صدى الشعب – عبد الكريم توفيق
يبرز ملف إعادة تأهيل وفتح جمرك الرمثا كواحد من أهم المواضيع التي تشغل الرأي العام في شمال الأردن، حيث يُعتبر الجمرك، الواقع على الحدود الأردنية السورية، بوابة اقتصادية حيوية لها تأثير مباشر على الحركة التجارية والتنموية في المنطقة. ومع تصاعد الحديث عن احتمال إعادة تأهيله، يبرز تساؤل: هل ستكون هذه الخطوة بداية مرحلة جديدة من الانتعاش الاقتصادي، أم مجرد حلقة أخرى من الجدل حول الخطط التنموية غير المحسومة؟
جمرك الرمثا: رمز للتواصل الاقتصادي والتاريخي
لطالما كان جمرك الرمثا عنصراً محورياً في العلاقات التجارية بين الأردن وسوريا، إذ يربط بين الأسواق الأردنية والدول المجاورة، خاصة في ظل الموقع الاستراتيجي للمدينة. ومع توقف العمل في الجمرك لفترة طويلة، تأثرت الحركة التجارية بشكل كبير، مما أدى إلى تراجع النشاط الاقتصادي في المنطقة.
رئيس بلدية الرمثا احمد محمد كريم الخزعلي أكد في تصريحات لـ”صدى الشعب” أن “إعادة فتح جمرك الرمثا ليست مجرد خطوة لتحسين البنية التحتية، بل هي مشروع اقتصادي متكامل يمكن أن يغير وجه المدينة بالكامل، وأضاف” أن إعادة تأهيل الجمرك ستخفف الضغط عن المعابر الأخرى وتعيد للرمثا دورها كمنطقة محورية للتجارة والنقل.
الناطق باسم وزارة الداخلية طارق المجالي بين لـ”صدى الشعب” أنه لا يوجد أي معلومات لغاية اللحظة حول اعادة فتح جمرك الرمثا من عدمه مشيراً إلى أن اعادة تأهيل جمرك الرمثا خطوة هامة تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني.
من جانبه أكد الناطق باسم الجمارك الأردنية سائد عاشور لـ”صدى الشعب” أن الجمارك جهة تنفيذية تُنفذ ما يوجه اليها، وأنها قادرة على ادارة جمرك الرمثا على “قدم وساق” في حال إعادة تشغيله.
وأشار أن كوادر الجمارك على أهبة الاستعداد لأي تعليمات بخصوص اعادة فتح جمرك الرمثا وعلى أعلى المستويات.
من جهته لفت الناطق باسم وزارة الصناعة والتجارة ينال البرماوي لـ”صدى الشعب” إلى وجود خلية عمل مشتركة ما بين المنطقة الحرة الأردنية – السورية المشتركة والجهات ذات العلاقة بتسهيل حركة السلع والبضائع في الاتجاهين من خلال معبر نصيب جابر الحدودي.
وكشف البرماوي في حديثه لـ” لصدى الشعب” أنه أكثر من 1000 شاحنة محملة بالبضائع عبرت بالاتجاهين منذ استئناف العمل في معبر نصيب جابر ولغاية اللحظة، مؤكداً أن التنسيق جار وعلى أعلى المستويات لتسهيل حركة البضائع الأردنية والسورية الداخلة إلى المملكة أو الذاهبة ترانزيت إلى بلدان أخرى.
فوائد إعادة التأهيل: ما وراء الأرقام
إعادة تأهيل جمرك الرمثا تحمل مجموعة واسعة من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية، تجعل منها ضرورة استراتيجية للمنطقة بأسرها:
• تعزيز التجارة البينية:
يمكن للجمرك أن يسهم في زيادة التبادل التجاري بين الأردن وسوريا والدول المجاورة، ما يفتح الباب أمام تنشيط الأسواق المحلية ورفع معدلات النمو.
• تحفيز الاستثمار المحلي:
وجود جمرك محدث وفعال سيدفع الشركات والمستثمرين للاستفادة من التسهيلات الجمركية، مما يعزز النشاط الصناعي والخدمي في المنطقة.
• خلق فرص عمل جديدة:
إعادة فتح الجمرك ستتطلب توظيف كوادر جديدة للعمل في العمليات الجمركية، فضلاً عن الفرص غير المباشرة في مجالات النقل والتخزين والخدمات المساندة.
• تخفيف الضغط عن المعابر الأخرى:
الجمرك سيسهم في تقليل الاختناقات المرورية والضغط على المعابر الحدودية الأخرى، مما يعزز كفاءة العمليات الجمركية على مستوى المملكة.
• تحسين الخدمات والبنية التحتية:
إعادة التأهيل تشمل تطوير أنظمة العمل الجمركي وتحديث المرافق، ما يوفر بيئة أكثر كفاءة وأماناً للتجار والمسافرين.
التحديات أمام المشروع
رغم الفوائد الواضحة، يواجه مشروع إعادة تأهيل جمرك الرمثا تحديات متعددة تحتاج إلى معالجة حاسمة:
• التكاليف المالية:
تحديث البنية التحتية وتطوير الأنظمة الجمركية يتطلب استثمارات كبيرة قد تكون عائقاً في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة.
• الوضع الأمني:
قرب الجمرك من الحدود السورية يجعله عرضة للتحديات الأمنية، وهو ما يتطلب خططاً محكمة لضمان استقرار العمليات.
• التنسيق بين الجهات المعنية:
يتطلب المشروع تعاوناً وثيقاً بين الوزارات والجهات المختصة لضمان تنفيذ الخطة بكفاءة وشفافية.
• التصريحات المتضاربة:
غياب الوضوح في التصريحات الرسمية حول إعادة فتح الجمرك يزيد من الشكوك ويضعف ثقة الجمهور في جدية المشروع. مصدر مسؤول في الجمارك أكد لـ”صدى الشعب” أن “لا توجد معلومات مؤكدة حتى الآن حول إعادة فتح الجمرك.”
رؤية مستقبلية لجمرك الرمثا
إذا ما تم التعامل مع هذا المشروع بجدية وشفافية، يمكن لجمرك الرمثا أن يتحول إلى نموذج يحتذى به في تعزيز البنية التحتية الجمركية. الرؤية المستقبلية يجب أن تشمل:
خطط تطوير مستدامة:
تشمل إنشاء مرافق حديثة، واستخدام التكنولوجيا في العمليات الجمركية لتسريع الإجراءات وضمان الشفافية.
تعاون إقليمي:
تعزيز التنسيق مع سوريا والدول المجاورة لضمان تحقيق التكامل الاقتصادي والاستفادة المتبادلة.
تعزيز الثقة الشعبية:
من خلال إشراك المجتمع المحلي والتجار في عملية التخطيط والتنفيذ، لضمان أن تكون الخطط متوافقة مع احتياجاتهم وتطلعاتهم.
رسالة إلى أصحاب القرار
إعادة تأهيل جمرك الرمثا ليست مجرد قضية محلية تخص مدينة أو منطقة، بل هي مشروع وطني له انعكاسات استراتيجية على الاقتصاد الأردني. في وقت تحتاج فيه المملكة إلى كل أداة ممكنة لتعزيز النمو، يصبح من الضروري تنفيذ هذا المشروع بأسرع وقت ممكن، مع الالتزام بمبادئ الشفافية والحوكمة الرشيدة.
إن الجمرك ليس مجرد مبنى أو نقطة عبور، بل هو جسر يربط بين الشعوب والأسواق، واستثمار طويل الأمد في استقرار الأردن وازدهاره الاقتصادي. على الجهات المختصة أن تدرك أن الجمرك يمكن أن يكون مفتاحاً لفرص جديدة، وأن تبدأ فوراً بتحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس يخدم الجميع.