صدى الشعب – كتب: فيصل تايه
“يبدو” ان الكلمة المتوازنة لم بعد لها أي قبول وليس لها أي مكان في خانة المراجعة الذاتية وضمن اجندات البعض ، بل أنها لا تعجب “ذلك البعض” الذي يطلق على أصحاب الخطاب المتوازن العقلاني بـ”ماسك العصى من النصف” ويعني لابد أن تكون كلمتك واضحة “مع او ضد” ، لكن ما يهمنا هو الخطاب الوطني المتوازن ، والذي هو ثمرة ندية يغرس بذورها ابناء الوطن الناصحون بعيداً عن خطب التأنيب والتجريح والنقد الذي لايبتغي بناء ، ولا يكرس مفهوما توعويا فاضلاً في تقويم الاعوجاج ومعالجة الأخطاء بالصورة المثلى وبالأسلوب الحكيم .
اننا وحين نتابع العديد من الخطابات المتناقضة ، كم تكون الصورة مفزعة ومقززة إذا ما أدمن اصحابها على شهوة التقصي للصفحات السوداء في مواقع التواصل الاجتماعي ، والبعض ممن يقتفي أثرهم ، فما كانوا يوما لا انهم يتلذذون بالتشهير ، بعكس ما يمكن ان يشهده الخطاب الوطني ، والذي يتطلب في بعض ملامحه نشوة غامرة واعتزازاً مفتخراً بوحدتنا الوطنية ، لكن العتب على الذي يتجه الى السلبية مفتقراً إلى المنهجية العقلانية السليمة ، فلا عجب عند ذلك في اعوجاج الخطاب المتوازن وانحرافه عن مساره الصحيح .
نتمنى دائماً أن يعلو الصوت المتوازن الحريص على أمن واستقرار الوطن والمشع لقيم المحبة والاخاء والثقة والتفاهم والحوار ، والاتفاق على لغة حكيمة “تئد الفتنة” في مهدها ، وتحقق السلام النفسي لكل أبناء الوطن ، فعندما ننظر إلى كافة المعطيات الاقليمية والدولية وما يشوبها من حذر متنامي ، نجد المتربصين يشيعون خطباً كئيبة تحمل في مضامينها لغة سوداوية تستهدف امننا واستقرارنا باستهداف متعمد لكافة مكونات نسبجنا الوطني الواحد ، لذلك يجب أن نقف عند هذا بعزيمة لا تلين وبدون خوف او وجل أو شطط ، بمعنى يجب ان ندرك اننا أمام وضع من يحركه اجندات قمئة ، ودوافعه بغيضة فهذا يجب أن نستوعبه جيداً ، فوراء ذلك كله خطط ومؤامرات وأهداف سوداء قاتمة ، لذلك فالعقلانية تقتضي التعامل بخطوات استباقية تفضي إلى تغيير ايجابي وإحباط أي محاولة أو نوايا خبيثة ذلك بالرهان على وعي وادراك كافة مكونات مجتمعنا لتكون بحجم المؤامرة .
هنا نشدد على الموقف المتوازن القائم على التقييم الموضوعي للواقع الذي أصبح ينشد الاستقرار والامان ولا نتجاهل مطالب الوطن بعيداً عن الشعارات المستفزة وغير الواقعية ، فنتعامل مع كافة المعطيات بروح ايجابية ونستدعي كل من يعارض نهجنا الوطني الذي اتخذناه في مسيرة حياتنا إلى طاولة الحوار البناء وعلى اعلى المستويات وهناك يدور النقاش حتى يتم التوصل إلى تعرية الباغين والحاقدين بحلول جذرية واقعية ووسردية وطنية ضمن خطاب متوازن مقنع ويترك الشارع “يحكم” ، فلا داع لأن “ننجر” إلى عراك ومصادمات ونقاشات وصراخ مزعج وتفرجة مقلقة عبر القنوات الاعلامية المختلفة .
يجب ان نعي تماما وبلا شك أن الخطاب السياسي غير السوي الذي ينال من استقرار وأمن وتماسك المجتمع ووحدة الوطن ، ويغلب الولاءات الضيقة على المصلحة العامة يمثل ترويجا لثقافة الحقد والكراهية التي يسعى المضللون لتكريسها ، وللأسف أن أولئك يستغلون حرية الرأي والتعبير أسوأ استغلال ، فيسخرونها لخدمة أغراضهم الدنيئة ومصالحهم الذاتية من خلال بث التمزق والفرقة بين أبناء الوطن الواحد ، ذلك بتشويه الصورة الحقيقية لكل نجاح على أي صعيد ، ولكل منجز وطني في أي مجال ، بدلا من تسخير تلك الوسائل الحضارية لمصلحة الوطن أرضا وإنسـانا ، ولتعميق الوحدة الوطنية، وتبني النقد البناء البعيد عن المزايدة والتعصب لأية انتماءات أو ولاءات غير الانتماء للوطن ووحدته العظيمة ونهجه الديمقراطي .
الان وبعد كل هذا الاجترار والتجييش ضد خطابنا الرسمي لابد من ان يسهم الخطاب السياسي والاجتماعي في تعميق الهوية الوطنية في أوساط كافة مكونات مجتمعنا الواحد ، ولابد أن يكرس هذا الخطاب لتنمية ورفع مستوى الوعي وتشجيع ملكات التلاحم والتعاضد لدى أبناء الوطن ، ذلك برسيخ ارتباط الجميع بقضايا الوطن، والمشاركة الفاعلة في عملية البناء والتنمية، إضافة إلى الاهتمام بتفعيل وتعزيز ثقافة الحوار بين كافة أطياف الشعب وشرائحه المجتمعية بعيدا عن لغة التجريح التخوين لتصبح هي الثقافة السائدة في المجتمع، والأسلوب الحضاري الذي ينظم العلاقة بين الأفراد والجماعات .
اليوم .. لابد أن يقتنع الجميع بأن هناك ثوابت وطنية لا مساس بها ومرجعيات دستورية وقانونية جميعها تشكل قاعدة لأي حوار بناء ، وأساسا لقواعد العمل السياسي والديمقراطي ، وبناء على ذلك يمكن أن يكون الحوار عنصرا رئيسيا في حياة مختلف فئات المجتمع ، بل ويجب أن يعرف المارقون والانتهازيون بأن المواطن الاردني من مختلف الاصول والمنابع والمشارب يمتلك من الوعي ما يجعله يفرق بين من يعمل لمصلحته أو يعمل ضده ، ومن هذا المنطلق لابد أن يـرد كيد أولئك من أرباب التشكيك والأكاذيب في نحورهم ، لذلك يجب يدرك ابناء الوطن أن هناك من يسعى لإشاعة الفوضى والتوتر وإثارة الفتن ، ولا بديل لإيقاف تلك الممارسات غير السوية سوى تعزيز الوحدة الوطنية التي تمثل السياج المنيع لحماية الوطن من كافة التحديات والأخطار ، من خلال الخطاب السياسي المتوازن والممارسات الصائبة .
اليوم .. تقتضي المصلحة الوطنية العليا أن يكون للخطاب السياسي دور أكثر فاعلية في ترسيخ الوعي بأهمية مختلف القضايا الوطنية، وجعل لغة الحوار هي الوسيلة الأساسية لتعميق روح التآلف والانسجام بين كافة القوى الوطنية حفاظا على السلام الاجتماعي وعلى الخيار الديمقراطي ورعايته، وترسيخ منطلقاته الفكرية والثقافية والسياسية, وكل ذلك بالطبع يهيئ المناخ المناسب لإنجاز تطلعاتنا في التطور والتنمية وكما أرادها سيد البلاد .
والله ولي التوفيق