مقاربات بلينكن الضبابية

بدأت ادارة بايدن بتوجهات مشجعة ووازنة حول ملفات الشرق الاوسط: تأكيد على حل الدولتين في انى مناسبة وانه الحل الذي تدعمه الادارة الجديدة يأتي من منطلق الصداقة والتحالف مع اسرائيل وليس انحيازا للفلسطينيين، لن يتم القبول بمعادلة “التزام مقابل التزام” في ملف ايران النووي بل لا بد من وضع برنامج الصواريخ الباليستية والسلوك المزعزع للاستقرار بالاقليم على طاولة المفاوضات، سيتم التشاور مع الحلفاء في الشرق الاوسط قبل اجتراح أي سياسة اميركية جديدة وضمن نهج تعددي وليس احاديا. هذه كانت البدايات، ليعود وزير الخارجية والادارة بتغيرات ورؤى جديدة متناقضة: نؤمن بحل الدولتين ولكننا لا نعتقد ان ذلك سيحدث في اي وقت قريب، سنقبل بالعودة للاتفاق النووي مع ايران ان هي عادت وسنتفاوض حول بقية الشؤون بعد العودة للاتفاق رغم ان ذلك سيأخذ وقتا، نعيد النظر بتصنيف حركة الحوثي انها إرهابية لاسباب وصول المساعدات الانسانية للشعب اليمني، مراجعة صفقات الاسلحة لدول الخليج وهذا شأن روتيني تفعله كل ادارة رغم ما يبعث به من رسائل ضبابية لإيران والاقليم.
لا ندري لماذا هذا التشويش وكأن الادارة الجديدة ما تزال تتلمس طريقها بين الرغبة في تغيير سياسات ترامب وبذات الوقت الا تصبح نسخة كربونية عن ادارة اوباما. في مسعى الادارة ووزير خارجيتها لاجتراح طريق سياسي مختلف، تقوم بإطلاق رسائل ضبابية محيرة تشير في الحد الادنى انها لا تتشاور مع الحلفاء في الاقليم ولم تستمع لرؤاهم حول التحديات الاقليمية والمقاربات التي يمكن للولايات المتحدة واصدقائها في الشرق الاوسط تبنيها. ما لا يريده غالبية دول الاقليم نسخة مكررة عن سياسات اوباما في الشرق الاوسط او الاستمرار بسياسات ترامب، المطلوب مقاربات جديدة تستجيب للمتغيرات التي حدثت في الاقليم تنتج حلولا يجدها كثير من حلفاء اميركا في الاقليم ممكنة ومنتجة.
ما يجب ان يعيه السيد بلينكن ان مواقفه واقواله ذات تأثير كبير على عديد الملفات في الشرق الاوسط، وهو معني بزيارة استطلاعية سريعة يستكشف فيها آراء الدول الصديقة قبل ان يبدأ بتبني مقاربات قد تكون ذا اثر عكسي. وإليه نقول، ان اعادة المساعدات للفلسطينيين وتبادل التمثيل الدبلوماسي معهم شيء بناء وخطوة على طريق التوازن الاميركي المطلوب، لكن حل الدولتين ممكن وليس مستحيلا، ومقاربة انه لن يحدث في القريب العاجل ما هي الا سياسة رفع اليد وهي سياسة كارثية غير منتجة ولا تجوز لدولة بحجم نفوذ الولايات المتحدة القادرة بالفعل على احقاق حل الدولتين. اما اعادة النظر بتصنيف الحوثي، فيتجاهل تماما ان هذه الحركة هي امتداد واحد وكلاء النفوذ الايراني في المنطقة واليمن ويعزز من قوة المشروع الايراني الاقليمي المصدر للااستقرار، والحديث ذاته ينطبق على اعادة النظر ببيع الاسلحة لدول الاقليم وكأن لا اعتبار لمخاوفهم المشروعة من التهديد الايراني المحدق والذي اكتمل هلاله بعد سقوط سورية في دائرة نفوذ ايران. السيد بلينكن معني تماما بركوب الطائرة وزيارة الاقليم والاستماع حول هذه الملفات والتحديات والا يستبق ذلك بأي قرارات او سياسات ستعمق جروح الاقليم وتزيد من تحدياته.

أخبار أخرى