعرف معنى كلمة العدالة أكثر من غيرها، وإن عصر انتهاك الأنظمة لحقوق الشعوب انتهى”.
وعقب شيوع خبر الوفاة، نعى عدد من المفكرين والعلماء السوريين المفكر سعيد.
وقال رئيس الائتلاف السوري المعارض السابق الشيخ معاذ الخطيب، في تدوينة: “المفكر الإسلامي الأستاذ جودت سعيد في ذمة الله”.
وأضاف: “داعية السلم والسلام، وما أحوج كل السوريين إلى سلم يضمهم جميعا، رائد المقاومة المدنية في سوريا والمقاوم العنيد لكل أنواع الظلم، ومنذ بدايات شبابه اعتقل وعذب واضطهد فلم يغير طريقه، رحمك الله وعظم أجر أهلك ومحبيك وخلف السوريين بعدك بخير”.
فيما قال الأمين العام للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين علي القره داغي عبر صفحته الرسمية بـ”فيسبوك”: “المفكر الأستاذ جودت سعيد رحل عن دنيانا فجر اليوم، كان من أعظم تلاميذ المفكر الجزائري مالك بن نبي (1905-1973) رحمهما الله تعالى”، وأضاف: “كان من مؤسسي المقاومة المدنية كما كان وفيا لمبادئه مصرا على رفض الظلم والاكتفاء بالتشكي، بل لا بد من تحمل المسؤولية، رحمه الله تعالى وغفر له وأسكنه فسيح جناته”.
وغرّد رئيس “هيئة التفاوض السورية المعارضة” أنس العبدة عبر “تويتر” قائلاً: “رحم الله الشيخ والمفكر جودت سعيد رحمة واسعة، كان فريداً في أفكاره ومواقفه واستنهاض ما في العقل والإنسان من قدرة وطاقة”، مضيفاً: “دعم السلام واللاعنف، وواجه الظلم بقوة الحرية ودفع ثمن ذلك غاليًا، لم تُغيره المِحَن، كسب احترام الناس وثقتهم، ففكره مساحة حرة للناس بكل توجهاتهم ومعتقداتهم”.
كما نعاه عدد من المسؤولين الأتراك، وكتب مصطفى شنطوب رئيس البرلمان التركي: “انتقل إلى رحمة الله المفكر الثمين في العالم الإسلامي جودت سعيد عن 91 عاماً في إسطنبول، أعزي عائلته وأحبابه وعالم الفكر الإسلامي، إلى رحمة الله”، في حين كتب محمد غورماز رئيس الشؤون الدينية التركية السابق: “لقد فقد العالم الإسلامي اليوم مفكراً مهماً، انتقل جودت سعيد إلى رحمة الله في إسطنبول.. أعزي عائلته ومسلمي سوريا والقوقاز وأحبابه والعالم الإسلامي بأسره”، كما نعاه آلاف الأتراك عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث عرف بين أوساطهم خلال سنوات إقامته في إسطنبول منذ بداية الثورة السورية.