من المؤسف جداً أن يتعرض رسولنا الأعظم وقدوتنا لهذا الإعتداء على صورته ومكانته وهو الذي أسس لدولة العدل وأرسى منظومة من المعاملات ركيزتها الأخلاق، أنصفت المستضعفين والمهمشين، وساوت بين العبيد والسادة وبين الفقراء والأثرياء وجعلت المفاضلة بين الناس بالتقوى من دون النظر الى الجنس أو اللون أو أصل الناس وفصلهم.
اخذت حملة الاساءة هذه إلى تكريس الكراهية وتحدياً لقيم الديمقراطية والعلمانية التي تمثل قيم الجمهورية والتي ما انفك يدافع عنها ماكرون وأسلافه من رؤساء فرنسا ويسوقون للتنوير الذي ثبت أنه مادة للاستهلاك الاعلامي في مجتمع يعاني من أزمة العلاقة مع الآخر وتحديداً المهاجرين من أصول افريقية او عربية يدينون بالاسلام.
لم تجادل مجلة شارلي في ما يعتنقه المسلمون من أفكار وعقائد، وفي قيم الاسلام، ولم تطرح ما يؤمن به المسلمون وتناقشه، تقبله أو ترفضه، لكنها شطحت إلى توجيه الاساءة للرسول عليه الصلاة والسلام، ظنا منها أنها ستكسب شعبية غير أنها تعمق أزمة في المجتمع الفرنسي، علماً بأن محكمة العدل الاوروبيه أقرت تجريم الاساءة لرسولنا علية افضل الصلاة والسلام بل ان السيد ماكرون كان رده باعادة نشر الصور المسيئة. في نفس الوقت رفضت حكومته والاوربيون المس بالسيد ماكرون لان ذلك يؤجج خطاب الكراهية. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الا تعتبر الاساءة الى نبينا وسيدنا محمد الا يعتبر خطاب كراهية وتكريس لصراع الحضارات؟!
جاء الرد على ماكرون من استياء المسلمين، وجاء أيضاً من رموز وطنية مشرقية مسيحية، مثل المناضل مانويل إمسلّم والاب عطا الله حنا وغيرهم، في مشهد تضامن عضوي في المجتمعات العربية. لا اعتقد أن المسلمين منغلقين، بل أن الراديكالية الاسلامية التى يحلو للبعض من استهدافنا بها نمت بدعم بعض الحكومات الغربية وخاصة ابان الغزو السوفياتي لافغانستان واستمرت على نشر الفوضى في المنطقة العربية، ولا نزال مع كل ذلك الاستهداف ننظر إلى أن رسولنا هو مؤسس قيم التنوير والانفتاح والاعتدال، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.