أم الرصاص منطقة أثرية وزراعية بعيدة عن اهتمام المسؤولين
* السلايطة : 96 % من شوارع البلدية خارج التنظيم
* المنطقة مليئة بالآثار وتحتاج إلى مسار سياحي خاص بها
* 5 مشاريع قدمت للوزارة وتم رفضها
* غياب الخدمات الصحية عن المنطقة
* هناك رفض للعطاءات دون سبب
* موازنة أم الرصاص 2 مليون ونص دينار
* رؤوساء البلديات لا يملكون القرارات
أجرى اللقاء : ندى جمال وفايز الشاقلدي
تتابع صحيفة (صدى الشعب)، جولاتها في مختلف المناطق ومحافظات المملكة وألويتها، وتلتقي مع رؤساء البلديات لمعرفة واقع هذه البلديات وما تقدمه من انجازات للمواطنين وبنفس الوقت أي إخفاقات في مسيرتها وصعوبات تواجه المجالس البلدية، وما لديها من مشاريع وتطلعات في مختلف المجالات.
اتجه فريق (صدى الشعب)، إلى أم الرصاص، وهي منطقة في البادية الوسطى تعاني من تدني الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية وشح الموارد الطبيعية فيها، وغياب لفرص العمل ، كما تفتقر إلى المدارس الحكومية ، والمستشفيات ، وهي منطقة بعيدة عن الاهتمام الحكومي .
رئيس بلدية أم الرصاص المحامي أحمد السلايطة ، إزاء هذه الوضع الذي تعانيه البلدية يعبر عن إستيائه، وكذلك جراء التجاهل الذي تمارسه وزارة الاشغال العامة ، مبينا أن الوزارة تهتم بالمناطق الحيوية دون النائية ، لافتا إلى العديد من المراسلات في الكثير من المشاريع والأعمال التي تنوي البلدية تنفيذها التي لم يتم الرد عليها .
وأكد السلايطة في لقاء مع صحيفة ” صدى الشعب” ، أن وزارة الاشغال العامة ، تقوم بالتجاهل وعدم إعطاء أي أهتمام للبلدية رغم متابعه البلدية للعطاءات والاقتراحات والشكاوى المقدمة لهم.
رفض إنشاء مدينة صناعية
وأشار السلايطة ، إلى أن موازنة البلدية تبلغ 2 مليون ونصف مليون دينار ، وهي لا تكفي لخدمة المنطقة والقضاء لإتساع الرقعة ، لافتا إلى أن 96 % من شوارعها خارج التنظيم ، كما قدمت البلدية خمسة مشاريع لوزارة الادارة المحلية وتم رفضها ، وقدمنا طلبا بانشاء مدينه صناعية على الشارع الرئيسي و تم رفضه.
وتابع ..أن البلدية خاطبت وزارات الأشغال العامة ، والسياحة ، والصحة ، لتوفير ما تحتاجه البلدية من إجراءات تتعلق بالسلامة العامة ، ومراكز صحية ووحدات إنارة للطرق والشوارع الفرعية ، إلا أن الرد يأتي بعدم الموافقة دون سبب ، مشيراً الى أن صلاحيات رئيس البلدية لا تفوض له القيام بأي عمل في الموقع.
وبين السلايطة ، أن عملية إتخاذ القرارات والاقتراحات المتعلقة بالبلديات الثلاث في لواء الجيزة ، تأتي بالاجماع ، وهي العامرية والجيزه وأم الرصاص ، ونأخذ القرار ثم يرفع للتنظيم الأعلى، وهنا تكمن المشكلة، ولا نعرف جدوى الرفض، والأصل أن يتم شرح الأسباب بوجود رئيس البلدية والأعضاء الذين اجمعوا على القرار .
ويدعو السلايطة بهذا الصدد الوزارات إلى الإهتمام بمطالب البلديات والتعاون معها لأن المواطنين فيها يعانون من أعباء عديدة تأخذ وقتا طويلا في المتابعة من قبل البلدية.
ويعتبر أن رؤساء البلديات دائما في الواجهة مع المواطنين؛ إذ يواجهون ضغوطا كبيرة حيث تنهال عليهم الشكاوى من كل حدبٍ وصوب، علما أنهم لا يبخلون في تقديم أفضل الخدمات، ولكن عدم تجاوب بعض الوزارات منها (الأشغال ، السياحة، الاستثمار، التربية والتعليم) لإتمام بعض المشاريع تكون عائقا أمام تنفيذها، إضافة لرفض العطاءات بلا أسباب وجاهية.
* نواب البادية الوسطى مغيبون
وأكد السلايطة ، أنه لا يوجد أي تعاون من قبل نواب البادية الوسطى ،حيث تتبع بلدية أم الرصاص إلى المنطقة، وأنه قام بالتواصل المباشر معهم وتقديم مقترحات لدعم مشاريع اقتصادية ، وربطهم مع لجان مختصة داخل المجلس ، لكن دون جدوى .
ويدعو الحكومة إلى الالتفات إلى المناطق النائية بحيث لا تبقى الخدمات محصورة في العاصمة ، مشيرا إلى أن البلدية تتابع قضاياها مع جميع المسؤولين، وقد زار رئيس مجلس الاعيان فيصل الفائز بلدية أم الرصاص العام الماضي ، وقام بجولة تفقدية إلى اللواء ، وقمنا بتسليم مطالبنا إليه .
ويوضح أن كل إنجاز يحققه أي رئيس بلدية من خلال علاقاته الشخصية ومدى قوتها، وليس من خلال أداء المؤسسات والوزارات ، منوها أنه لا يوجد أي تشاركية مع العديد من المؤسسات وكأن( أم الرصاص) خارج المملكة ، متمنيا أن تخرج بلدية أم الرصاص من دائرة القطاع الخدمي إلى دائرة القطاع التنموي.
* غياب الاستثمارات
وأكد السلايطة أنه لا يوجد أي مشاريع استثمارية بين القطاعين العام والخاص يتم تنفيذها في المنطقة، ويصفها السلايطة أنها صعبة ومعقدة ولكي تنجح تحتاج إلى أن يتولى إدارتها القطاع الخاص .
وأضاف أن بلدية أم الرصاص تتميز ببيئة سياحية جاذبة ، لكنها تحتاج إلى مسار سياحي خاص بها ، فهي تحتوي على آثار سياحية هامة ، ويتواجد في اللواء أودية للسياحة وقرى أثرية ، داعيا المستثمرين إلى الاهتمام بالمنطقة من خلال إنشاء مشاريع سياحية ومزارع للمواشي والابقار ، نظراً للبيئة المناسبة للمنطقة .
ورغم هذه الغياب للمشاريع من قبل المستثمرين، إلا أن البلدية تعكف حالياً على إقامة مخيمات سياحية تتيح للسائح المبيت في المنطقة ، كونها مناطق جاذبة ومحط اهتمام كثير من السياح الأجانب، علما بأن المنطقة تحتوي على موقع أثري فيه العديد من الأطلال التي تعود للفترة الرومانية والبيزنطية، بالإضافة إلى الفترة المبكرة من الحضارة الإسلامية (من نهاية القرن الثالث).
ولفت السلايطة ، أنه وضع على رأس أولوياته منذ تسلمه رئاسة البلدية الخروج من إطار الخدماتي النمطي إلى إطار المجتمعي والثقافي والسياحي والاستثماري ، الامر الذي نهض بالبلدية ، وعزز التشاركية ، ودعم ذوي الهمم في المنطقة .
وطالب السلايطة وزارة السياحة والآثار أن تخاطب الجامعات الحكومية والخاصة في محافظة مأدبا لإيفاد بعثات تنقيبية عن الآثار في منطقة أم الرصاص التي ما زال جزء منها لم يُكتشف بعد، إضافة الى إقامة نُزل سياحي صغير لتقديم خدمات المبيت والطعام والشراب لخدمة السياح.
ودعا السلايطة وزارة الأشغال إلى تقديم كافة الخدمات الممكنة للمنطقة ، من ضمنها فتح الطرق المؤدية إلى المواقع السياحية ليتسنى لوسائط النقل والسياح التنقل باريحية في مناطق اللواء .
ولفت إلى الدور الثقافي الذي تقوم به البلدية، تعزيزاً لهذا الجانب الحيوي حيث أقامت مهرجان الشعر الثاني الذي ألقى من خلاله شعراء قصائد من الشعر النبطي، مؤكدا على استمرارية المهرجان خلال المرحلة المقبلة ، كما طالب بإنشاء فرع لمركز (زها الثقافي) في أم الرصاص .
وفيما يتعلق بوضع خطة لتوسعة الرقعة الخضراء في المنطقة، بين السلايطة إلى أنه قبل عام 2022 ، كانت أم الرصاص صحراء قاحلة بلا أشجار إلا أن تم زراعة 1000 شجرة على مداخل ومخارج القضاء، مؤكدا انه سيقوم بزراعة ، 5000 شجرة إضافية لتعطي جمالية للمنطقة ومتعة للأنظار، وبالذات على جوانب الشوارع التي يمر بها السياح فتعكس طابع حضاري أمامهم.
*مصنع للملابس
وأشار إلى أنه تم مؤخراً افتتاح مصنع ملابس من خلال مستثمر ويعمل به 30 موظفة، وهذه خطوة لتشغيل أهالي المنطقة، ويوجد توجه لتشجيع الصناعة في منطقة أبو الحصاني .
ويدعو السلايطة ، وزارة الاستثمار، أن توجه مستثمريها إلى الإستفادة من مختلف مناطق الدولة ، بحيث لا تبقى المشاريع حكراً على مناطق معينة، قائلا إن” كل مستثمر يود فتح مصنع يتوجه لسحاب أو الظليل أو الجيزة المتخمة بالمصانع أو بالمشاريع ، فالمستثمر الأجنبي لديه المال، لكن ليس لديه الخطة وهذا دور وزارة الاستثمار التي عليها تشكيل لجان وتقييم حاجة كل منطقة ، وأن توجه المستثمرين اليها”، لافتا إلى المعوقات التي تواجه المستثمر التي تجعله ينفر مثل نظام البوابة الواحدة إضافة للضرائب الباهظة .
وبين السلايطة ، أنه لا يوجد مجمع تجاري أو ما يعرف بالأسواق لعدم وجود مركز مدينة، بل ما يزال نظام الدكاكين متبعا إذ لكل قرية بقالة ومحل دجاج ومحلات خدمات صغيرة أخرى .
* الخدمات الطبيه والمراكز الصحية والمدارس
ويؤكد السلايطة ، أن النظام الصحي داخل البلدية متدهور ولا يوجد مراكز صحية شاملة ، وأن أغلب المرضى من سكان البلدية يتوجهون إلى مستشفيات ذيبان أو عمان، لتلقي العلاج ، حيث يتكبد المواطن عناء السفر وكثير من الحالات توفت في الطريق أو قبل وصول الدفاع المدني .
وقال إن معظم نساء في منطقة أم الرصاص يلدن في الطريق لغياب المستشفيات القريبة من البلدية، مشيرًا إلى أهمية إنشاء مستوصف (نصف مركز صحي) وهو أضعف الإيمان ، بحيث يضم غرفة أشعة ومختبر وأطباء وممرضين ، وقسم للكسور .
ويعود السلايطة ليذكر أنه كان سابقا يتواجد مركزصحي (الدامخي)، وهو متواضع ،وفيه فقط طبيب يداوم كل يوم اثنين، وممرضة وحيدة تقاعدت ، وبعدها أغلق المركز وحتى الآن جميع المواطنين في أم الرصاص بلا رعاية صحية ، حتى على مستوى كسر بسيط لا يوجد أشعة ولا اخصائي يعطي علاج هناك أمور صحية بسيطة يمكن علاجها ولا تستوجب مستشفى ولكنها غير متوفرة.
أما عن المدراس ، فتواجه بلدية أم الرصاص مشكلة كبيرة بالتعليم وبالأخص قرية الدامخي ، التي يوجد بها مدرسة وحيدة فقط للصف العاشر للبنات، مشيرا إلى أنه في حال رغبت فتاة باكمال تعليمها، فإن أقرب مدرسة تبعد 20 كيلو متر وتقع في القطرانة، وهذا مجهود بدني فائق و خطرعليهن وخاصة في مجتمعات محافظة .
كما أن هناك تكاليف مالية كبير وعبء على الاهل من مصاريف المواصلات، مطالباً بغرفة صفية إضافية للصف الحادي والثاني عشر .
وتبعد أم الرصاص نحو (30) كم جنوب شرق مادبا، ويمكن الدخول إليها عن طريق نتل، الزعفران الرميل أو عن طريق شرقي مدينة ذيبان، وأيضا من الطريق الصحراوي عبر منطقة خان الزبيب.
وخاطب السلايطة ، وزارة التربية والتعليم ، بفتح صفوف إضافية ، علما بأنه يوجد فائض في المعلمات من كافة الإختصاصات من سكان المنطقة وينتظرن دورهن بالتوظيف ، مبينا أن طالبة واحدة من بين 7 طالبات يكملن الدراسة حتى التوجهي وهذا ظلم كبير.
* مشكلة الكلاب الضالة
وكشف السلايطة عن تعامل البلدية موخراً مع تواجد الكلاب الضالة داخل المدارس ، أثناء الدوام الرسمي ، بعد ورود شكاوى من قبل الأهالي التي أرعبت الطلبة والمدرسية .
وبين السلايطة ان البلدية تعاملت مع الكلاب الضالة علماً أن كوادر البلدية ” غير مؤهلة ” في حينها للتعامل مع الكلاب الضالة ، مؤكدا أن الكوادر واجهت خطورة في التعامل معها ، وأن البلدية قامت بتدريب وتأهيل الكوادر لتعامل مع هذه الظروف والحالات .
وتعتبر منطقة أم الرصاص من أهم المواقع السياحية الأثرية في الأردن التي يرتادها حجاج مسيحيون من مختلف مناطق العالم لما تحويه من معالم دينية قديمة، وبخاصة بعد اكتشاف الأرضية الفسيفسائية لكنيسة القديس ستيفان، وهي الأهم في كل الموقع؛ والتي تعود إلى عام 785 (تم اكتشافها بعد عام 1986)، وهذه الأرضية الفسيفسائية المحافظ عليها تعتبر الأكبر في الأردن.
أم الرصاص التي ورد اسم المدينة قديما ( كاسترون ميفعة) في نص باللغة اليونانية ضمن فسيفساء تعود إلى العصر الأموي، كما ورد الاسم الجغرافي (ميفعة) في المصادر الرومانية والعربية، وعند المؤرخ يوسيفوس في كتابه الأسماء الجغرافية (أونوما ستكون)، حين ذكر وجود وحدة من الجيش الروماني كان مركزها على حافة الصحراء في( ميفعة).
ويعتبر برج الناسك، أحد أهم الآثار إلى جانب لوحات فسيفسائية تحوي معلومات تاريخية قيمة، والتي بسببها أدرجت المنطقة على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة (يونسكو)، ومزيج حضاري فريد يعكس التعايش الديني في فترة دولة الخلافة الأموية والتي بنيت فيها أغلب الكنائس.
وتتميز كنيسة القديس اسطفان، ويُطلق عليها أيضا “كنسية القديس اسطيفانوس” أو “استيفان” بأرض ضخمة مرصوفة بالفسيفساء منذ عام 718 م، وما تزال محفوظة حتى أيامنا هذه؛ حيث تصور هذه الفسيفساء التي تزيد مساحتها على 500 متر مربع– رسوماً لعدد من المدن البارزة التابعة للأرض المقدسة من جهتي نهر الأردن الشرقية والغربية، حيث تم وصف 8 مدن في فلسطين و9 مدن في الأردن، بالإضافة إلى 10 مدن في دلتا النيل.
أم الرصاص منطقة حيوية ، أنشأ فيها الرومان معسكرات من أجل تثبيت نفوذهم وحماية طرق التجارة المتجهة من الجزيرة العربية إلى بلاد الشام وبالعكس، ونمت لتصبح مدينة ابتداء من القرن الخامس الميلادي، لتحتل منزلة كبيرة في ذلك الوقت، وهي منطقة تحتاج إلى اهتمام ويمكن أن تكتشف فيها مواقع أثرية لتكون جاذبة للسياح والمستثمرين ، كما تحيط بها بقايا مناطق زراعية قديمة، كما أن هنالك نظاما خاصا لجمع المياه على امتداد الموقع استعمل لمياه الشرب، وكذلك كنظام لري المزروعات وبالرغم من احتوائها على الكثير من الكنائس التاريخية وآثار لمعسكر روماني كبير، إلا أن معظم أجزاء الموقع لم تكتشف بعد.