صدى الشعب – سيف الدين عجرم –
غالبًا ما تبدأ قصص النجاح بمعاناة تمثل دافعًا للإصرار على النجاح وإثبات الذات، وتمنحه طاقة للتغلب على صعوبات الحياة والظروف الاقتصادية والصحية الصعبة، لتنتقل به من مرحلة إلى أخرى بين السهول والتلال وأطراف الصحراء إلى أن أصبح اختصاصي لجراحة العظام، لتطويل وتقصير القامة وترميم الأطراف على مستوى الشرق الأوسط.
فمن وسط هذا المزيج المتقد بوهج الصحراء وصلابة الصخور وألق الجبال، تبدأ قصة إبداع الدكتور بسام الحراحشة، بما اكتسبه من علم نادر كان بمثابة جسر من الأمل يعبر اليوم من خلاله عشرات الأشخاص نحو واقع جديد لحياة يرتضونها.
ويقول الدكتور الحراحشة لصدى الشعب ، وهو من مواليد 1976 من بلدة المشيرفة بمحافظة جرش، بدأت معاناتي منذ صغري وكانت لدي مشكلة صحية
منذ ولادتي وهي التأخر في النمو البدني حيث لم استطع المشي الا بعمر ثلاث سنوات، فعانيت من مرض الكساح بسبب الأحوال المعيشية الصعبة وسوء التغذية، و كانت عائلتي من سكان البادية الذين يسكنون الخيام وبيوت الشعر ويعتمدون على رعي المواشي ويتنقلون من مكان لآخر طلباً للكلأ والماء.
وأضاف، عشت طفولتي كبقية أقراني في البلدة ضمن أسرة بسيطة، وكان الوضع المادي ميسور الحال، لكننا لم نحظ بالكثير من رفاهيات الحياة، بل كانت تنضوي حياتنا على الكثير من الحرمان، معتبرا ما عايشه في طفولته ربما لا يناهز الحد الأدني من طموح أي طفل لديه الكثير من الأحلام والأمنيات.
ويقول الحراحشة إنه وكما جرت العادة لمن يريد إكمال تعليمه من أبناء القرية، فقد انتقلت بعد انهاء مرحلة الصف التاسع إلى المدرسة الشاملة التي تبعد عن قريتنا أكثر من ستة كيلومترات، تنقلت خلالها سيرا على الأقدام أحث الخطى في ساعات الحر صيفا وأجواء الشتاء القارس. ويضيف: “أنهيت الثانوية العامة بفرع العلمي في 1994، وحلم الطب يكبر معي شيئا فشيئا، ولم أكن أخاله مستحيلا ولطالما تخيلت هذا الحلم، وكنت لا أرى نفسي إلا بالمريول الأبيض.
ويتابع، إن نجاحه الأول في الثانوية العامة بتقدير مرتفع فتح له المجال لتحقيق المزيد من النجاحات، ملتحقا بكلية الطب في إحدى الجامعات الروسية، ثم بدأت مشواري الوظيفي في الخدمات الطبية الملكية.
ويبين الحراحشة أنه ورغم معاناته في البدايات، إلا أن الإصرار والمثابرة دفعته ليصبح أول اختصاصي في جراحة العظام “تطويل وترميم الأطراف” على مستوى الشرق الأوسط، مشددا على أن الإنسان يجب أن يثق بالقدرات التي يمتلكها مهما كنت بسيطةً ومتواضعة، وألّا يسمح لأي كان بأن يقتل طموحه أو يستخف بأحلامه، وأن يتجاهل العقبات، ولا ينصت للأصوات المثبطة، بل يرنو للإيجابية على الدوام.
وأشار الحراحشة، إلى أن اجتهاده الشخصي لاستحداث تقنيات معينة ساهمت في إيجاد حلول لبعض الحالات المرضية المستعصية في الهيكل العظمي، مثل تطويل القامة لأكثر من 20 سم أو تقصيرها، أو بجراحات تجميلية لم يقم بمعالجتها الأطباء، أو إجراء عملية ترميم للعظام المتهالكة نتيجة الأورام أو التهابات المزمنة والتي كانت مرشحه للبتر من معظم أطباء جراحه العظام والتي، لكنها تكللت بالنجاح بفضل الله.
ولفت أن أصعب الحالات التي واجهته في مسيرته الطبية، هي لشاب كان يعاني من كسور مفتوحة في الفخذ الأيمن وتفتت في العظام والشرايين وتسوس في العظم وقد تقرر بتر كامل طرفه السفلي من قبل عدد المتخصصين، فكان القرار مني أن أغامر وأحاول أن أساعده وقد أجريت له ١٢ عمليه وأخيرا تكللت الجهود بالنجاح والان يمشي المرض على قدميه بشكل طبيعي ودون أي صعوبات.
وعن السّرّ في هذا النجاح، يؤكد الدكتور بسام أن على الإنسان التحلي بالعزيمة والصبر والإصرار ، لا سيما وأن هذه الصفات إن تمثلها حقيقة فقد اقترب من أمانيه وكان له ما يريد.