صدى الشعب – محمد قطيشات
عمّت حالة من الغضب العارم عربيًا ودوليًا بعد حادثة حرق المتطرف السويدي سلوان موميكا نسخة من المصحف الشريف في العاصمة ستوكهولم، أول أيام عيد الأضحى المبارك، عند مسجد ستوكهولم المركزي، بعد أن منحته الشرطة السويدية تصريحًا بتنظيم الاحتجاج إثر قرار قضائي.
تعمد استفزاز مشاعر المسلمين بمثل هذا العمل الاجرامي الدنيء الذي ارتكبه المتطرف السويدي وتواطؤ سلطات بلاده بحجة حرية التعبير أمر لا يمكن قبوله، ويستلزم محاسبة ومعاقبة كل من يشجع ويقف خلفه.
وكانت محكمة سويدية أصدرت قرارًا يقضي بإلغاء حظر حرق المصحف الشريف خلال المظاهرات العامة، بعد أن كانت شرطة هذا البلد قد اعترضت في الثامن من شباط الماضي على قيام متظاهرين بحرق نسخة من المصحف الشريف أثناء مظاهرات في العاصمة ستوكهولم، وبررت الشرطة قرارها بخشيتها من أن أعمال عنف قد تصاحب هذا العمل المستفز لمشاعر المسلمين.
هذه الإساءات الفاضحة تستهدف نشر ثقافة الكراهية والتعصب ولا تؤمن بقيم التسامح، وخطوة استفزازية خطيرة من شأنها تأجيج مشاعر أكثر من مليار مسلم في هذه الفترة المقدسة التي تتزامن وموسم الحج وعيد الأضحى، وهذه ليست المرة الأولى في السويد، ففي كانون الثاني الماضي، أحرق زعيم حزب “الخط المتشدد” الدنماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان نسخة من المصحف قرب السفارة التركية في ستوكهولم، وسط حماية من الشرطة، ما أثار احتجاجات عربية وإسلامية، بموازاة دعوات إلى مقاطعة المنتجات السويدية.
وجاء الموقف الأردني نموذجًا قويًا، حيث استدعت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، اليوم، السفيرة السويدية في عمّان، وأبلغتها احتجاج الأردن الشديد على سماح الحكومة السويدية لمتطرفين بإحراق نسخة من المصحف الشريف في العاصمة ستوكهولم يوم أمس الأربعاء.
ودانت الوزارة حرق نسخة من المصحف الشريف واعتبرته فعلاً عنصرياً من أفعال الكراهية الخطيرة، ومظهراً من مظاهر الإسلاموفوبيا المحرضة على العنف والإساءة للأديان، وأكدت أن مثل هذه الأفعال لا يمكن تبريرها في سياق حرية التعبير مطلقاً.
وجددت الوزارة رفضها وإدانتها لمثل هذه الأفعال التي تعتبر جريمة واستفزازاً لمشاعر أكثر من ملياري مسلم حول العالم.
وأكدت الوزارة ضرورة التصدي لمثل هذه الأفعال الاستفزازية والمسيئة التي تمثل أحد أبشع صور ثقافة الكراهية ووقفها، وعلى ضرورة احترام الرموز الدينية والعمل على نشر وتعزيز ثقافة السلام وقبول الآخر، وزيادة الوعي بقيم الاحترام المشترك.
كما دان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حرق المصحف، ونقلت وكالة سبوتنيك عنه قوله خلال زيارة لمسجد في دربند: “روسيا تكن احتراما شديدا للقرآن ولمشاعر المسلمين الدينية، وعدم احترام هذا الكتاب المقدس في روسيا جريمة”.
وأضاف بوتين “في بلدنا هذه جريمة (حرق القرآن)، بموجب الدستور والمادة 282 من القانون الجنائي لروسيا، هذه جريمة، عدم الاحترام والتحريض على الكراهية بين الأديان، وسنلتزم دائما بهذه القواعد التشريعية”.
كما طالب رئيس الدوما (مجلس النواب) الروسي فياتشيسلاف فولودين بصياغة قرار يدين “ممارسات السلطات السويدية ضد المسلمين، والتي سمحت بحرق نسخة من القرآن الكريم”.
وقال فولودين -خلال جلسة للمجلس- هناك اقتراح بأن تقوم لجنة مجلس الدوما بإعداد قرار بحلول يوم غد الخميس، يدين السويد”، وأضاف موجها حديثه للنواب “أعتقد أنكم ستتفقون معي فيه، يجب أن ندين تصرفات سلطات ستوكهولم التي سمحت بحرق القرآن قرب المسجد”.
من جانبه، شدّد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم البديوي، في بيان، على ضرورة التحرك الفوري للسلطات السويدية لمنع هذه التصرفات التي تدل على الحقد والكراهية والتطرف، محملاً السلطات السويدية مسؤولية كافة ردود الفعل الناتجة عن هذه الأفعال الشنيعة والتحريضية والمنافية لمبادئ التسامح وحرية الأديان.
كما دانت رابطة العالم الإسلامي- بأشدّ العبارات- جريمةَ حرق نُسخةٍ من المصحف الشريف في العاصمة السويدية ستوكهولم، في مشهدٍ مُشينٍ واستفزازيٍّ لمشاعر المسلمين، لا سيما في عيد الأضحى المبارك.
وفي بيانٍ للأمانة العامة للرابطة، ندَّدَ الأمين العام، رئيس هيئة علماء المسلمين،الشيخ الدكتور محمد العيسى بهذه الجريمة العبثية النكراء، التي تمَّت تحت حماية الشرطة بدعوى حرية التعبير، بينما هي في حقيقتها تسيء- في جملة إساءاتها- إلى المفهوم الحقيقي والرشيد للحريات وفق مبادئها التي تنادي باحترام المقدس وعدم إثارة المشاعر نحوه بأي استفزاز تحت أيِّ ذريعة، مجدِّدًا التحذيرَ من أخطار الممارسات المحفزة للكراهية، وإثارة المشاعر الدينية، التي لا تخدم سوى أجندات التطرُّف.
خلاصة القول، هذه الجريمة الشنيعة وتعمد استفزاز مشاعر المسلمين يستلزم محاسبة ومعاقبة كل من يشجع ويقف خلفها، ويجب تجاوز حالة الشجب والتنديد إلى خطوات عملية ليس أولها مقاطعة المنتجات السويدية أو عدم السفر الى تلك البلاد..ويبقى التساؤل..هل نتجاوز حالة الشجب والاستنكار إلى رد أكثر فاعلية نصرة للدين الاسلامي الحنيف وللمصحف الشريف. .