في السعودية والامارات وكندا والولايات المتحدة واستراليا ونيوزلندة وفي مختلف ارجاء العالم يقيم اكثر من مليون اردني. منذ عقود رحل البعض منهم لغايات العيش الدائم في البلدان التي هاجروا اليها في حين ارتحل البعض الآخر لغايات الدراسة او العمل غير متيقن فيما اذا كان بإمكانه ان يبقى بعيدا عن الوطن او انه سيعود يوما الى مسقط رأسه او الى حيث عاش الايام الاولى ونظر الى العالم من شقوق جدران خصوصية امته الثقافية.
الكثير من الاردنيين ابقوا على تواصلهم مع الوطن الأم وحافظوا على مذاق القهوة العربية السمراء وطقوس إعداد المنسف والتحلق حوله كلما ارادوا ان يعبروا لزوارهم عن تمسكهم بهويتهم وصمودهم في وجه تيارات التغريب والتمثل لثقافات الشعوب في البلدان المضيفة. الى جانب هذه الفئة توجد نسبة كبيرة من الاشخاص الذين اندمجوا في المجتمعات التي انتقلوا اليها واستدخلوا كل نماذج التفكير والشعور والتصرف التي لا تميزهم عن ابناء البلدان المضيفة.
في الوقت الذي يتطلع فيه البعض للعودة للبلد الأم يتعلق الكثير منهم بهوية وثقافة ونمط حياة الناس في البلدان المضيفة ويتجنب غالبيتهم الخوض في فكرة العودة خشية ان يخسروا الامتيازات التي وفرتها هذه المجتمعات لهم ولأطفالهم ويقفز لأذهانهم صورة ما يمكن ان تكون عليه اوضاعهم لو لم تتح لهم فرص الهجرة والتمتع بفرص العمل والمستويات الرفيعة من الخدمات الصحية والتعليمية والامن الاجتماعي الوظيفي. في بلدان الشرق والغرب يشعر غالبية المغتربين انهم قطعوا اشواطا طويلة وفرت لهم احساسا كبيرا بالأمن الاقتصادي والاجتماعي والرعاية التي يحتاجون لها ويخشون الا تتوفر لهم بنفس المستوى في بلدهم الأم.
بالرغم من وجود وزارة تعنى بشؤون المغتربين الا ان المعلومات حول اعداد الاردنيين الموجودين في بلدان العالم واوضاعهم ورغباتهم في البقاء او العودة ما تزال محدودة وربما غير مؤكدة. من وقت لآخر تعمل السفارات الاردنية على التواصل مع بعض جمعيات الاردنيين في الاغتراب كما توفر لهم بعض الخدمات القنصلية المتعلقة بتجديد الجوازات والمصادقة على بعض المعاملات اضافة الى جملة من الخدمات الروتينية المعتادة.
في بلدان المقصد التي تستضيف المغترب ينظر ابناء الاردن ممن يتملكهم الحنين الى العلم والسفارة والكوفية الحمراء كرموز يلتف حولها الجميع. في المناسبات والاعياد القومية والوطنية والدينية يلتقي الجميع حول هذه الرموز ويزداد الحنين حيث تشحن النفوس بمشاعر الحب والاعتزاز والزهو والتقارب مع ابناء الجالية ويشترك الافراد بشعور جمعي أخاذ مستمد من الحاجة الى الانضواء في كيان نفسي ووطني ثقافي سياسي يعبر عن ماهيتهم ووجودهم.
لإشباع هذه الحاجة الملحة اسس الاردنيون في المهجر العشرات من الجمعيات والنوادي والمنتديات التي تجمع الجاليات وتوفر لهم الاطار الذي يمكنهم من التواصل والتباحث والتعاون والعمل المشترك من اجل تحسين أحوالهم والتعبير عن هويتهم. في السعودية وقطر والامارات العربية والمانيا والولايات المتحدة الاميركية قطعت نوادي وروابط الجالية اشواطا مهمة واتخذت خطوات عملاقة لتجسير الفجوة بين افراد الجالية والبعثات الدبلوماسية لبلدهم.
في كل عام تنظم نوادي المغتربين عشرات اللقاءات والاحتفالات وتستدعي شخصيات وفنانين من البلد الأم كما لا تتوقف عن طرح وإظهار وضمان حضور بلادهم في المناسبات التي تعقد في مواطن اقامتهم. الشيء الذي تفتقر له استراتيجياتنا يتمثل في التعرف على امكانات واستعدادات الاردنيين للعمل والاستثمار والتعاون في المناطق والاقاليم المختلفة في الاردن وكيفية توظيف هؤلاء الرواد في خدمة تسويق المنتج الاردني والترويج السياحي والاقتصادي للأردن الذي عرفوه وعرفوا امكانياته وخصوصيته اكثر بكثير ممن تقوم باستخدامهم لأداء هذه المهمة.
” البلاد طلبت أهلها” مقولة لا تعني ان يعود المغترب الى البلد فحسب بل تمتد لتشمل ان يقوم ابن البلد بخدمتها اينما كان وكيفما اراد.