صدى الشعب – كتب رئيس التحرير خالد خازر الخريشا
مياه الأمطار تجرف حافلة في منطقة وادي أبو الزيغان التابع لبلدية الهاشمية بالزرقاء وكانت مشيئة الله ان المركبة كانت خالية من الركاب ويبدو ان البلدية لم تأخذ الدروس والعبر وفي نفس المنطقة وتحديدا شتاء عام 2023 فقد طفل بعمر 13 سنة من رعاة الاغنام وجرفت 7 مركبات مع مجموعة كبيرة من الاغنام في نفس المنطقة وشاهدنا صرخات المواطن من خلال فيديو موثق يصرخ وينادي ويوجه التهم للبلدية بخصوص عطاء بقيمة 20 ألف ويقول أين ذهبت أموال العطاء وكأنه يلمح الى شبهة فساد في هذا الملف وتحديدا المنطقة التي باتت بؤرة ساخنة هل سنقوم بفتح تحقيق بهذا الموضوع .. ربما .
مع اقتراب كل موسم مطري في الأردن، يعود المشهد ذاته ليتكرّر : شوارع غارقة، مناهل مغلقة وعبارات لا تستوعب المياه، وأحياء محاصرة بالمياه وشوارع تهبط وتتصدع لأن عطاءاتها مغشوشة وفاسدة، سيول تجرف مواطنين ومركبات وأغنام ، وتداهم مدارس ، وطلاب تتقطع بهم السبل وبلديات تتذرّع بالإمكانات المحدودة والظروف الطارئة ، ورغم أن الشتاء ليس حدثًا مفاجئًا، إلا أن استعدادات البلديات ما تزال، في كثير من المناطق، أقل من المستوى المطلوب، ما يطرح سؤالًا ملحاً : لماذا نفشل في كل عام في اجتياز اختبار الشتاء ؟
أول الأسباب يتمثل في غياب التخطيط الاستراتيجي طويل المدى إذ تعتمد العديد من البلديات على حلول موسمية مؤقتة يعني نظام الفزعه بدل بناء بنية تحتية قادرة على استيعاب كميات الأمطار المتزايدة فالمصاريف التشغيلية تأكل الجزء الأكبر من الموازنات، بينما تتراجع حصة المشاريع الإنشائية والتأهيلية، مما يجعل الشوارع والمناهل غير مهيأة لموسم شتوي قوي .
أما السبب الثاني فهو قصور الصيانة الدورية فإجراءات تنظيف العبارات والمناهل لا تبدأ إلا قبل أسابيع قليلة من الشتاء ، وبعضها يكون للاستهلاك الاعلامي رغم أن عمليات الصيانة يجب أن تكون مستمرة على مدار العام هذا التأخير يجعل البلديات في سباق مع الوقت ، وغالبًا ما تبقى مواقع كثيرة دون معالجة ، فتتحوّل إلى نقاط ضعف عند أول منخفض جوي .
إلى جانب ذلك تلعب المديونية وضعف الموارد المالية دورًا محوريًا في إعاقة الاستعدادات فالبلديات تعاني من عجز مالي مزمن يقيّد قدرتها على شراء المعدات الحديثة أو توظيف كوادر إضافية وفي ظل شح الموارد، تبقى الحلول إسعافية ومرتبكة، وتغيب الرؤية الشاملة لمعالجة جذور المشكلة ولا يمكن تجاهل جانب ضعف الرقابة والمساءلة فغياب نظام محاسبة صارم يجعل بعض البلديات تنفذ أعمالًا شكلية لا ترتقي لاحتياجات المواطن ومع انحسار المتابعة اليومية ، تُفتح أبواب التقصير أمام بعض الإدارات ، ويُترك المواطن ليدفع ثمن الإهمال
الدفاع المدني مشكور تعامل مع حالات انقاذ ثلاثة أشخاص علقوا بمجرى سيل في الطفيلة وشاهدنا مواطن في الطفيلة يوثق فيديو بعد سيول جرفت المكان بشكل مخيف وفي البقعه والبلقاء السيول داهمت سوق للبضائع والملابس وقد جاءت هذه المداهمة تزامنا مع حالة عدم الاستقرار الجوي التي تؤثر على المملكة ، والتي ترافقت مع هطول أمطار غزيرة نسبيا في بعض المناطق وتعتبر منطقة السوق في البقعة من المناطق المنخفضة التي تتجمع فيها المياه بسهولة ، مما يرفع خطر تأثر الممتلكات والبنى التحتية بجريان السيول وكثيرة هي الحوادث التي تتعامل معها كوادر الدفاع المدني مع كل منخفض جوي ليكون السؤال هل خطط السلامة العامة جاهزة بالفعل من قبل البلديات في ظل مديونيات مرتفعه وعجز في لموارد وهذا كلام وزير الادارة المحلية عندما قال على احدى الفضائيات ان مديونية البلديات تفوق 600مليون دينار وبمعنى أدق كيف تستعد البلدية العاجزة ماليا والعاجزة في تأمين الاليات والكوادر مع المنخفضات الجوية .
في المحصلة ، فإن فشل بعض البلديات في استعدادات الشتاء ليس نتيجة عامل واحد، بل حصيلة خلل إداري ومالي، وضعف تنسيق، وتراجع في التخطيط والرقابة ومع تزايد آثار التغيّر المناخي وتنامي كميات الهطول المطري ، لم يعد مقبولًا التعامل مع الشتاء بمنطق رد الفعل ، بل يجب الانتقال إلى إدارة احترافية تعتمد على التخطيط المسبق ، وتحسين البنى التحتية ، وتعزيز الشفافية والمساءلة ومع أن الحلول معروفة وممكنة ، إلا أن الإرادة الجدية في التنفيذ تبقى العامل الحاسم فالمواطن الأردني يستحق شتاءً آمنًا، وبلديات قادرة على القيام بواجباتها دون أعذار تتكرر كل عام .






