صدى الشعب- كتب عبدالرحمن البلاونه
تُعد شهادة الثانوية العامة الأردنية من الشهادات المميزة، التي تحظى بسمعة طيبة، و مستوى تعليمي، ومن الشهادات الموثوقة في معظم دول العالم.
ومع ذلك فقد رافق عقد امتحان الثانوية العامة لهذا العام ومنذ بدايتها، موجة من الاستياء الكبير، والقلق بين أوساط الطلبة وأولياء الأمور، نتيجة للأسلوب الذي تم اتباعه في وضع أسئلة عدد من المواد، وفي مقدمتها مادتي الرياضيات واللغة الإنجليزية.
حالة الإحباط واليأس التي يعيشها الطالب وجميع أفراد العائلة نتيجة لطبيعة الأسئلة التي تواجههم، والتي يتم العبث بها، كنوع من الحرب النفسية، ولا نعلم ما هو الهدف وراء ذلك، بدليل الاختلاف بين مدرسو المادة الواحدة على الإجابة الصحيحة لبعض الأسئلة، أي أن هناك محاولات متعمدة يستخدمها واضع الأسئلة لإرباك الطالب ومفاجأته بها، ووضعه موضع صعب يفقده ثقته بنفسه، وبمدرسيه، سواء الذين درسوه في المدرسة، أو الذين درسوه من خلال المنصات التعليمية، حتى اصبح هذا الامتحان كابوساً يخيم على جميع أفراد الأسرة.
وقد يكون ذلك لإفقاد الطالب الثقة بما تلقاه من علم ودروس وشرح للمواد من خلال المنصات التي تعتد بنفسها، وتقدم له المعلومات وكأنها الضامن لنجاحه، وبذلك يصبح الطالب ضحية لصراع بين طرفين، يريد كل منهما إثبات قوته ووجوده وتفوقه على الآخر، وتحديه، غير مبالين بمشاعر الأب الذي يكد ويشقى ليلاً و نهارًا ليؤمن لفلذة كبده ثمن البطاقات والمكثفات، والدروس الخصوصية، وكله ثقة بأن ابنه من الناجحين، وسيصبح طالباً جامعياً، يؤمن مستقبله بشهادته المنتظرة، التي يدفع ثمنها الأب من دم قلبه، ولا بمشاعر الأم التي تسهر الليالي الطويلة وتقوم على خدمة فلذة كبدها على مدار الساعة، لتؤمن له الراحة النفسية، كي تراه في قوائم الناجحين والمتفوقين.
لن نشكك أو نطعن بهذا الامتحان الوطني، ونسعى للحفاظ على سمعته المرموقة، إلا أننا نأمل من المسؤولين، وواضعي الأسئلة مراعاة الفروق الفردية ومستويات الطلاب، من جميع النواحي، وأن يتقوا الله، ويضعوا مخافته نُصب أعينهم، عند وضعهم للأسئلة، وأن يبتعدوا عن أسلوب التعجيز، والتحدي، وأن لا يكونوا معول هدم لتعب وجهد الطلاب، و الآباء الذين يضحون بأعمارهم في سبيل رؤية أبنائهم في صفوف الناجحين، ولا سببا لوفاة طالب، أو ضياع مستقبله.
فقد واجه معظم الطلبة أسئلة لا تتناسب لا مع الوقت المخصص، ولا مع المستوى المعرفي لغالبيتهم، مما تسبب في حالة من الإحباط وربما فقدان الأمل لدى الكثيرين منهم.
ننتظر من أصحاب القرار اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإنهاء حالة الضغط النفسي التي تخيم على المجتمع بشكل عام، والكابوس الذي يطارد الطالب ويلقي بضلاله على جميع أفراد أسرته، وانصافهم، فطلبة الثانوية العامة هم أبناء الوطن وشبابه، ورجال مستقبله، ولم يأتوا من كوكب آخر، ونؤكد على أهمية إجراء هذا الامتحان بصورة صارمة تحقق التوازن والعدالة، وتعطي كل ذي حق حقه، دون إفراط أو تفريط، للحفاظ على مكانة وسمعة شهادة الثانوية العامة الأردنية.