2025-12-19 | 11:49 مساءً
صحيفة صدى الشعب
  • الرئيسية
  • محليات
  • عربي دولي
  • جامعات
  • اقتصاد
  • الرياضة
  • تكنولوجيا
  • أخبار الفن
  • صحة و جمال
  • وظائف
  • تلفزيون صدى الشعب
  • عدد اليوم
    • الصفحات الكاملة لصحيفة صدى الشعب PDF
No Result
View All Result
صدى الشعب
Home كتاب وأراء

لماذا يأكل بعضنا بعضاً عيـاناً؟

الثلاثاء, 29 يوليو 2025, 6:01

صدى الشعب – كتبت سارة طالب السهيل

ساعات قليلة شاء لي ربي أن أخلو فيها بنفسي لاستعيد قدراً من الصفاء النفسي والروحي، وإذا بشريط سينمائي من حكايات أمي وجدتي يفقز إلى مخيلتي ويعايشه وجداني مستحضراً تلك العلاقات الدافئة في المحيط الأسري والاجتماعي العام.

يا الله.. ما أروع التلاحم والتراحم بين الناس، ما هذا الجمال الرباني في المشاعر والسلوكيات الأكثر رُقياً وتحضراً وانسانية، وما هذه الطمأنينة والسكينة التي تُغلف مشاعرنا، فالغني لا يُشعر الفقير بفقره، ولا الفقير يُظهر ضعفه وحاجته للغني من باب التعفف وحفظ الكرامة، يمُد كُلاً منهما الآخر بالعطف والحنان والمودة والاحترام والتقدير.

كان الجيران يتبادلون الحديث اليومي عبر الشُرفات والبلكونات، وهذه تعزم الجارة على شاي بالميرمية وتلك تقسم على جارتها أن تذوق زعتراتها.

كانت أسطح المنازل مسارح للسمر فلا تخشى الأسرة تلصص الجيران عليها فقد للجار حُرمه، بينما صار الناس اليوم يختبئون عن بعضهم، والأشطر هو من يُعلّي سور بيته أكثر حتى لا يلمحه جاره.

حتى الحدائق والبساتين كان أهل الحي يعتبرون بستان جارهم، هو بستانهم يحافظون عليه و لا يخجلون من قطف بعض ثماره، أما اليوم فقد صنع الناس جدراناً حول حدائقهم، حيث يتم تغطية ثمارها لمنع الناس من قطف ثمرة، ومنع الطيور من أن تروي عطشها أوتسد جوعها في حر الصيف وبرودة الشتاء.

كانت قلوب الناس طيبة و بيوتها مفتوحه لا يتذمر أحد من ضيف و لا يتثاقل من دعوة مهما كانت بسيطة، بينما صارت الأنانية المبدأ الوحيد الحاكم في فضاء السلوك الإنساني، فلا قيمة لتراحم وأخوة وجيرة، إنما قيمة واحدة تتصدر المشهد النفسي والسلوكي اليومي لبني البشر هي قيمة الأنا.

فما الذي غيرنا وجعل أخلاقنا تتبدل مئة وثمانين درجة نحو القسوة والأنانية، هل هي التربية أم زماننا ومتغيراته وطبيعة تحدياته من انترنت وحاسبات وبرامج تكرس لواقع افتراضي جعلت إنسان هذا العصر يعيش عزلة عن الواقع ويرفض قيم الجماعة فيه.

فلو كانت أزمة تربية فأمهاتنا قد ورثن أساليب التربية عن أجدادنا، كما ورثن طيبة القلب وحب الخير والناس وتلمس الأعذار لهم، فما أسباب نكبتنا الأخلاقية حالياً؟ هل هو غياب الوعي الديني؟ لا أظن لأن قيمنا الدينية كانت تُقدم بأساليب بسيطة سهلة التطبيق، وما أن يسرد لنا أستاذ الدين إحدى القصص الدينية حتى نبكي من الخشوع و الإيمان، ولو أخطأت إحدانا في سلوك معين سرعان ما تراجع نفسها وضميرها وتضبط إيقاع سلوكها.

كانت خطبة الجمعة مليئة بالحكم والمواعظ الدينية عن الأخلاق والإيمان دون تخويف أو تنفير من الدين، بل تحفيز على التعايش بالحب والتسامح والمغفرة، بينما تعج الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي اليوم بالمشايخ والثقافة الدينية الموسعة، ومع ذلك فإن الأجيال لا تستقبل شروحات المشايخ بقلب مؤمن، بل أن القلوب صدأت وخربت بالحقد والحسد والعنصرية والتعصب مركزين فقط على المظهر الديني دون الجوهر و كأنه جواز مرور.

قد يُبرر ويُلقي معظمنا أزمتنا الأخلاقية في ملعب الأزمة الاقتصادية ومتطلبات الحياة عالية التكاليف ثمناً للأجهزة الحديثة التي صارت ضرورية، بينما كان أهلنا يعيشون حياة بسيطة خالية من كل الكماليات والرفاهيات التي نتمتع بها اليوم وكانوا راضيين بمعيشتهم دون منافسة لأحد أو تقليد لآخرين.

لكننا اليوم لم نعد نرضى بواقعنا وصرنا نستهلك وقتنا وعمرنا في أعمال شاقة ولساعات طويلة لجلب المزيد من وسائل الترفيه والتنافس في الدنيا لأن نكون أغنى من غيرنا والتمايز على الآخرين بما نملكه فوقعنا في فخ إبليس وخضعنا للمادية المتجبرة، وإذا القلوب أشد قساوة من الحجر، وأن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار!

فالأم انشغلت بوظيفتها ونجاحها فيه كسباً لمال أكثر ولكي توفر لطفلها ابن الثماني سنوات موبايل بمئات الدنانير دون أن تعي أنها تقتل براءته، بينما لم توفر له وقت لاحتضانه وإشباعه بالحنان والتربية، وكذلك الأب انشغل بجمع المال لتجديد سيارته ولإظهار صورته الراقية أمام المجتمع على حساب دوره الرقابي على الأسرة.

للاسف كلنا تغيرنا وسرنا في متاهات المادية المقيتة، فبدت لنا سوآتها وخسرنا انسانيتنا، فهل من سبيل للرجوع؟ إنه قرار فردي أولاً واجتماعي ثانياً، المهم أن نبدأ في تصحيح طريقنا، ولنتخلى تدريجياً عن مظاهر الرفاهية والمادية، ولتكون الأزمة الاقتصادية العالمية والحروب والمجاعات حافزاً لنا لنغير أنفسنا ولنمد يد العون لكل محتاج ونشفق على مخطئ ونرمي له طوق النجاه من الغرق إنها مهمة غير مستحيلة، فالرحمة تصنع المعجزات حين نتكافل ويكمل بعضنا نقص الآخر.

ShareTweetSendShare

أخبار أخرى

كتاب وأراء

عشرة على عشرة للمنتخب الأردني والألقاب مسألة وقت

الجمعة, 19 ديسمبر 2025, 16:49
كتاب وأراء

وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية: هيكلة جديدة ورؤية مستقبلية لتطوير التعليم في الأردن

الجمعة, 19 ديسمبر 2025, 13:43
كتاب وأراء

النشامى .. فخر في القلوب

الخميس, 18 ديسمبر 2025, 23:38
كتاب وأراء

نتائج “TIMSS” بين القراءة المهنية والمسؤولية الوطنية

الخميس, 18 ديسمبر 2025, 12:58
كتاب وأراء

اللغة العربية: هوية تُصان لا تُستبدل

الخميس, 18 ديسمبر 2025, 12:44
كتاب وأراء

اليوم العالمي للغة العربية

الخميس, 18 ديسمبر 2025, 11:55
  • سياسة الخصوصية
  • من نحن
  • اعلن لدينا
  • اتصل بنا

© 2023 جميع الحقوق محفوظة لصحيفة صدى الشعب الاردنية اليومية

No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • محليات
  • عربي دولي
  • جامعات
  • اقتصاد
  • الرياضة
  • تكنولوجيا
  • أخبار الفن
  • صحة و جمال
  • وظائف
  • تلفزيون صدى الشعب
  • عدد اليوم
    • الصفحات الكاملة لصحيفة صدى الشعب PDF

© 2023 جميع الحقوق محفوظة لصحيفة صدى الشعب الاردنية اليومية