صدى الشعب – كتب محمد علي الزعبي
في دولة تُقاس قوتها بقدرتها على حماية أساسيات الحياة، تقف وزارة المياه اليوم على خط المواجهة الأول، مواجهة لا تُدار بالشعارات، ولا تحتمل التردد، ولا تسمح بترف الخطأ، ومع بدء تنفيذ مشروع الناقل الوطني، تنتقل الدولة من مرحلة الاعتراف بالأزمة إلى مرحلة الفعل الصارم، مُعلنة أن الأمن المائي لم يعد ملفًا إداريًا، بل قرارًا سياديًا يُنفَّذ بلا ضجيج وبلا تراجع.
تأتي الوزارة إلى هذا المشروع بعقلية واضحة .. لا حلول مؤقتة بعد اليوم، فالدولة التي واجهت عقودًا من شحّ المياه تدرك أن الاستدامة المائية لا تُصنع بالترقيع، بل بتغيير قواعد إدارة الموارد من الأساس، الناقل الوطني هنا ليس منشأة هندسية فحسب، بل هو قلب الخطة الوطنية للمياه، ومحور التحول الذي يعيد صياغة المعادلة المائية للأردن لعقود مقبلة.
تقدّم وزارة المياه نموذجًا متقدمًا في الإدارة التنفيذية الصارمة، حيث يجري التعامل مع المشروع بمنهجية قائمة على الدراسات الدقيقة، الصلاحيات المحددة، الرقابة المحكمة، والشراكات التي تخضع لمعايير وطنية لا تقبل الاستثناء، إنها إدارة لا تشتغل بردّات الفعل، بل تبني قراراتها على حسابات دقيقة تتعامل مع المستقبل كملف حقيقي لا كاحتمال .
إن الوصول إلى مرحلة التنفيذ يؤكد أن الدولة حسمت خياراتها، وأن الأردن لم يعد يسمح بأن تكون موارده المائية رهينة للمتغيرات المناخية أو للتقلبات السياسية، فالمشروع يمثّل نقطة تحوّل حاسمة، تُعيد تعريف معادلة الأمان المائي، وتؤكد أن الدولة قادرة على فرض خياراتها عبر الجدية، والانضباط، ومراكمة الخبرة الفنية بعيدًا عن أي ضغوط أو مساومات.
بهذه الخطوة، ترسّخ الوزارة نهجًا جديدًا في العمل العام.. القرار أولًا، والنتيجة قبل الخطاب، فلا تصريحات استعراضية، ولا وعود مفتوحة، ولا مجاملات، بل مسار واضح يحكمه التنفيذ وحده، وهو ما يعيد الاعتبار لفكرة الدولة القادرة على إدارة مواردها دون ضجيج، وعلى حماية أمنها المائي بمنهجية صلبة تستند إلى رؤية بعيدة المدى.
هكذا، يدخل الأردن مع الناقل الوطني مرحلة لا تُقاس فيها الإنجازات بالحديث عنها، بل بما يتحقق على الأرض، ووزارة المياه، وهي تدير هذا المشروع الضخم، تثبت أن الدولة حين تريد، تفرض الطريق وتحدد الإيقاع، هذا ليس مشروعًا مائيًا فقط… هذا تأسيس لعهد جديد يُكتب بقرارات صارمة، ورؤية دقيقة، وإرادة لا تقبل المساومة.






