صدى الشعب – كتب عبد الحافظ الهبوط
الزيارة إلى مدينة الحسين الطبية محفوفة بالوجع، حال المشافي الصحية الأخرى، لأن هناك من يرقد على سرير الشفاء، فمنهم من يغادر إلى منزله، ومنهم من يغادر إلى غير رجعة.
كنت في زيارة للإطمئنان على صحة ابن الخال يحيى ضيف الله الهروط ، رحمه الله، حتى إذا ما نهضت للمغادرة، قال لي شقيقه محمد، أريد المرور عند بنت ( ابو مهند)حسين العودة، فهي مريضة منذ وقت، وفي غرفة عزل.
تفاجأت بالخبر، إذ لم يكن لي معرفة وعلم بصاحبة الرتبة العسكرية /م١، لا بالاسم ولا بالمرض ولا بالرتبة، فقد تفرّقت بين الأقرباء السبل، مع أن والدي وجدّها من أبيها، رحمهما الله كانا أكثر من شقيقين وأقرب للتوأم.
كانت تلك الأيام ببركاتها تجمع ولا تفرّق، بين الناس، فيما ظلت العائلتان متلازمتين، مكاناً وصحبة ومحبة لسنين طويلة، فـ”بيت الشَعَر” .. واحد.
ذهبت مع ( ابو شام) وزوجته، لزيارة المريضة، واحتراماً لحشمتها ولتعليمات الزيارة، لم ندخل إلى غرفتها، واكتفينا بدخول أم شام، فيما انتظرنا مع زوج عبير، .. نايل محمد الرواحنة وقد ضيّفنا القهوة العربية وتبادلنا معه أطراف الحديث، بكل أريحية وود.
دقائق معدودة، وإذ بالنشمية ذات الرتبة العسكرية تخرج الينا مع (أم شام)، وقد عرفّتها الأخيرة إليّ، وهي المرة الأولى التي أشاهدها بها، فرشقتني “أم أحمد ” بابتسامة وعبارة ترحيب نزعت
بهما كل الهواجس والخوف الذي لازمني طوال انتظاري، وبمخيال حاصرني، بأي حال ستكون هي فيه من صحة، وبأي مظهر هي عليه كإنسانة تخوض معركتها، وقد امتحنها الله بهذا المرض الخبيث؟!.
وجه بشوش ووضاء، سطع أمامي، ومعنويات لا يمتلكها إلا المؤمنون والمؤمنات بالله وقضائه وقدره، استشعرت بها وأنا أستمع لها، زادت عليها كلمات عذبة، وأنها لم تفكر لحظة بالخوف، بل مطمئنة إلى حكمه جل جلاله، قبل أن تتوج كلامها بـ” الحمد لله على كل شيء.. هيّني ما شاء الله”.
ذاك الموقف وبما يحمله من صلابة وإيمان، لم يهرب من ذاكرتي، حتى إذا ما التقيت والدها في إحدى مناسبات العشيرة، أخبرته بما شاهدت وسمعت من ابنته ، وأن مثل هذه الشابة من حقك أن ترفع رأسك بها، ومن حقنا كأهل وعشيرة أن نفخر بسمعتها، ونأخذ من صبرها عزيمة عند كل مرض.
رحمها الله، وعظم أجرنا، أهلاً وذويها، عشيرة وقبيلة، .. إنا لله وإنا اليه راجعون.