التلهوني: نظام دور الإيواء المعدَّل يضمن حماية ضحايا الاتجار بالبشر حتى صدور الحكم النهائي
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
حافظ الأردن على تصنيفه في المستوى الثاني ضمن تقرير وزارة الخارجية الأميركية لمكافحة الاتجار بالبشر لعام 2025، إذ عدّ التقرير أن جهود المملكة متقدمة مقارنة بالفترة السابقة، مع إشادة بالخطوات التي اتّخذتها الحكومة والجهات المعنية في هذا المجال.
وقال وزير العدل بسام التلهوني، في رد على استفسارات (صدى الشعب)، إن هذا التصنيف يُعد تأكيدًا على مدى التزام الأردن بمكافحة هذه الجريمة عبر آليات تنفيذية وتشريعات، مشيراً إلى أن التقرير أثنى على الجهود الوطنية التي تنفّذها اللجنة الوطنية لمنع الاتجار بالبشر، والدور التنسيقي الذي تلعبه بين مختلف الجهات.
وأوضح التلهوني أن من أبرز هذه الجهود إصدار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر للأعوام 2024–2027، التي أطلقت في تشرين الثاني من العام الماضي، مشيراً إلى أن الاستراتيجية تمثل استكمالًا للجهود السابقة، وُضعت في إطار تنفيذي وإجرائي يهدف إلى تلبية الاحتياجات الوطنية لمكافحة هذه الجريمة خلال السنوات المقبلة.
وبيّن أن الاستراتيجية أُعدت استنادًا إلى نص المادة (5) من قانون منع الاتجار بالبشر رقم (9) لسنة 2009 وتعديلاته، التي تُلزم اللجنة الوطنية بوضع السياسات والخطط الاستراتيجية ومتابعة تنفيذها وتقييمها.
وأضاف أن الاستراتيجية تهدف إلى تحقيق رؤية الأردن بأن تكون دولة رائدة في مكافحة الاتجار بالبشر، من خلال نهج تشاركي بين الجهات الرسمية وغير الرسمية، وتفعيل الآليات الوطنية التشريعية والتنفيذية.
ولفت إلى أن الاستراتيجية ترتكز على محاور تتعلق بالوقاية، والحماية، والبحث الأولي والملاحقة القضائية، والشراكة والتعاون الدولي، حيث تشمل تعزيز آليات الرصد والتحليل، ورفع الوعي المجتمعي، وضمان حقوق العمال من الاستغلال، وتطوير القدرات المؤسسية والتشريعية.
وأشار إلى أن الاستراتيجية تسعى إلى تحسين خدمات الإيواء والرعاية للضحايا المتضرّرين، وتأمين التعافي النفسي والجسدي لهم، وتفعيل العودة الطوعية الآمنة، وضمان المساعدة القانونية والتعويض عن الأضرار.
وفيما يخص البحث الأولي والملاحقة القضائية، قال إن الاستراتيجية تركز على رفع كفاءة فرق التحقيق، وتعزيز قدرات النيابة العامة والقضاة المختصين، واستخدام الوسائل التقنية لحماية الضحايا والشهود خلال مراحل التحقيق والمحاكمة.
وحول الشراكة والتعاون الدولي، ذكر أن الاستراتيجية تعمل على تعزيز التنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وتوسيع التعاون الإقليمي والدولي لتبادل الخبرات والدعم.
صندوق لدعم ضحايا الاتجار بالبشر
وبخصوص الإطار التشريعي والمؤسسي، نوّه إلى أن الأردن مواءم تشريعاته مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، ومنها بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، المكمّل لاتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.
وأفاد بأن قانون منع الاتجار بالبشر رقم (9) لسنة 2009 خضع للتعديل عبر القانون المعدَّل رقم (10) لسنة 2021 لتعزيز الإجراءات القضائية وتوسيع الحماية القانونية.
كما بين أن نظام دور الإيواء للمجني عليهم والمتضررين من جرائم الاتجار بالبشر لعام 2012 خضع لتعديلات تمكن من إيواء جميع الحالات، بما في ذلك الضحايا المحتملون، خلال التحقيق والإجراءات القانونية إلى حين المحاكمة.
وأشار إلى أن منجزًا مهمًا في هذا السياق تمثل بإصدار نظام صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر رقم (6) لسنة 2023، الذي يوفّر الدعم المالي والقانوني للضحايا، ويغطي نفقات العودة الطوعية والرعاية اللازمة لهم.
كما بين أن المساعدة القانونية المجانية للضحايا، التي يكفلها قانون منع الاتجار بالبشر، تُطبق عبر مذكرة تفاهم مع نقابة المحامين الأردنيين، مع آليات تنفيذية تضمن وصول الضحايا إلى المشورة القانونية.
وأوضح أن اللجنة الوطنية لمنع الاتجار بالبشر، برئاسة وزير العدل، تضم ممثلين عن الجهات المختصة، وتُساندها لجنة فنية تقوم بمتابعة التنفيذ والتنسيق بين الجهات عِبر مراحل الأداء.
ولفت إلى أن من الأدوات التنفيذية المعتمدة آلية الإحالة الوطنية وإجراءات العمل الموحدة، التي تحدد أدوار كل جهة منذ لحظة الإبلاغ أو الإحالة وحتى التحقيق والمحاكمة، وصولًا إلى إعادة الدمج أو العودة الآمنة للضحايا، في إطار التنسيق والتكامل في العمل بين الجهات المعنية.
منصة “حماية” الإلكترونية لرصد الشكاوى وتعزيز الاستجابة
وأكد أن إعداد الاستراتيجية جاء بناءً على تقييم الاستراتيجية الوطنية السابقة (2019–2022) بالتعاون مع جمعية المحامين والقضاة الأميركيين في عمّان، وبالاعتماد على بيانات وزارة العدل.
كما ذكر أن الجهود المصاحبة للاستراتيجية تشمل إصدار القانون المعدَّل رقم (10) لعام 2021، وتفعيل آلية الإحالة الوطنية وطباعة الإجراءات باللغتين العربية والإنجليزية وتوزيعها على الجهات الشريكة، وإصدار نظام صندوق المساعدة وتعديل نظام دور الإيواء، وتوقيع مذكرة تفاهم مع نقابة المحامين لتقديم المساعدة القانونية للضحايا، وتخصيص نحو 75 قاضيًا وعضو نيابة عامة للتعامل مع قضايا الاتجار بالبشر، وتخصيص غرف استقبال أولي للنساء الضحايا ضمن دور الإيواء في الشمال والجنوب ضمن مؤسسات وزارة التنمية الاجتماعية.
وأضاف أن الوزارة نشطت منصة “حماية” الإلكترونية لاستقبال الشكاوى العمالية على مدار الساعة مع تضمين مؤشرات الاتجار بها، وأُقيمت برامج تدريبية للكفاءات الأمامية بالتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين، واستمر التعاون والتنسيق مع المنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني المعنية.
وبين أن التنفيذ سيتم عبر خطة تنفيذية واضحة توزّع المهام على الجهات المعنية، مع إشراك الجميع في لجان عمل مشتركة عند الحاجة، وتوفير الموارد البشرية والمالية اللازمة لتنفيذ الأنشطة.
ويرى أن مكافحة الاتجار بالبشر مسؤولية وطنية جامعة لا تختص بها جهة واحدة، بل تتطلب تضافر الجهود بين الوزارات والمؤسسات الأمنية والقضائية ومؤسسات المجتمع المدني، مع الالتزام المستمر بتطوير الأداء، سعياً لرفع مكانة الأردن في التصنيفات الدولية مستقبلًا.






